كتبت ـ ريناتا عزمي وياسمين صلاح:في محاولة أسفرت عن نجاح هائل، بدأت رحلة فيلم «وجدة» للمخرجة السعودية هيفاء المنصور منذ مايو 2009 وحتى نهايات 2012، ليكلل بالنجاح في العديد من المهرجانات السينمائية العالمية كمهرجان برلين، وهي أول مخرجة سعودية تصور فيلماً داخل المملكة وتحديداً في منطقة الرياض بالتعاون مع ستوديوهات روتانا.وتحدثت المنصور عن فيلمها «وجدة» في ندوة نظمتها جامعة البحرين أمس، واستضافتها مركز الدراسات الأمريكية، وشاركت الجميع تجربتها وما واجهها من مصاعب كامرأة تخرج أول فيلم سعودي وتصوره داخل الرياض. ويعد «وجدة» أول فيلم سعودي روائي طويل ينتج في العاصمة الرياض، وهو عمل فني يصور حياة فتاة سعودية تتمنى ركوب الدراجة ومسابقة أبناء حيها، حتى تتمكن أخيراً من تحقيق رغبتها المكبوتة. بتصريحات من وزارة الثقافة السعودية، وبمساعدة الشرطة المحلية تارة، وبالاستعانة بطاقم تصوير ألماني وبإنتاج من شركة رازور للأفلام، أنجبت المنصور «وجدة» لترتقي بالوعي والفكر العربي السعودي وتخرج به للعالمية. واختارت المخرجة الطفلة «وعد» بطلة الفيلم من بين مئات الفتيات تقدمن بطلب لعب دور وجدة، ولكن الروح المرحة والتمكن الممتاز من عكس نص سيناريو الفيلم على مرآة وجه وعد ابنة الـ12 سنة، مكنها من أسر قلوب هيفاء ليقع الاختيار عليها في لعب دور البطولة في الفيلم.«وجدة» من الوجدوفي سؤال لـ»الوطن» عن سبب إطلاق اسم «وجدة» على الفيلم تقول المنصور «يشتق اسم وجدة من الوجد، أي الحب، لم أرغب في أن تكون شخصية واجدة السعودية كأي فتاة أخرى، وكذا الحال بالنسبة للاسم أردته مميزاً، خاصة أن الفيلم يتحدث عن حقوق المرأة، رغبت في أن يؤطر الفيلم بإطار شاعري حساس يطرق باب القلب وكذا العقل».وفي حديثها عن صعوبات واجهتها قبل وأثناء تصوير الفيلم، تحدثت المخرجة عن الكلفة الإنتاجية الكبيرة التي وقفت عائقاً في البداية أمام إنتاج فيلمها، وقالت «إن قناعة أحد باستثمار أمواله في فيلم يصور في السعودية كان تحدياً كبيراً، لم يؤمن أحد بقدرتي على تصوير فيلم والنجاح به في الرياض نظراً للتقاليد والأعراف العربية الإسلامية السائدة».بدأت المنصوري بالحصول على المال من أوروبا حيث إن الفيلم أنتج بتعاون ألماني سعودي «بالنسبة لي كان هذا أكبر تحد وهو كيفية الحصول على ميزانية الفيلم، ثم عدم تقبل الناس لفكرة أن أصور فيلماً عن فتاة سعودية، من المهم جداً احترام الثقافة والبلد الذي أنتمي إليه، ومعنى امتلاكي لفكرة أريد تنفيذها لا يعني أن أتضارب مع العادات والمعتقدات الدينية القائمة، احترمت هذا الشيء في تصويري للفيلم حتى يحترمه كل من يشاهده في دياري السعودية وينال إعجابهم، وحاولت قدر الإمكان احترام الثقافة السعودية وإعطاء الثقة والقوة والمكانة للمرأة ومنح حق الحرية للفتيات الصغيرات بعيش طفولتهن كحق اللعب بدراجة هوائية مثلاً».محور الحكايةوترمي قصة «وجدة» للإيمان بالحلم والإصرار على تحقيقه مهما كانت الصعاب، كما إن زحمة الحياة والظروف الخاصة التي تعيشها المرأة السعودية ربما تمنعها من ممارسة بعض الترفيه، فجاء تسليط الفيلم على دراجة يلعب بها الأولاد وتحرم منها الفتيات.«وجدة» لا يتحدث عن قضية كتمان حرية المرأة فحسب، بل يقفز فوق أحلام فتاة بريئة يحكي قصة طفلة عمرها 11 سنة تحاول الحصول على دراجة، بحسها الفكاهي وشقاوتها المضحكة.وقدمت المخرجة بعض النصائح التحفيزية لتشجيع فئة الشباب على إخراج الأفلام «من المهم جداً أن يكون لديك فكرة تريد تنفيذها كفيلم، وأن تحصل على أناس حولك لدعمك وتحفيزك، ومن الصعب في منطقة الخليج العربي أن يفهم من حولك سياسة إنتاج الأفلام، حيث إن المتعارف عليه في المنطقة هو إنتاج المسلسلات، وأرى أن أفلام الأكشن والرعب كبداية لمخرج جديد قد تكون صعبة التنفيذ، لذلك أنصح كل من لديه فكرة فيلم من هذين النوعين أن يعيد النظر فيها».وقالت «يجب أن يعكس الفيلم نفسك وشخصيتك وما في داخلك حتى ينجح، ولدينا الآن العديد من الأماكن التي تتبنى الأفكار وتساعد في إنتاج الأفلام، مثل معهد دوحة للأفلام، مهرجان دبي للأفلام ومهرجان الخليج للأفلام الذين يعدون فرصاً ذهبية للشباب لصعود سلم إنتاج الأفلام والظفر بها، حيث كانت بدايتي أنا شخصياً من مسابقة الإمارات للأفلام القصيرة».ويعد «وجدة» بداية للواقعية السعودية وطريقاً ونموذجاً للإنتاج العربي الخليجي، ودعت المنصور كل الأطراف المهتمة بهذا الشأن إلى التعاون مع شركات عالمية والسعي لفتح سوق عربي بصفة عالمية ليجد منتجو الأفلام متنفساً ومأوى لنصوصهم العربية وتحويلها لأفلام. وأخرجت هيفاء المنصور في مسيرتها الفنية 4 أفلام «الرحيل المر»، «أنا والآخر»، «نساء بلا ظل»، وأخيراً فيلم «وجدة»، وحصدت جوائز عدة منها جائزة الخنجر الذهبي لأفضل فيلم وثائقي بمهرجان مسقط السينمائي، وعن فيلم وجدة حصلت المنصور على جائزة أفضل فيلم روائي طويل في مسابقة «المهر العربي» في مهرجان دبي السينمائي.