من الأم تيريزا، الحائزة على «جائزة تامبليتون ونهرو» من أجل تحقيق العيش المشترك بين الديانات المختلفة والتفاهم بين الدول، إلى ريغوبيرتا مينتشور، الحائزة على جائزة نوبل للسلام تقديراً لعملها من أجل العدالة الاجتماعية والتفاهم بين الأعراق والثقافات المبنيين على احترام حقوق السكان الأصليين، وليما غبوي ناشطة السلام الليبرالية والمسؤولة عن حركة السلام التي عملت على وضع حد للحرب الأهلية الثانية في ليبيريا، والناشطة اليمنية توكل كرمان أول امرأة عربية تحصل على جائزة نوبل للسلام، كل أولئك النساء وغيرهن عملن بجهد، موظفات إمكاناتهن وقدراتهن المتاحة ليصنعن واقعاً أكثر سلاماً وأفضل استقراراً.فلقد أثبتت النساء طيلة العقود الماضية وعلى مستوى عالمي جنوحهن نحو التوافق والتفاهم، وكيف أنهن ينزعن بطبيعتهن إلى إيقاف النزاع ونشر السلام وتحقيق الأمن. فالشعور بالأمان يعتبر أحد الاحتياجات العميقة والأكثر أولوية للنساء، ولذلك السبب وغيره فقد تم إدماجهن مؤخراً بشكل كبير في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، حيث لوحظ بأن وجودهن بين أفراد حفظ السلام يمكن أن يساهم بشكل كبير في الحد من الصراعات والنزاعات وتوفير إحساس أوفر بالأمن لدى السكان المحليين، سيما النساء والأطفال. إن طبيعة الظروف التي يمر بها العالم اليوم بما أفرزته من صراعات وحروب يتطلب أن يكون لكل فرد منا دوره في تحسين واقع الحياة، وأن يدرك كيف يمكنه تحقيق هذا الدور بفعالية حتى لو صعبت الظروف أو استحكم اليأس على الواقع المعاش، فهذا كله رهن اختيارنا وقدرتنا على رصد موقعنا الأفضل الذي نريده في ساحة التغيير. فالنساء اليوم مازلن مبعدات عن كثير من مواقع اتخاذ وصنع القرار ومن العديد من فرص المساهمة الحقيقية في البرامج التنموية، ومازالت الفرص المتاحة أمامهن محدودة ومقيدة عن إبراز طاقاتهن وإنجازاتهن، وهذا يتطلب أن تبادر النساء أنفسهن بخلق فرص جديدة دون انتظار أن تتاح لهن من الخارج، لأنها وإن أتيحت قد لا تكون بالشكل المأمول.إن حفظ المجتمع من الصراع ونبذ الخلاف ونشر السلم وقيم التسامح والتعايش واجب أخلاقي لا يشترط القيام به تبؤ منصب سياسي أو امتلاك مؤهلات أكاديمية. فالقدرة على الاستفادة من أضعف الفرص وتوظيف أقل الإمكانات هي النجاح الذي يمكن البناء عليه، لأنه يساهم في توليد إمكانات جديدة وخلق بدائل أخرى تحقق نجاحات أكبر وتعكس آثاراً أوسع. لذلك ما تحتاجه النساء أولاً في هذا المجال هو أن تعي قدراتها في بناء السلم العالمي، وبأن هذه القدرة غير مشروطة بظروف معينة وإمكانات محددة، بل هي متصلة إلى حد كبير بالإرادة الذاتية والتي يتم ترجمتها من خلال توظيف ما تملكه النساء من قدرات مهما كانت محدوديتها. فدور النساء في صنع السلام لا يقتصر على وجودهن في مجالس المفاوضات وعمليات إعادة الإعمار أو أثناء التحول الديمقراطي في مرحلة ما بعد الصراع، بل يبدأ هذا الدور في وقت مبكر في محيط أسرهن وتربية أبنائهن من خلال ترجمة قيم السلام إلى واقع معاش وسلوكيات يومية يتم إكسابها للأبناء. فيعملن على تنشئة أجيال صالحة ومؤهلة لإصلاح المجتمع واستنقاذه من الصراعات والخلافات. في يوم المرأة العالمي، نحيي النساء الرائدات في عمليات صنع السلام على اختلاف ألوانهن وأعراقهن ودياناتهن من مختلف بقاع الأرض، ومهما كانت أدوارهن. ونؤكد على حقيقة أن امتلاك الرغبة الجادة في تغيير واقعنا المأزوم والعمل في صناعة التغيير لا تتوقف أمام محدودية الفرص، بل يمكن أحياناً أن تكون هذه الأخيرة فرصاً جديدة لاكتشاف طاقات جديدة وآليات إبداعية ووسائل مختلفة للوصول للغاية المرتجاة. فحين تجتمع لنا قوة الإيمان بقدراتنا، ونشعر بالمسؤولية حيال قضايا الإنسانية، ونشحذ بقوة الإرادة عزيمتنا، فلا بد أن تنتصر إرادة التغيير والإصلاح وتتغلب على قوى الفساد والدمار، لتضعنا على تماسٍ مع بزوغ فجرٍ جديد ينبلج فيه نور الأمن والأمل، وتشرق فيه شمس السلام! مينا كاظميجمعية البحرين النسائية
حينما تنتصر إرادة التغيير والإصلاح..
10 مارس 2013