كتب - محرر الشؤون المحلية:تعيش قضية مساكن العمال الأجانب واقعاً متردياً، مشوباً بالأمل في مساهمة الإجراءات الحكومية المتخذة حديثاً وتلك المرتقبة، بما فيها انتظار صدور قانون سكن العمال، في وضع حد لمسلسل حوادث مساكن العمال، الناتجة عن فراغ تشريعي، وتداخل مسؤولية بعض الجهات الحكومية ذات العلاقة. وتتكرر المطالبات الشعبية والنيابية عقب كل كارثة تقع بمسكن للعمال الأجانب، باتخاذ إجراءات حاسمة فيما تواصل بعض المحافظات عملها بإشراف المحافظين لاستكمال المسح الميداني الشامل للمباني العشوائية خاصة التي يقطنها عمال أجانب، بالتنسيق بين الداخلية وشؤون البلديات والتخطيط العمراني والصحة وهيئة الكهرباء والماء والعمل والدفاع المدني وهيئة سوق العمل، من أجل رفع تقارير نهائية بنتائج المسح بناء على قرار اللجنة الوزارية المشكلة بقرار من مجلس الوزراء برئاسة وزير الداخلية. وكانت المحافظة الجنوبية أنهت تقريرها الشامل لفريق عمل حصر المباني العشوائية في الأحياء السكنية أواخر فبراير وكشفت عن وجود 618 مبنى عشوائياً بين الأحياء السكنية، بينها355 سكناً للعمال و244 منشأة آيلة للسقوط و10 بيوت مهجورة و9 بيوت خطرة تسكنها عوائل بحرينية.ورغم أنه لا يُسمح ببناء أي منشأة إلا بعد استيفاء اشتراطات الدفاع المدني وشؤون البلديات والكهرباء، إلا أن غياب قانون يحكم عملية تأجير المباني القديمة المتهالكة إلى أعداد كبيرة من العمال وسط مناطق سكن العائلات، ويفرض آلية تلزم صاحب المنزل استصدار ترخيص بذلك عند تأجير المبنى للعمالة، إضافة إلى غياب الرقابة من جهة محددة على هذا النوع من المساكن.وتمثل العمالة السائبة معظم قاطني تلك المساكن العشوائية، وذلك وفقاً لتأكيدات وزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل، مما يجعل علاج ظاهرة العمالة غير النظامية أمراً محورياً في عملية إيجاد حل جذري لمشكلة سكن العمال. وتتعدد مخاطر المساكن المتهالكة على العمال المقيمين فيها بأعداد كبيرة تفوق طاقتها الاستيعابية ومواصفات السلامة بها، بينها احتمالات أكبر لاندلاع الحرائق بسبب التوصيلات العشوائية للكهرباء وزيادة الأحمال مما يؤدي إلى حدوث تماس كهربي، واستخدامهم فواصل خشبية لزيادة عدد الغرف والمستأجرين، وتكدس أسطوانات الغاز داخل الغرف، إضافة لوجود مواد مشتعلة مثل الكيروسين، مع غياب نوافذ للتهوية ووسائل الإنذار والإطفاء في الغالبية العظمى من مساكن العمال العشوائية. وتتجاوز الآثار السلبية لمساكن العمال العشوائية أو ما بات يعرف بـ»سكن العزاب» مسألة اشتراطات السلامة والحوادث الناجمة عنها إلى آثار اجتماعية وأخلاقية مازالت تؤرق كثيراً من العائلات البحرينية، بسبب غزو هذه المساكن الجماعية العشوائية كثيراً من الأحياء التي تقطنها الأسر وما يصاحب ذلك من مظاهر ومضايقات تمس العادات والتقاليد، فضلاً عن وجود تهديد صحي بانتشار الأمراض والقاذورات نظراً لغياب الحد الأدنى من المعايير الصحية في مرافق المباني مما حمل كثيراً من الأسر لهجر المناطق القديمة ذات الطابع التاريخي والقيمة الثقافية إلى مناطق أخرى أكثر ملاءمة. وتتركز الحلول المقترحة من قبل مختلف الجهات ذات الصلة، في إلزام صاحب العمل بتخصيص مناطق لسكن العمال خارج المواقع السكنية وتحديد الحد الأقصى من الأفراد المسموح لهم بالإقامة فيها، والإسراع في إزالة المباني المخالفة والآيلة للسقوط، وإيجاد آلية لتفتيش تلك المساكن بحيث تشمل جميع المساكن الجماعية للعمال الأجانب، واقترح البعض إنشاء نيابة خاصة بالبلديات، واستحداث تسجيل سنوي لسكن العمال يصدق عليه الدفاع المدني، وإصدار لوحة عنوان خاصة بسكن العمال لتسهيل مهمة المفتشين. وتظل جميع الحلول المقدمة لحل مشكلات سكن العمال مرهونة بمدى قدرة المعنيين على تسريع إصدار قانون سكن العمال، وحسم الجدل الدائر بين مختلف الجهات المعنية فيما يتعلق بمرئياتهم حول القانون المرتقب، من أجل الوصول إلى صيغة قابلة للتطبيق تقدم حلاً حقيقياً يتناسب مع حجم المشكلة، والخسائر التي طالت أرواح عشرات العمال والصورة الحقوقية لسوق العمل في البحرين دولياً.يذكر أن أحدث كوارث مساكن العمال وقعت حين لقي13 عاملاً آسيوياً حتفهم في يناير الماضي نتيجة اندلاع حريق بمبنى مكون من 3 طوابق يسكنه العمال بمنطقة «المخارقة» في المنامة، وقبلها بنحو ستة أشهر قضى عشرة عمال آسيويين اختناقاً بسبب حريق نشب في مسكنهم، بمنطقة الرفاع الشرقي في مايو من العام الماضي، وفي يناير من العام نفسه لقي 4 آسيويين مصرعهم في سكنهم بسبب استنشاقهم الدخان الناتج عن فحم أشعلوه للتدفئة.