قال الشيخ بشير جويزي صالح إن «حق الوالدين عظيم، ومنزلتهما عالية في الدين، فبرهما قرين التوحيد، وشكرهما مقرون بشكر الله عز وجل والإحسان إليهما من أجل الأعمال، وأحبها إلى الكبير المتعال، كما إنه مقدم على الجهاد في سبيل الله، قال تعالى: (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا)».وأوضح أن «الإحسان نهاية البر، فيدخل فيه جميع ما يحب من الرعاية والعناية، وقرن سبحانه وتعالى الأمر بالإحسان إليهما بعبادته قال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا)، فأوصى سبحانه بالإحسان إلى الوالدين، إثر تصدير ما يتعلق بحقوق الله عز وجل، التي هي أبرز الحقوق وأعظمها تنبيهاً على جلالة شأن الوالدين بنظمهما في سلكها بقوله (وبالوالدين إحسانا)، وقد كثرت مواقع هذا النظم في التنزيل العزيز كقوله تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا).ودعا الشيخ جويزي إلى «التذكر والتدبر لآيات الله الكريمة فقد نهانا الله عن كلمة «أف» براً بالوالدين وعدّها من العقوق».واستدل بمقولة ذو النون التي قال فيها إن «هناك 3 من أعلام البر، بر الوالدين بحسن الطاعة لهما، ولين الجناح وبذل المال، وبر الولد بحسن التأديب له والدلالة على الخير، وبر جميع الناس بطلاقة الوجه وحسن المعاشرة».وتحدث الشيخ جويزي صالح عن فضائل بر الوالدين قائلاً: «طلبت أم مسعر ليلة من مسعر ماء، فقام فجاء بالكوز فصادفها وقد نامت، فقام على رجليه بيده الكوز، إلى أن أصبحت فسقاها»، ورأى أبو هريرة «رجلاً يمشي خلف رجل فقال: من هذا؟ قال أبي قال: لا تدعُه باسمه ولا تجلس قبله ولا تمش أمامه».وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله عز وجل؟ قال: «الصلاة على وقتها» قال: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين» قال: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله»، ومن البر بهما والإحسان إليهما ألا يتعرض لسبهما ولا يعقهما، فإن ذلك من الكبائر بلا خلاف فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من الكبائر شتم الرجل والديه»، قالوا يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: «نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه». وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:»دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة قلت من هذا؟ فقالوا: حارثة بن النعمان رضي الله عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كذلكم البر كذلكم البر» «وكان أبر الناس بأمه». واوضح الشيخ جويزي صالح أن «مجمل هذه الحقوق التي وردت في القرآن الكريم هي: عدم الضيق من طلباتهما، ولو كانت كثيرة ومتكررة، والتواضع لهما ومعاملتهما برفق ولين، وخفض الصوت عند الحديث معهما، واستعمال أعذب الكلمات وأجملها عند الحديث معهما، والدعاء لهما بالرحمة والغفران».وشدد الشيخ جويزي صالح على أنه رغم أن الإسلام حريص على البر بالوالدين، إلا أنه في نفس الوقت لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فهناك بعض الآباء ربما يطلبون من الأبناء بعض الأمور التي فيها معصية لله، أو يكونوا على الشرك، فإن الواجب على الأبناء الإحسان إليهما وبرهما بالمعروف، وعدم طاعتهما فيما فيه معصية لله، قال تعالى (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إليّ ثم إليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون).