أحيت سفارة دولة فلسطين لدى مملكة البحرين يوم الثقافة الوطنية الفلسطينية بأمسية شعرية فنية حاشدة، بمشاركة عدد من الشعراء والكتاب والفنانين البحرينيين والعرب والفلسطينيين، وحضور عدد من السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي والشخصيات الرسمية والمثقفين ومن أبناء الجالية في البحرين ومن المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية. وكان من ابرز الشخصيات الرسمية التي حضرت سفير الجمهورية التونسية، زين العابدين التراس، ومدير مركز إعلام الأمم المتحدة لبلدان الخليج العربي، نجيب فريجي، والملحق الثقافي لسفارة المملكة العربية السعودية د.عبد الله الزهراني، ورئيس قسم الإعلام وخدمة المجتمع بوزارة الأشغال البحرينية، حافظ عبد الغفار، والشيخة لطيفة بنت محمد آل خليفة، والإعلامية المعروفة عائشة حسن كمال، ووفد ضم عدداً من رؤساء مجالس البحرين، والفنانة التشكيلية البحرينية المشهورة بوران. وفي بداية الأمسية حيث جلس الحضور أمام جدارية كبيرة صممتها السفارة بالمناسبة، ألقى سفير دولة فلسطين طه عبد القادر كلمة ترحيبية أشار خلالها إلى أن القيادة الفلسطينية اختارت تاريخ 13 مارس من كل عام ليكون يوماً للثقافة الوطنية لتزامن هذا التاريخ مع ذكرى ميلاد الراحل شاعرنا العالمي الكبير محمود درويش، تكريماً وتقديراً لهذا الرمز الثقافي الذي يعتبر من أهم رموزنا الثقافية الوطنية المعاصرة. وأكد السفير عبد القادر على أهمية الثقافة في تعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية في مواجهة سياسات الطمس والتهويد والسرقة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي تجاه ثقافتنا الوطنية في محاولة بائسة منه لاقتلاعنا من جذورنا وتغريبنا عن هويتنا الفلسطينية التي تعزز تمسكنا بأرضنا وبحقنا المطلق فيها وبإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة فوقها وعاصمتها القدس الشريف. وشكر السفير عبد القادر: مملكة البحرين حكومة وشعباً وقيادة وعلى رأسها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لدورها في المساهمة بتعزيز ثقافتنا الوطنية من خلال دعم الكثير من الأعمال الفنية والثقافية والأدبية في المملكة، وخص بالذكر وزارة الثقافة ومركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث، وعلى رأسهما معالي وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، التي تشغل أيضاً منصب رئيس مجلس أمناء المركز، لدعمهما واستضافتهما للكثير من المشاريع الثقافية الفلسطينية المتنوعة. واحتوت الفعالية على العديد من الفقرات الثقافية الفنية والشعرية، حيث ألقى العديد من الشعراء والكتاب قصائد شعرية عن فلسطين وعن الشاعر الكبير محمود درويش بهذه المناسبة. وألقت الشاعرة البحرينية هنادي الجودر قصيدة "أمة الضاد” التي تتحدث عن نضال الشعب الفلسطيني وهي من ديوانها الجديد "أرهف من الهمس” الذي صدر مؤخرا في دولة الكويت عن مؤسسة المبدأ للطباعة، كما ألقت قصيدة "زمان الصد” من نفس الديوان، وكذلك ألقت قصيدة من قصائد محمود درويش. وقالت الجودر:” إن القضية الفلسطينية حاضرة دوماً في جميع أعمالها لما تكنه من محبة وتقدير للشعب الفلسطيني المناضل من أجل الحرية، وأعتقد أن أي عمل ثقافي لا يتناول في جزء منه شيئاً عن فلسطين فإنه بذلك ينقصه شيئاً ما ومكوناً أساسياً من مكوناته.” بدوره ألقى الفنان والكاتب البحريني عيسى هجرس نص نثري عن فلسطين، ونماذج مما أبدعته المواويل الخليجية، معبراً عن سعادته الغامرة للمشاركة في هذه الأمسية ضمن هذه الجوقة الأدبية والفنية التي حضرت الاحتفال بمناسبة يوم الثقافة الوطنية الفلسطينية الحبيبة، معتبراً: "هذا اليوم الثقافي الوطني الفلسطيني تتويجاً للجميع كون فلسطين منبع الثقافة وكل الحضارات وهذا ليس بقليل على فلسطين وهي التي شهدت ميلاد محمود درويش هذا الصرح الكبير الذي نكن له كل الاحترام، ونحن قطرة صغيرة في البحر الثقافي الذي كان يتمتع به، وان أدعى من قبل سفارة دولة فلسطين لدى مملكة البحرين للمشاركة في إحياء هذا اليوم الثقافي كان مدعاة لسعادة كبيرة بالنسبة لي”. فيما ألقى الشاعر العراقي حيدر النجم قصيدتين الأولى بعنوان "الموت” وهي في رثاء صديقه الشاعر الفلسطيني الراحل، رجاء أبو طه، والثانية بعنوان "حب وغزل إلى أنثى”، وقال في بداية فقرته: " قلبٌ نابضٌ من كل وطن عربيَّ.. صارت لنا وطناً واحداً.. في احتفالية ( يوم الثقافة الوطنية الفلسطينية )- السفارة الفلسطينية، مملكة البحرين... كان "محمود درويش” يصفق للنبضات العربية التي نبضت واجتمعت.. مملكة البحرين كانت سلّة حب جمعتنا... رسمنا وطناً بحجمناً.. كانت فلسطين، هي الوطن.. شكراً لمن أشاع الدفء سعادة السفير طه عبد القادر... شكراً الأستاذ الإعلامي نظمي العرقان، معد ومقدم هذه الأمسية... قمت بدورك جيداً بقلب، فشكراً... شكراً لنا بكم... وشكراً بكم لنا”. بدورها ألقت الكاتبة والشاعرة البحرينية نبيلة زيباري قصيدتين الأولى بعنوان "فارس ورياح” إهداء إلى روح محمود درويش وهي من ديوانها الثالث "همس ازرق” وكانت قد ألقتها في حضرة الشاعر محمود درويش خلال لقاء ثقافي أثناء زيارة له للبحرين في عام 2005، والثانية بعنوان "المدية” وهي من ديوانها الخامس "لغة السفر”، وقالت: إن اختيار هذا اليوم ليكون متلازماً لذكرى ميلاد الراحل الشاعر الكبير محمود درويش يجعلنا نعتبر هذا اليوم ليس فقط للثقافة الوطنية الفلسطينية فحسب بل لكل الشعوب العربية. من جانبه ألقى الشاعر الفلسطيني المقيم في البحرين سمير الحاج قصيدتين الأولى بعنوان "الالتزام وقت الضياع”، والثانية بعنوان "لماذا فلسطين”، وقال: "لأنه لدينا أزمة ثقافة في الوطن العربي فإن كل المشاكل والأزمات التي تحدث في الوطن العربي هي نتيجة لغياب الوعي الثقافي لدى المواطن العربي بصورة عامة، بالإضافة إلى اختيار هذا اليوم في ذكرى ميلاد محمود درويش وامتزاجه بيوم الثقافة وكأنه ميلاد وتجديد للثقافة الفلسطينية المعاصرة وللهوية الوطنية”. وأخيراً ألقى مدير مركز إعلام الأمم المتحدة لبلدان الخليج العربي، التونسي نجيب فريجي، قصيدة محمود درويش "كيف نشفى من حب تونس” وقال بتأثر شديد: "هذه القصيدة ألقاها المرحوم محمود درويش في تونس وكأنه بهذه الكلمات يودعنا ويودع كل من أحبه وكأنه يكتب وصيته لنا وصية الأب الحنون أو العاشق المجنون "حافظي على نفسك يا تونس”..ألقاها وهو يبكي بكاء العاشق الذي يعز عليه فراق حبيبته وكأنه يعرف انه الفراق الأخير... حافظي على نفسك يا تونس..سنلتقي على ارض فلسطين هو اليوم الموعود الذي ينتظره كل عربي يا شاعرنا العظيم”. ورافق الشعراء والمتحدثين على العود الفنان والملحن البحريني أحمد سيف، الذي أدى في نهاية الأمسية أغنية "أخي جاوز الظالمون المدى” للموسيقار الكبير الراحل محمد عبد الوهاب، وسط ترديد الحضور لكلمات الأغنية التي حظيت على استحسان الجميع وعادت بهم إلى الذكريات الجميلة المرتبطة بالقضية الفلسطينية. وقال الفنان سيف: "أن القضية الفلسطينية حاضرة دوماً في أعمال الفنانين والكتاب والمثقفين البحرينيين، وعلى الصعيد الشخصي قمت مؤخراً بتلحين وأداء أغنيتين لفلسطين الأولى بعنوان "محمد الدرة”، والثانية باسم "طيب رجب اردوغان” التي تتناول الاعتداء على سفينة الحرية. من جانبها أرسلت عضو أسرة الأدباء والكتاب في البحرين، واتحاد الكتاب العرب، الأديبة البحرينية فوزية رشيد برقية بالمناسبة قالت فيها:” الشاعر محمود درويش قام بإبداعية كبيرة ليس على المستوى الفلسطيني ولا العربي فقط بل إنما على المستوى العالمي، قورن نتاجه الشعري بالإنتاج الإبداعي للشعراء العالميين الكبار سواء من حيث اللغة الشعرية أو من حيث المضامين التي تضمنها شعرة وخاصة قصائده في السنوات الأخيرة التي تحمل نفس فلسفي كوني بما يخص الإنسان أينما كان تأملات وجودية في الحياة في الموت إلى جانب انه شعلة شعرية وطنية كبرى تتعلق بالقضية الفلسطينية التي هي قلب القضايا العربية فانه أيضاً لامس الحس الإنساني والعقل الإنساني في كل العالم ولهذا يتم الاحتفاء به عالمياً ناهيك عن حجم الاحتفاء الكبير من الشعب العربي الكبير ولا نتحدث عن حجم وتأثيره فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية نفسها والشعب”. وأضافت :”أعتقد في هذه الأمسية أن هذا الشاعر بما اثر به في مسار الوجدان الفلسطيني والعربي بما يتعلق بالقضية الفلسطينية يليق به أن يكون يوم ميلاده بميلاد وعي وطني وثقافي فلسطيني جديد لأن شعره بالفعل كان يحمل في داخلة كل زخم القضية الفلسطينية وجدانياً وتاريخياً وحضارياً بما يتعلق بالأرض الفلسطينية نفسها وبالإنسان الفلسطيني المناضل والشهيد والسجين والأم والفلاح والعامل الى جانب ما مثله شعرة من البعد الفلسفي والإنساني للقضية الفلسطينية عربيا وعالميا فهو بصمة كبيرة واعتقد ربط التاريخين في بعضهما البعض لا يتنافى وعلاقتهما، لان محمود من شدة التصاقه بالقضية الفلسطينية كان هو القضية والقضية هي محمود درويش وهما وجهان لعملة واحدة وهو روح الشعب الفلسطيني في كافة الأبعاد للقضية السياسية والاجتماعية والإنسانية”.