قال رئيس المحكمة الدستورية المستشار سالم الكواري إن قيام اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية يأتي ليؤكد الشرعية الدستورية وإعلاء سيادة النص الدستوري بوصفه القانون الأسمى، مشيراً إلى أن الرقابة الدستورية هي تفعيل مفهوم الدولة الدستورية ودولة القانون التي تحافظ على سلطات الدولة واحترام وظائف كل منها وتوازنها في إطار من الشرعية، مع الفهم الجازم بأن الرقابة الدستورية لا تسعى أبداً إلى الإخلال أو التدخل في وظائف السلطات الأخرى كونها رقابة مشروعية وليست رقابة مواءمة. وانطلقت صباح أمس اجتماعات مؤتمر اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية التي تستضيفها مملكة البحرين خلال الفترة من 17 إلى 20 مارس الحالي، تحت رعاية سامية من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، بمشاركة 15 دولة عربية وبحضور ممثلين عن مفوضية فينيسيا الديمقراطية المنبثقة عن الاتحاد الأوروبي.وأكد المستشار سالم الكواري، في كلمة له خلال افتتاح المؤتمر، أن دور اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية ذو أهمية بالغة في توحيد الفكر القانوني الدستوري حول قضايا معاصرة تشغل الفكر القانوني العربي كالحريات والحقوق وتعميق سيادة النص الدستوري وسموه بدون الابتعاد عن الاستفادة من التجارب الإنسانية المقارنة توخيا لانضاج كل التجارب في الوطن العربي.وأوضح أن اجتماع المؤتمر اليوم يأتي تأكيداً لما بين الدول العربية من روابط تؤكدها التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك المتصل بالعمل الدؤوب لإعلاء قيم العدالة في إطار ديمقراطي والذي يتجلى في الحفاظ على كرامة الإنسان واعتباره المكون الأساس في أي تقدم على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي المتدثر بالقيم القانونية التي تحكم مصير الأفراد وتحفظ كيانهم وتذود عن حقوقهم وحرياتهم ، وأضاف أنه من هذا المنطلق يتأكد دور المحاكم الدستورية والمجالس في صيانة تلك الحقوق بإعلاء شأن النص الدستوري في الوقوف بكل تجرد وحيادية لحماية الحقوق والحريات للتقدم وبناء الدولة الحديثة.ونقل المستشار سالم الكواري تحيات صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى وتمنياته للمشاركين في المؤتمر بالتوفيق لما فيه خير الأمة العربية وشعوبها إعلاء لمكانة الدساتير والشرعية الدستورية وحماية للحقوق والحريات لكل فرد بصفته إنساناً وتأكيداً لمبادئ وقيم ديننا الحنيف. وأكد في ختام كلمته أن مملكة البحرين نصت كافة وثائقها الدستورية وميثاق العمل الوطني الذي صدق عليه الشعب البحريني بنسبة 98.4 % ودستور مملكة البحرين 2002 المعدل على أنها جزء لا يتجزأ من أمتها العربية.رعاية الملك للمؤتمر إعلاء لشأن المؤسسات الدستوريةمن جانبه، أعرب رئيس المجلس الدستوري المغربي المستشار محمد اشركي رئيس الاتحاد في دورته الحالية عن أسمى آيات الاعتزاز والتقدير لتفضل جلالة عاهل البلاد المفدى بإضفاء رعايته السامية على اجتماعات هذا المؤتمر الهام التي تعد تكريماً للاتحاد وإعلاء لشأن المؤسسات الدستورية.وأكد أن الاجتماع يعقد في ظل اهتمام بالغ بالعدالة الدستورية وضرورة احترام دولة القانون والمؤسسات والقضاء الدستوري، مشيراً إلى أن الاتحاد منذ نشأته منذ 15 عاماً راكم العديد من الإنجازات بفضل مجهود أعضائه مشدداً على أهمية تعزيز دور الاتحاد لمواكبة الديناميكية التي تعرفها العدالة الدستورية على المستوى العالمي.وأوضح أن المؤتمر سيناقش في اجتماعاته الحالية مشروع نظامه الأساسي الجديد والمصادقة على انضمام دولتي الإمارات والعراق لاتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية، مشيراً إلى أن دولة قطر عبرت عن عزمها الانضمام إلى الاتحاد.من جهته أعرب الأمين العام لاتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية حنفي جبالي عن خالص الشكر والامتنان لجلالة الملك المفدى على تفضله بالرعاية السامية لفعاليات المؤتمر ولمملكة البحرين على حسن التنظيم والاستضافة. وعدد الجبالي بعضاً من إنجازات الاتحاد منذ المصادقة على نشأته بالجزائر عام 1997 مؤكداً أهمية توطيد وتعميق مفاهيم العمل والقضاء الدستوري في الوطن العربي لحماية الحقوق والحريات.ويهدف المؤتمر إلى إبراز دور المحكمة الدستورية بمملكة البحرين في إرساء مبادئ حقوق الإنسان والحريات العامة، وبغرض توطيد أواصر الصداقة وتقوية الروابط العلمية والدستورية بين جميع أعضاء الاتحاد، وتبادل الأحكام والمبادئ والمعلومات المهمة بينهم في مجال عملهم في القضاء الدستوري، في سبيل تنمية الثقافة القانونية، وتوحيد المفاهيم والمصطلحات الدستورية في الدول العربية التي تعترف دساتيرها بنظام الرقابة على دستورية التشريعات بواسطة محاكم دستورية أو مجالس دستورية.جدير بالذكر أن اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية يعتبر منظمة نوعية إقليمية متخصصة في مجال الرقابة على دستورية القوانين، تم تأسيسه عام 1997م، ليكون إطاراً تنظيمياً يجمع المحاكم والمجالس الدستورية والهيئات القائمة على رقابة دستورية القوانين في الدول العربية.وانضمت المحكمة الدستورية بمملكة البحرين إلى الاتحاد في الجمعية العامة الرابعة المنعقدة في جمهورية السودان في الفترة من 15 إلى 19 ديسمبر 2003م.ويخصص المؤتمر في اليوم الأول من فعالياته جلسة لأعمال الملتقى العلمي تحت عنوان: «ولاية تفسير الدستور، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، يناقش فيه الأعضاء والمشاركون من صفوة رجال القانون، جميع المسائل التي يمكن أن يثيرها هذا الموضوع، فيما سيخصص اليوم الثاني لانعقاد مجلس الاتحاد المشكَّل من رؤساء المحاكم والمجالس الدستورية العربية، في دور انعقاده الخامس عشر وذلك على مدى جلستين، واليوم الثالث لانعقاد الجمعية العامة للاتحاد في دور انعقادها الثامن، وتؤلف من جميع المحاكم والمجالس الدستورية العربية أعضاء الاتحاد، وذلك على مدى جلستين.