على السطح تبدو العاصمة العراقية بغداد طبيعية بعد 10 سنوات من الغزو الأمريكي الذي أطاح بنظام صدام حسين. فالزحام المروري يسد الشوارع في أغلب مناطق العاصمة ولا يبقى سوى القليل من المباني التي تظهر عليها آثار الحرب. غير أن أحد الأدلة على أن الأمن ليس كما ينبغي هو أن نقاط التفتيش لاتزال منتشرة في كافة أرجاء المدينة. والواقع هو أن العراقيين لايزالون يعيشون في خوف من التفجيرات بسبب الصراع الطائفي المستمر وأن البنية الأساسية متداعية والقمامة متناثرة في الشوارع في أجزاء عديدة من المدينة بينما لا توجد أي طرق تقريباً في مناطق أخرى. ويعيش وليم وردة رئيس منظمة حمورابي لحقوق الإنسان مع أسرته في مجمع القادسية السكني بالمنطقة الخضراء المحصنة في بغداد. وكل صباح يذهب وردة إلى مكتبه على بعد أمتار قليلة فقط من منزله ويعود للمنزل في الظهيرة شأنه شأن كل الرجال العرب وينتظر زوجته أن تقدم له طعام الغداء. زوجته باسكال ناشطة في مجال حقوق المرأة وهي مسؤولة العلاقات العامة بالمنظمة. وتقول باسكال مازحة إن كل الأزواج العرب يريدون أن يعودوا إلى المنزل ويجدوا كل شيء جاهزاً في انتظارهم. وقالت باسكال وردة وهي وزيرة سابقة لشؤون النزوح والهجرة إن كل النساء في بغداد أو في العراق ككل سواء كن وزيرات أو غير ذلك يجب أن يؤدين كل الأعمال المنزلية. وأضافت أن كل الرجال العراقيين لا يساعدون في هذه الأعمال ويريدون كل شيء جاهزاً. وقال وليم وردة الذي لم يترك العراق بعد الهجمات المتكررة التي استهدفت طائفته المسيحية إن إعادة بناء البلاد بعد 10 سنوات من الغزو تسير بوتيرة بطيئة للغاية حتى بعد أن قلت الهجمات كثيراً مقارنة بوقت ذروة أعمال العنف الطائفية في عامي 2006 و2007. وأوضح أن المواطنين العاديين لا يريدون إلا أن يحيوا حياة طبيعية وأن تعمل المرافق الحيوية مثل الطرق والكهرباء والاتصالات والمياه بصورة منتظمة. ويحتاج العراق إلى استثمارات في كل القطاعات تقريباً حيث يشوه الركام منظر المدينة وباتت المباني غير المكتملة مشهداً شائعاً. وأغلب العراقيين الذين سئموا نقص فرص العمل ويستغرقهم الانشغال بحصص المواد الغذائية والمخاوف الأمنية يجدون أنفسهم مضطرين للتعامل مع النقص الحاد في المياه وعدم وصول التيار الكهربائي من الشبكة الوطنية إلا بضع ساعات في اليوم. وتعاني بغداد من سوء حالة الطرق ومن الجدران الواقية التي أقيمت لحماية الممتلكات والأهالي من التفجيرات. وقالت نسمة ابنة وليم وباسكال إنها تفتقد الخروج واللعب مع أصدقائها. وتعيش أسرة وردة في المجمع السكني لوزراء الحكومة في القادسية وهو جزء من المنطقة الخضراء المحصنة ببغداد. لكنهم مثل كل العراقيين يعانون من الحالة المتردية للبنية الأساسية في البلاد. وقالت باسكال إن هناك وجوهاً عديدة للمعاناة خاصة المتعلقة بالخدمات وأن السكان ينتظرون زيادة إمدادات الكهرباء وتحسين البنية الأساسية. كما إن ثمة حاجة للاستثمارات في معظم الصناعات العراقية وليس فحسب قطاع الكهرباء الذي لا ينتج سوى 880 ميجاوات من 14 ألفاً لازمة. وتعهدت الولايات المتحدة بمساعدة العراق في إعادة الإعمار لكن بعد 10 سنوات من إطاحة القوات الأمريكية والغربية بصدام من السلطة وانسحاب القوات الأمريكية في عام 2011 لاتزال البلاد تعاني من هجمات للمسلحين والتوتر الطائفي والخلافات السياسية بين الشيعة والسنة والأكراد الذين يشاركون في حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي. ويلقي المحلل السياسي واثق الهاشمي باللوم على الولايات المتحدة في خلق انقسامات تستعصي على الحل داخل العراق بعدما غذت الصراع الطائفي المستمر إلى الآن وذلك بدعم سلطة الشيعة وإضعاف السنة الذين أيدوا صدام. ولا يرى الهاشمي أيضاً فرصة تذكر لتحسن الأوضاع في المستقبل القريب برغم احتياطيات البلاد الضخمة من النفط. وقال إن المشهد اليوم لايزال غير واضح خاصة فيما يتعلق بتهديدات الحرب الأهلية والمظاهرات الحالية في المنطقة الغربية.«رويترز»
بعد 10 سنوات على غزو العراق.. حسرة لانعدام الأمن ونقص الخدمات
21 مارس 2013