حاوره أبوذر حسينقال محافظ محافظة المحرق سلمان بن عيسي بن هندي إن: «حوار التوافق الوطني فرصة كبيرة لرأب الصدع وتجسير الثقة بين كل الفرقاء في الوطن، ولعودة البحرين المتآلفة المتحابة المتعايشة بين أهلها من جميع الديانات والطوائف، مشيراً إلى أن ما يجري من أحداث عنف وتخريب وفوضى في الشوارع عادة دخيلة من نفر معدود يسعون إلى زعزعة الأمن والاستقرار لأهداف خارجية».وأوضح بن هندي أن «محافظة المحرق لم تعرف تلك الأعمال الإرهابية من قبل، وظلت عصية على الفكر الدخيل الذي يريد تغيير واقع مر على عشرات السنين، مضيفاً أن محافظة المحرق محظوظة بحب القيادة، لما تمثله من إرث تاريخي وحضاري واجتماعي، يكاد يكون النموذج لمجتمع البحرين، وقد وجدت المشروعات التعليمية والصحية والخدمية عناية كبيرة ومتسارعة من قبل القيادة الرشيدة».وأكد محافظ المحرق، أن «وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد فنانة وجدت في محافظة المحرق لوحة جميلة فشكلت ولونت وأبدعت، مستبعداً أن تقوم فنادق جديدة في المحافظة نسبة لخصوصيتها التاريخية وضيق المساحات، فضلاً عن متطلبات الفنادق التي من شأنها تغيير الكثير. وأوضح أن كل المشروعات التي تقام في المحافظة يتم التنسيق فيها مع المجلس البلدي والوزارات المعنية».ما هي الآلية التي تتبعها المحافظة مع المجالس البلدية؟ إن الاستراتيجية العامة للدولة وضعت لتنظم علاقات المحافظة مع كل من المجالس البلدية والوزارات، وإننا وفقاً لتلك الاستراتيجية نتشارك مع الإخوان في المجلس البلدي احتياجاتنا، فعندما تنقل لنا مثلاً رغبة المواطنين إلى حديقة نسعى مع كل الجهات المعنية لتنفيذ الحاجة الماسة لتلك الحديقة أو الرغبة التي يتطلع إليها المواطنون.ونحن في المحرق محظوظون بالحب الكبير والمتبادل بين القيادة ومحافظة المحرق، لما تمثله المحرق من عروبة ومن ماضٍ وتاريخ جعل لها ميزة عند القيادة، ولعل جميع المراقبين والمتابعين يلحظون زيارات جلالة الملك المفدى وسمو رئيس الوزراء المتكررة إلى المحافظة، لافتتاح المشروعات التنموية الكبرى، ولمبادلة الأهالي الحب والعرفان بولائهم وإخلاصهم وتقديرهم.إذاً ما هي أوجه القصور في الخدمات حالياً؟ليس هناك قصور بالمعنى، كما إن ليس هناك بلد أو محافظة مكتملة العدة والعتاد الخدمي، وبكل تأكيد تنقصنا في محافظة المحرق بعض الاحتياجات، ولكن القيادة تتجاوب مع مطالبنا بشكل متواصل وسريع، وأحيطكم علماً بأنني منذ أن توليت منصب المحافظ، جمعت كل شرائح أهل المحرق المختلفة من مسؤولين ومثقفين وأدباء واقتصاديين وحكماء وغيرهم وقلت لهم «احلموا» بما تريدونه في المستقبل، وبالفعل جاءتني رسائل زاخرة بالمطالب والاحتياجات الأساسية للمحافظة من مشروعات تعليمية وصحية وخدمية وسياحية وغيرها، وعملنا على تحقيق تلك المشروعات واحداً تلو الأخر وكان زادنا الأساسي القيادة، التي ظلت تسارع في كل المشروعات التي تهم محافظة المحرق إلى أن وصلنا لما فيه الآن من نعم كثيرة ولله الحمد. وقد آثرتني هذه التجربة الرائدة في بلورة المطالب وترجمتها لواقع عملي بتكاتف الجميع قيادة وأهالي، فأخرجت كتاباً يوثق لتلك التجربة.إلى أي مدى تحققت تلك الرؤية؟تحققت بالفعل ولو تطلعت بالكتاب ورؤية الناس لعرفت ذلك، وإنني لا أطالب بتحقيق كل الأشياء بين يوم وليلة، لكن تحقق أكثر من 25% وسنواصل في مشوار العمل والاجتهاد لتكملة كل المشروعات التعليمية والصحية والخدمية، وأسعى ألا يكون هناك قصور في المراكز الصحية والمدارس والمستشفيات والحدائق. حيث وعدنا جلالة الملك بمكرمات كثيرة تحققت ونتمنى أن تتواصل تلك المكرمات بالسواحل، إذ لا يمكن أن تكون السواحل مملوءة بالأكشاك والعشش والكبائن الغريبة علينا.ما هي آلياتكم لمتابعة المشروعات في المحافظة؟وفقاً لقانون المحافظات فإن المحافظ يتابع كل المشروعات التي تقيمها الدولة في نطاق محافظته، وإذا كان هناك أي أوجه لقصور ما أو بطء في التنفيذ نرفع الأمر للوزارة المعنية. ومشكلتنا الأساسية في المحرق القديمة أن تخطيطها قديم، الأمر الذي يجعل من نشر الخدمات فيها بعض الصعوبات.وما هي مشروعات المحرق تحت التنفيذ؟المشروعات مستمرة في كل القطاعات، فهناك إنشاء المدارس والحدائق، ومركز الحالة الصحي الذي أمر بإنشائه سمو رئيس الوزراء، وهو من المراكز الصحية المتقدمة. ولعل من أبرز المشروعات الصحية التي نفذت مؤخراً مستشفى الملك حمد الجامعي الذي أسهم كثيراً في فك الضائقة وقدم خدمات جليلة للجامعيين، حيث إن في البدء كنا نرسل أبناءنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وغيرها، بما يصاحب ذلك من مخاطر اجتماعية وثقافية، غير أن الآن الأطباء يخرجون من محافظة المحرق، الأمر الذي يمثل نقلة علمية ونوعية كبيرة للمحافظة.ما هي خطتكم في المحافظة لإدارة الكوارث وما إلى ذلك؟إن خطة المحافظة مستمدة من الخطة الرئيسة للدولة، ونحن من خلال مدير الشرطة حققنا ومازلنا وسنحقق كثيراً من التعاطي الإيجابي مع أي كارثة من أي نوع وحجم، علماً أن كل ذلك يأتي بتوجيهات مباشرة من وزير الداخلية، فليس هناك أي حدث في المحرق إلا وكان المحافظ في صورة الحدث الكاملة لحظة بلحظة، وهناك تنسيق تام في هذا الأمر وعلى درجة عالية من الدقة التي تحول بين أي أهمال أو تأخير وتعطيل.كيف ترى الشراكة الاجتماعية في المحرق؟ وإلى أي مدى تتعاون مؤسسات المجتمع المدني معكم لاستتباب الأمن؟في كثير من دول العالم تستقطب العقول مقابل الملايين، غير أن في مملكة البحرين عامة والمحرق خاصة فإن أهل الديرة يعون معنى الشراكة ويهمهم أمر ديرتهم ومحافظتهم ومدنهم وقراهم، لذلك تجد المجاميع كلها تقدر الشراكة مع كل من يسعى لتثبيت الأمن ونشر الاستقرار، فضلاً عن ذلك فإنني أقيم مجلساً أسبوعياً لتلاقح الأفكار ومشاركتها مع الجميع دون فرز، والمجلس دائماً مفتوح للجميع.ما هي الخطوات التي تقومون بها لتعزيز اللحمة الوطنية وتخفيف حده التوترات في المحافظة؟نحن في محافظة المحرق متعايشون ولحمتنا واحدة منذ أمد بعيد، لا نفرق بين أحد وآخر بسبب ديانته أو مذهبه أو لونه، فكلنا لحمة واحدة، وفي عرفنا وأدبنا وتربيتنا عيب أن يكون تعامل بعضنا فيه نوع من تلك المظاهر الدخيلة على مجتمع المحرق. فوقفتنا أمام الاستعمار والأعمال الوطنية الجليلة التي قام بها أبناء المحرق بكل طوائفهم أثبتت عروبتهم وأصالتهم.وقد أثبت المحرقيون أنهم أسرة واحدة في السراء والضراء وعائلة واحدة في المساجد والمآتم والبيوت، فضلاً عن التزاوج فيما بيننا، غير أن هناك من حاول أن يفك هذا التلاحم والترابط الاجتماعي الوثيق وهيهات أن ينال ما يريد، فالكل هنا متمسكون بمبادئهم وتربيتهم التي شبوا عليها.ولكن هناك أحداث جرت في رمضان وفي الفترة الأخيرة بالمحرق؟لعل تلك الأحداث التي جرت في بعض القرى تدعو للأسف الشديد، فإننا لا نعرف حرق الإطارات ونشر الأسلاك الشائكة، فهذه ليست البحرين التي نعرفها وليست المحرق التي تربينا وترعرعنا فيها، فالشيوخ في القرى أصبحوا لا يستطيعون التنقل بفعل الحرائق التي تحدثها فئة قليلة وشرذمة محسوبة، وهم مجموعة لا تمثل إلا نفسها.وما مبادراتكم التي قمتم بها لدرء الفتنة والحد من تلك الأعمال؟ في رمضان الماضي بادرت بجمع رجال أثق بهم وأعرفهم حق المعرفة من كل الطوائف، وقلت لهم إن رمضان على الأبواب وتلك المظاهر في الشوارع لا تشبه أهل المحرق المتآلفين المتلاحمين المتعايشين مع بعضهم منذ زمن، وإنني سأبادر بسحب كل الشرطة من الشوارع على أن تقوموا في المقابل بلجم تلك الفئة التي تسعى لترويع الآمنين وإثارة الفزع بين الأهالي، وليكن شهر رمضان شهر التواصل بدايتنا للخير الذي يعم الجميع. طرحت عليهم مبادرتي دون الرجوع إلى وزير الداخلية أو سمو رئيس مجلس الوزراء، غير أن إرادة الشر تجمعت وحشدت وكثفت الشغب والفوضى والتخريب بالشوارع، وسط استنكار كبير من أهالي المحرق سنة وشيعة.الشيخة مي استطاعت أن تحارب الفوضى والشغب بالفعاليات المتميزة. كيف ترى بصماتها في المحرق؟.الشيخة مي فنانة وجدت في المحرق الإرث والثقافة والتاريخ، فغمست ريشتها فيها وأبدعت أيما إبداع، وعملها في المحافظة رائع بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وقد استطاعت أن تحقق ما لم يستطع تحقيقه كثيرون، لأنها كما قلت وجدت في المحرق الأرضية العظيمة التي تستطيع أن تشكل وتلون فيها، لاسيما وهي فنانة ووجدت في المحرق لوحة كبيرة وجميلة.تقرير ديوان الرقابة أظهر كثيراً من التجاوزات في المحافظات.. ما تعليقكم؟إن تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية يؤكد الشفافية التي تتمتع بها البحرين بشكل عام، وهو لا يستثني وزارة من رصدها، ولعل أن المحافظات ومنذ إنشائها وحتى الآن تسير بشكل نظامي، غير أن الكمال لله، فإن كانت هناك إشكالات صدرت في التقرير فاننا عالجناها وسنظل نعالج الي أن يتحقق المراد، علما بأن التقرير لم يشمل محافظة المحرق إلا في بعض الإشكالات بشأن العلاوات والسيارات، وقد تحاشينا ذلك، ولعل في التقارير التي ترفع لوزير الداخلية من قبل كل المحافظين تؤكد تطبيق كل توجيهات وقرارات وزير الداخلية على الوجه الأكمل.يشكو البعض من ندرة وجود فنادق في المحرق بالرغم من أنها محافظة سياحية بالدرجة الأولى؟الفنادق موجودة قرب المطار وفي أمواج ودوحة عراد، وبشكل عام فإن المحرق تحمل إرثاً جميلاً وعميقاً لا يتحمل متطلبات الفنادق داخل الأحياء السكنية، وتلك الفنادق بالتأكيد تسهم في توظيف عدد كبير من الشباب غير أن طابع المحافظة وقرب الفنادق حول المحرق يغنيها من مزيد من الفنادق الأخرى.كيف تنظرون لحوار التوافق الوطني الذي يراوح مكانه من خلال الجلسات؟إن نظرة المحافظ في كل محافظة لا تختلف عن نظرة القيادة والدولة تجاه الحوار، من حيث إنه تطور طبيعي وحضاري لحلحلة الأمور وفقاً للإرادة الوطنية الخالصة للجميع دون تدخلات خارجية، أو الرجوع إلى جهات لا تسعى إلى خير هذه الديرة وتنميتها واستقرارها السياسي والاقتصادي. فالحوار سبيل للخروج من كل المشكلات الحالية، ولاستتباب الأمن والاستقرار للجميع، وهو السبيل للتخلص من فكر التخريب والفوضى التطرفي.والحوار مفردة كبيرة تدخل في علم النفس والاجتماع، فليس من الممكن الحكم على الحوار دون الخوض في التفاصيل الأساسية التي من أجلها كان الحوار، فالجميع يدرك أن توافقات كاملة لن تتحقق من مجرد الجلسات الإجرائية الأولى، فعلى الجميع أن يدرك أن الحوار الوطني الحقيقي يؤخذ بروية وتأنٍّ لاستخلاص أفضل النتائج المرجوة. وعلى العموم نتمنى أن تعود البحرين التي نعرفها بأحسن حال، وأن تتحقق طموحات أهلها في ظل الاهتمام الكبير الذي تبديه القيادة الرشيدة بالمواطن وبالمشروعات التي من شأنها خدمة المواطن .ماذا عن المشكلات الدائرة داخل مجلس بلدي المحرق؟مهمتي الأساسية تحقيق أكبر قدر من الرفاهية والعيش الكريم للمواطن في المحرق، ويهمني في ذلك أن يكون الجناح الآخر الشعبي والمتمثل في المجلس البلدي بخير ويكون صحياً ومنسجماً، حتى نستطيع التحليق سوياً نحو خدمة المواطن. ولا أحبذ الدخول كثيراً في أمور المجلس البلدي، ولكن أمنياتي أن تصل إلى جميع الأعضاء في المجلس أنه مهما تعاظمت الأمور الشخصية بينهم إلا أن المحرق ومواطن المحرق أكبر من كل خلاف، فعلى الجميع النأي عن التصريحات التي لا تخدم المواطن والتي لا تقدم المحافظة.