عبر هذا المنبر أجد نفسي ملزماً بالرد على ما نشر في صحيفة الوطن يوم 10/3/2013 حول تصريح للأعضاء المستقلين بمجلس بلدي المحرق عن نقل تجربة المشروع الإسكانيفي مناطق أخرى إلى منطقة المحرق القديمة.ومع كل احترامي وتقديري للأخوة الأعضاء المستقلين وأنا أعرف نواياهم الطيبة لمدينتهم المحرق، وهذا ما نتوقعه من كل مخلص ومحب للمحرق أن يطرح أفكاراً ومشاريع تصب في مصلحة هذه المدينة العريقة والفنية بتراثهــــا العمرانــــي الفريــد وطبيعـة أحيائهـا القديمـة، مهد العلم والثقافة وملهمة الشعراء والأدباء والتي أصبحت مقصداً لكل من يريد الاطلاع على تراث الآباء والأجداد من سياح وغيرهم. وليسمــح لــــي إخوتــي الأعزاء أن أقول لهم إن مثل هذه المشاريع التي يزمع تنفيذها لا يمكن تنفيذها في المناطق القديمة من المحرق، وذلك لسبب بسيط وهو أن معظم المباني التي في هذه المنطقة هي مبانٍ تراثية «بحتة» لا يمكن بأي حال من الأحوال التفريـــط فيهـــا، ولا يمكـــن تعويضها. لأن هذه المناطق لها امتـــداد تاريخـــي عريـــق يرجع إلى عشرات بل مئات السنين وهو اليوم يعتبر تراثاً عالمياً بعد أن سجلته منظمة اليونسكو كتراث عالمي وفيه مشروع طريق اللؤلؤ الذي هو الآن قيد التنفيذ والذي عند الانتهاء منه سوف يصبح معلماً سياحياً عالمياً على مستوى عال من الرقي والإبداع والجذب السياحي إن شاء الله. إن هذه المنطقة أيها الأخوة الأعزاء إنما تحتاج إلى تطوير، وذلك بأن تقوم الحكومة بوضع الميزانيات السخية من أجل تطويرها وتوسعة شوارعها كشارع الشيخ عبدالله الذي يعاني الازدحام المروري الشديد في كل الأوقات وكذلك هدم بقايا بعض المباني القديمة والواقعة علـى جانبـــه والتي هي الآن آيلة للسقوط وتسبب خطراً كبيراًً على المارة من مشاة وسيارات. وأقصد بتلك الأطلال التي تقع جنوبي بيت الشيخ عيسى بن علي التراثي مباشرة. وهذا نداء أوجهه إلى الجهات المسؤولة بالدفع لتنفيذ الإزالة وتحويل هذه المنطقة إلى مواقف جميلة ومنظمة تحفها أشجار النخيل كي تعطي بعداً جمالياً على هذا البيت الخليفي العريق والذي يتوسط المحرق ويحتاج إلى أن تظهر أبعاده ومعالمه التراثية من خلال فضاءات تحيط به، وهذا المشروع متى ما نفذ سوف يسهل على الزوار والسياح القادمين مشاهدته. إن هذا البيت ليس فقط من معالم المحرق التراثية، بل هو من معالم البحرين الأصيلة التي تتميز بها هندسة العمارة البحرينية القديمة، والتي تعتبر نادرة الوجود في هذه المنطقة من الوطن العربي. إن مقارنة الحورة والقضيبية مع كل احترامي وتقديري لهما ولساكنيهما بالمحرق، فهذا خطأ كبير يقع فيه الإخوة الأكارم الأعضاء المستقلين في مجلس بلدي المحرق. إن تلك المناطق التي يزمع تحويلها إلى مناطق إسكانية في مناطق أخرى, ليس لها بعد تاريخي كما للمحرق. فقد بنيت بعض هذه المناطق عشوائياً منذ ستينات القرن الماضي في أراضٍ دفنت من البحر وبيعت على الأهالي لبناء بيوت لهم بعد أن أخذ التوسع العمراني في التمدد. أما إذا أردنا أن نطور المنطقة القديمة من المحرق وهي التي تشمل المنطقة 209 و211، فهذا موضوع آخر. إن هاتين المنطقتين القديمتين تحتاجان إلى الكثير من الاهتمام والتطوير الذي يجب أن تقوم به الدولة من أجل إبراز أهميتها السياحية وهذا التطوير يمكن أن يبدأ بترميم المبانــــي القديمــــة وإنشـــاء المزيد من مواقف السيارات عن طريق استملاك بعض البيوت المهجورة وتحويلها إلى حدائق وفضاءات. وللتذكير فإن قرار تجميد الهدم والبناء في حدود هذه المنطقة إنما جاء للحفاظ على الهوية التراثية لتلك المنطقة وطبيعتها المختلفة التي تتكون من «دواعيس وبرايح». وإذا كان هناك من مشاريع إسكانية لمواطني هذه المناطق، فيمكن تنفيذها في تلك المناطق الجديدة التي أعدتها الدولة لذلك الغرض، حيث تتوفر فيها كل الوسائل الحديثة من مدارس وحدائق ومجمعات تجارية وبنية تحتية حديثة كما في المناطق الأخرى من المملكة. وفي سياق الحفاظ والتطوير والتنمية للمناطق القديمة في المحرق فقد سمعنا كثيراً عن تكوين لجان نيابية وحكومية للعمل على تنفيذ هذه المشاريع غير أننا لم نلمس تحركاً جاداً على الأرض من أي جانب حتى الآن وللأسف الشديد. وللعلم فإن دولاً خليجية شقيقة قد بادرت بعمل «نسخ» من التراث القديم يتم بناؤه من أجل تشجيع السياحة الداخلية لديهم، وقد نجحت تلك المشاريع وجذبت الكثير من السياح الخليجين وغيرهم. ونحن وللأسف الشديد إذ توجد لدينا بيوت ومواقع تراثية أصلية في شتى مناطق المملكة وفي المحرق بالذات، إلا أن الدولة وللأسف الشديد متقاعسة وغير مهتمة بما لدينا من تراث غالٍ وثمين ويحتاج فقط إلى عناية ورعاية وتحرك سريع من قبل المسؤولين عن التراث. فهل من مجيب؟ أحمد خالد العتيبي مهتم بالتراث الوطني
إلا مناطقنا القديمة يا مستقلي بلدي المحرق
28 مارس 2013