تمام سلام الذي كلفه الرئيس اللبناني ميشال سليمان تشكيل حكومة جديدة هو ابن بيت سياسي سني عريق، وزير سابق ونائب معارض معروف بخطابه المعتدل خاصة في الملفين الشائكين في لبنان: سوريا وسلاح «حزب الله». وقد حصل سلام على أكثر من 120 صوتاً من 128 عدد مقاعد مجلس النواب خلال المشاورات النيابية التي أجراها رئيس الجمهورية، من مختلف التيارات السياسية.وتعهد سلام بحماية لبنان من تداعيات النزاع في سوريا المجاورة، ومد يده إلى جميع الأطراف السياسية، وذلك بعد تكليفه رسمياً بتشكيل الحكومة الجديدة بشبه إجماع من الكتل النيابية. وقال سلام في بيان تلاه أمام صحافيين بعد اجتماعه مع سليمان «انطلق من ضرورة إخراج لبنان من حالة الانقسام والتشرذم السياسي، وما انعكس منه على الصعيد الأمني، ودرء المخاطر المترتبة عن الأوضاع المأساوية المجاورة والأجواء الإقليمية المتوترة ومنع الانزلاق باتجاهها». وأكد أنه سيمد يده إلى الجميع، قائلاً إنه قبل التكليف «إيماناً بأن الواجب يفرض تحمل المسؤولية والعمل من أجل مصلحة الوطن بالتعاون مع جميع القوى السياسية».وتمام سلام (67 عاماً) يدخل للمرة الأولى ما يعرف في لبنان بـ «نادي رؤساء الحكومات»، هو نجل الزعيم السني الراحل صائب سلام الذي تولى رئاسة الحكومة لمرات عدة بين عامي 1952 و1973. ووصفه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بأنه «ابن شعار صائب سلام التفهم والتفاهم وشعار لا غالب ولا مغلوب». ورغم انتماء تمام سلام إلى قوى 14 آذار «المعارضة» والتزامه بكل مبادئها وسياساتها، فإن خطابه هادئ وغير صدامي إجمالاً. فقد انتقد بعنف اجتياح «حزب الله» عسكريا لأجزاء واسعة من بيروت في مايو 2007 بعد تفجر الخلاف السياسي بين الحزب الشيعي وتيار المستقبل بزعامة سعد الحريري معارك في الشارع أسفرت عن مقتل أكثر من مئة شخص. ورغم موقفه المبدئي الرافض للسلاح وتأكيده أن «الطائفة السنية تشعر بالاستهداف»، إلا أنه أعلن باستمرار تقديره لنشاط «المقاومة ضد إسرائيل». وأكد أخيراً أن لا قرار سنياً في نزاع مع الشيعة، مؤكداً أن الظواهر المتطرفة «ليس لها ولن يكون لها صدى لدى سنة لبنان». ورغم دفاعه بقوة عن سيادة لبنان تجاه التدخلات السورية والتوغلات العسكرية على الحدود منذ بدء الأزمة السورية قبل سنتين، ومواقفه المبدئية من الحريات والديمقراطية، فإنه لم يهاجم النظام السوري بعبارات استفزازية كما فعلت إجمالاً معظم شخصيات المعارضة المناهضة لدمشق. وأطلق والده صائب سلام خلال سنوات الحرب الأهلية اللبنانية بين 1975 و1990، التي تواجه فيها المسلمون والمسيحيون مدعومين من قوى عسكرية خارجية، شعاري «لا غالب ولا مغلوب»، و»لبنان واحد لا لبنانان». ومد يده إلى المسيحيين بعد اغتيال بشير الجميل، الرئيس الذي وصل بدفع من الاحتلال الإسرائيلي آنذاك، ما سمح بانتخاب شقيق بشير، أمين الجميل رئيساً.وعلى خطى والده، امتنع تمام سلام عن الترشح إلى الانتخابات النيابية عام 1992، تضامنا مع «شركائه في الوطن» المسيحيين الذين قاطعوا انتخابات قالوا يومها إن نتائجها مقررة سلفاً من سوريا، «قوة الوصاية» في ذلك الوقت على لبنان. وفاز بمقعد نيابي عام 1996 ليعود فيخسره عام 2000 في مواجهة رفيق الحريري، والد سعد الحريري، الذي فازت لوائحه بكل مقاعد العاصمة.وفي 2009، تحالف مع سعد الحريري ودخل البرلمان مرة أخرى. وعين وزيراً للثقافة عام 2008 في حكومة برئاسة السنيورة المنتمي إلى تيار المستقبل برئاسة الحريري. وتنتظر رئيس الحكومة الجديد مهمة صعبة تتمثل في تشكيل حكومة ترضي جميع الذين سموه وتكون قادرة على إدارة المرحلة المقبلة التي يفترض أن تجري فيها الانتخابات النيابية المقررة مبدئيا في يونيو المقبل.«وكالات»