من كان يظن أن ثمة قاسماً مشتركاً بين ألعاب «سوبر ماريو» الإلكترونية والقنبلة الذرية في هيروشيما وموسيقى بينك فلويد والرسام البجيكي السوريالي رينيه ماغريت؟ متحف ليبولد في فيينا يظهر ذلك في معرضه الجديد «كلاودز: فليتينغ ووردز» (غيوم: كلمات عابرة) الذي يضم مصادر غير متوقعة بتاتاً من لوحات تعود إلى القرن الثامن عشر إلى ألعاب نينتندو وغلافات البومات موسيقية إلى وسادات فضية طافية، للاحتفاء بهذه الظاهرة الجوية إلا وهي الغيوم. ويقول مفوض المعرض توبياس ناتير «لا نتوقف عادة للتفكير بظاهرة الغيوم، فنحن نعتبرها أمراً واقعاً...إلا أنها دائمة الاختلاف ودائمة الحركة». وتتالت على جدران المتحف صور لغيوم مرسومة بواقعية أو بفنية عالية على شكل لوحات أو صور أو أفلام. إلا أن الأجمل في المعرض هو هذا الخليط الملفت بين الفن والوسائط المختلفة المستخدمة من عشرات غلافات الالبومات الموسيقية من فرق مثل «داير سترايتس» و»ذي هو» و»فيلفيت اندرغراوند» وجون لينون و»ديبيش مود» و»ذي كينكس»، تحمل كلها صور غيوم بطريقة أو أخرى، فضلاً عن أعمال فنية رائعة من القرن التاسع عشر بريشة وليام ترنر وكلود مونيه وفينسنت فان غوخ. في قاعة مكيفة تطفو بالونات على شكل وسادات «سيلفر كلاودز» (غيوم فضية) لاندي وارهول وهي بمتناول الزوار ولاسيما الأطفال منهم الذين يستمتعون جداً بالقبض عليها ورميها باتجاه الجدران. أما الأكبر سناً فسيتعرفون لا محالة إلى مشاهد غيوم بيضاء تتحرك في سماء صافية زرقاء تبث على جدار: فهي الخلفية التي استخدمت في الثمانينيات في ألعاب «سوبر ماريو» الإلكترونية لكن من دون السمكري وشاربيه الشهيرين. وقد بدأ إقبال الفنانين على رسم الغيوم على لوحاتهم في أواخر القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر وباشر العلماء درسها أيضاً في الفترة ذاتها تقريباً راسمين أولى كتب الأطلس عنها. وهي نقطة الانطلاق لمعرض يتنقل بمرونة عبر الأزمان والأنواع والوسائط من اللوحات إلى الصور إلى الأفلام الوثائقية من العام 1800 إلى يومنا هذا، من الرسامين الكبار إلى العصر الرقمي. ولم تكتف الغيوم بالبقاء في خلفية اللوحات بل كانت في أحيان كثيرة محور لوحة بكاملها أو موضوعها الأساسي كما هي الحال في الكثير من أعمال ماغريت السوريالية. وقد «أعيد تصورها رقمياً» الآن وهي تعرض في فيينا عبر أجهزة لوحية، سماوات مختلفة بالبث المباشر عبر كاميرات ويب وعبر مشاهد تبثها الأقمار الاصطناعية المكرسة للطقس. وينظر إلى الغيوم عادة على أنها خفيفة حالمة إلا أنها معروضة أيضاً بشكلها المنفر والمؤذي مثل سحابات الرماد المنبعثة من البراكين الثائرة أو تلك السوداء الملوثة التي تنفثها المصانع أو الغيمة الذرية التي تلت إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما في العام 1945. وللأذن أيضاً ما تستمتع به خلال المعرض مع بث لاغان تتخللها كلمة غيمة أو غيوم مثل أغنية فرقة بينك فلويد «اوبسكيورد باي كلاودز». ومن القطع المهمة المعروضة أعمال لادفادر مونش وغوستاف كليمت وبول سيزان فضلاً عن غيمة ذرية ضخمة ناعمة الملمس منصوبة على أرض قاعة كبيرة من تصميم الفنان الأسترالي ديتريتش ويغنر بعنوان «بلاي هاوس».