كتب ـ حسين التتان:قاربت مبدعات العرب في ملتقاهن الأدبي الرابع أول أمس مفهوم «التابو المحرم»، وتأثير التكنولوجيا على تغيير القيم ونقل الفعل الثقافي إلى حقل الشوائب والتشويشات. في ندوة الطاولة المستديرة وتحت عنوان «الإبداع والمتغيرات»، وبمشاركة مجموعة من المبدعات والأديبات العربيات وضيفات الشرف الفنانة المصرية القديرة سميحة أيوب والكاتبة فتحية العسال، افتتحت الأديبة فوزية رشيد موضوع الندوة، ونبهت إلى موجة تحولات تكنولوجية وسياسية وفيزيولوجية غيرت القيم وأثرت على مساحات الإبداع في العالم العربي، ما نقل المشهد إلى فعل ثقافي تشوبه الكثير من التشويشات عبر التابو المحرم.وقالت إن كثيراً من المبدعين انجروا خلف أصوات استباحت القيم تحت مسمى الإبداع، مضيفة «ما بين الاستباحة الثقافية والتابو المجتمعي، يجب أن يتموضع المبدع العربي، بطريقة معتدلة يخلق من خلال الجو النظيف مبتكرات الإبداع».من جهتها أشارت ليلى الأطرش إلى أن عصر الوسائط الحديثة خلق مجموعة من الثورات والمتغيرات، وقالت «يجب على الأديبات الاستفادة من هذه الوسائط، حتى يمكن الوصول إلى العالمية، ومن دون ذلك لا يمكن أن تتقدم المبدعات»، كما تكلمت الأطرش عن تجربتها الشخصية في إطار نجاح تسويق رواياتها بصورة أكبر بعد اقتحامها عالم الإنترنت.ولفتت وضحى حمادي من لبنان إلى أهمية تطور الحراك السياسي وتأثيره على الساحة الإبداعية «الزمن المقبل هو زمن الشباب العربي المبدع»، داعية إلى التعاطي والتواصل مع هذا الجيل، لينطلقوا من الخصوصية المحلية نحو العالمية.من جهتها أكدت سميحة خريس من الأردن أن الثورة المعلوماتية فاجأت المبدعين العرب، وأربكت حساباتهم التقليدية بالكامل «من هنا يجب على المبدعين مواكبة التغيير الحاصل، حتى يتركوا لهم بصمات واضحة نحو البناء للمستقبل».ضيفة الشرف الكاتبة فتحية العسال أكدت أن هناك هجمة تترية على حقوق المرأة من قبل الإسلام السياسي، وليس من قبل المسلمين الوسطيين، داعية إلى تحرر المرأة كي تتحرر في إبداعاتها وعطاءاتها.ونبهت إلى أهمية أن تقتحم المرأة المبدعة عالم السياسة، لأن السياسة الواقعية تشكل مخرجات الإبداع، ضاربة نماذج صارخة حدثت في مصر، كقضايا ختان المرأة والخلع والضرب، داعية النساء إلى ثورة حقيقية ضد المتخلفين من المتأسلمين، وأن يتحد المرأة والرجل ضد كل أشكال الغوغائية المجتمعية في الوطن العربي.وتحدثت الناقدة اللبنانية كاتيا يمين عن أهمية التربية لما لها من دور فاصل في إيصال قيم احترام المبدعين والمرأة خاصة، وقالت «من المعروف أن المرأة هي المربية، ولهذا عليها أن تشبع أطفالها بثقافة حب المرأة». وأكدت ضرورة أن يهتم المثقف العربي بالأطفال والمراهقين قبل الكبار، لأنهم هم من يحكمون كل الساحات الحياتية مستقبلاً. الناقدة السعودية شريفة العبود دعت إلى ضرورة عدم إلغاء الفكر والثقافة العربية القديمة، وألا يكون الاعتماد على مصادر غربية تحاول دائماً أن تخفي الإبداعات العربية، متأسفة لانجرار الكثير من الدوريات الثقافية العربية لما يطرحه الغرب.أما الأديبة السورية أنيسة عبود فأشارت إلى الحرب الكبيرة التي شنت على جسد المرأة، مؤكدة ضرورة عدم الاستجابة لفتاوى الجهاد ضد جسدها، كما انتقدت الجوائز الممنوحة لبعض المبدعات ممن كتبن بصورة إباحية عن الجسد بعيداً عن العقل.الناقدة بثينة خضر مكي من السودان تحدثت عن المضايقات السياسية التي تضيق الخناق على المرأة المبدعة، مستدركة «لكن يجب على المبدعة أن تستفيد من المضايقات المجتمعية لأجل الكتابة، ومن هنا يتوجب على المرأة أن تمارس سياسة الصمت العربي حتى يتبين بعد جلاء المعركة ما سيكون».الباحثة تربة بنت عمار أكدت ضرورة عدم التهجم على الرجل، بل مع كتابة التاريخ بطريقة ذكورية «كي نبدع بطريقة سوية يجب أن نعيد كتابة التاريخ» مضيفة «الرواية العربية النسوية يجب أن تواكب التطور الحاصل».الكاتبة المصرية إقبال بركة دعت المرأة العربية المبدعة إلى البدء في تأسيس جديد للإبداع، وإشعال ثورة حقيقية ضد كل الأدب العربي الذكوري منذ العصر الجاهلي مروراً بالعباسي والحديث، والذي اتسم بالذكورية المطلقة «هذا في حال أرادت المرأة أن تتحرر من قيود الأصنام الفكرية والثقافية، لأجل إعادة البناء الفكري والثقافي في وطننا العربي».بعدها أبدت بقية المشاركات ليلى العثمان من الكويت، وسعيدة بنت خاطر من عُمان، ودلال خليفة من قطر وروضة الحج من السودان، وجهات نظرهن في ما يخص المتغيرات الحاصلة في قضايا الإبداع، فكانت هناك أجواء إيجابية من قبل المشاركات داخل صالة الندوة عبر طاولة مستديرة نسوية خالصة أثرت الفكر والعاطفة، مشوبة بانفعالات سببها دخول السياسة على خط الإبداع.