كتبت ـ عايدة البلوشي:ألقى تشابك الحياة المجتمعية وتعقدها بظلاله على علاقة الجار بجاره، وبدأت جذوة هذه العلاقة تخفت يوماً بعد يوم، وباتت محكومة بالمثل القائل «صباح الخير يا جاري.. أنت بحالك وأنا بحالي». هناك من اعترف أن مجرد التحية باتت معدومة بين الجيران، أهي هموم الحياة وازديادها تعقيداً هي من تلهي الناس عن جيرانهم؟ أم وسائل الاتصال الحديثة قربت المسافات وقضت بالمقابل على القرابة الجغرافية؟!.الرسول الكريم أوصى بسابع جار، وفي الحديث الصحيح أن رسول الله قال «مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثُه»، فماذا بقي من صورة الجار المتوارثة؟ وما واقع علاقات الجيرة في أيامنا هذه؟. «أيام لول» راحت«راحت أيام لول.. وكل شيء تغير» يقول عبدالله علي «لا نستطيع أن نقارن بين أيام جميلة مضت كانت تجمع بين أبناء القرية أو المدينة سياسة الأبواب المفتوحة، فبيت الجار هو البيت الثاني للشخص نأكل ونشرب ونضحك مع بعضنا، اليوم ومع تسارع وتيرة الحياة اختلف الوضع، فالجار لا يعرف جاره وفي أحسن الأحوال يقتصر التزاور والتواصل بين الجيران على مناسبات الأفراح والأحزان». ويسترجع أحمد ناصر الذكريات «قبل 15 سنة، كنت في منطقة المنامة وتحديداً في فريج الفاضل، حيث كنا والجيران أسرة واحدة، الأطفال يلعبون مع بعضهم والنساء يساعدن في كل شيء والرجال يجتمعون على الخير، تلك أجمل أيام حياتي، هؤلاء ليسوا جيراناً فحسب، إنما إخوان وأخوات لي».مازال عبدالله يتواصل مع جيرانه أسبوعياً رغم مشاغل الحياة «بعده انتقلت إلى مدينة عيسى ولم أجد جيراناً، فالأبواب مغلقة تحت مسمى الخصوصية أو الانشغال أو «مب فاضين»، نحن لا ننكر أن الوضع اليوم اختلف عن الأمس، والناس في انشغالاتهم ولكن في المقابل للحياة الاجتماعية والإنسانية مكانة لا تمحى من وجداننا».حاول عبدالله مراراً وتكراراً أن يتعرف على جيرانه الجدد في منطقة سكناه الجديدة لكن محاولاته باءت بالفشل «كأنهم يقولون لك لا وقت لدينا، لذلك بقيت أتواصل مع أعز الناس جيران فريج الفاضل ممن يعرفون الجيرة ويفونها حقها». كان يا ما كان وترى جميلة إبراهيم أن العلاقة بين الجيران لم تعد كالسابق «الانشغال بالعمل ووتيرة الحياة المتسارعة جعلت الحياة الاجتماعية تتراجع لا على صعيد الجيران فحسب، إنما حتى على مستوى الأقارب والأهل، وأصبحت الزيارات مقتصرة على المناسبات فقط والسؤال عند الضرورة، لدرجة أن الزيارات دون مناسبة يستغرب منها الناس ويقولون ليش بتروحون لها؟ وكأن الزيارة ممنوعة خارج المناسبات». وتأسف مريم سلطان على تراجع العلاقة القوية بين الجيران «الجيرة لا تقتصر على زمن ومكان معينين.. لماذا بدأت تتلاشى اليوم عند بعض الناس؟». وتضيف «علاقتنا بالجيران من أفضل ما يكون نتزاور ونجتمع، إلا أن هناك في حينا في منطقة الرفاع عدداً من الجيران الجدد ويبدوا أنهم لا يحبون العلاقات الاجتماعية، حاولنا التقرب منهم والتعرف عليهم لكنهم لم يبادلونا هذا الشغف».