كتب - جعفر الديري: في مكان العمل والمدرسة، في المدينة والحي والقرية، في المطارات ومكان وقوف الحافلات، وفي أي مكان آخر، تجد من يحب أن يكون الأول دوماً وفي كل شيء.هؤلاء لا يقبلون بمنافسة شريفة ولا يعترفون بموهبة لأحد خارج ذواتهم، فجميع الناس لا يتقنون عملهم كما يتقن، وليست لديهم مواهب مثلما يمتلك، ووحده القادر على تبوء أعلى المناصب، ووحده المستطيع لتسيير دفة عمل يوكل إليه، وبمفرده من يستحق الشكر والثناء والتقدير، ومزيداً من المال والترقيات والمناصب العالية الرفيعة. محبو أولاًتطلق فاطمة عبدعلي على هذه النوعية من الناس «عشاق الرقم 1» وتقول «يحتفظون لأنفسهم دوماً بمكان المقدمة، لكنهم أيضاً تعساء فمثلهم لا يعيش سعيداً، لأنه لا أصدقاء لهم» وتتساءل «كيف لإنسان تشغله المراتب المتقدمة، ويبرمج حياته على التنافس غير الشريف أن يحظى بلحظات سعادة ولو قليلة؟!». فاطمة تواجه أمثال هؤلاء كثيراً، وتعجب لهم عندما تتجاذب معهم أطراف الحديث «يتصورون أنفسهم أسياد الكون، لا أخلاق ولا اختلاط بالناس، نائين بأنفسهم إلا عن طموحاتهم الخيالية، وكأن الكون توقف عندهم وكف عن الدوران».ويحمل عادل حسن وجود هؤلاء للمجتمع المحيط «عشاق الرقم 1 جاؤوا من بين الناس وليسوا من السحاب، الأنانية وحب الذات موجودة لدى كل منا، علينا أن نعترف بذلك.. ومحبو الرقم 1 يخرجون من وسطنا، نحن نصنعهم عندما نشعرهم أنهم لوحدهم».بماذا تجيب لو سألك أحدهم إلى أية درجة يهمك أمري؟ ماذا لو احتجت لك هل تسارع لنجدتي؟ هل لك أن تقرضني بعضاً من المال؟ ويجيب عادل على تساؤلاته «تلوذ بالصمت، وعندها يواجهك محب الرقم واحد ساخراً.. دعني أبني حياتي كي لا أحتاج لك ولا لغيرك». الحل الوسطوتأسف علوية جعفر لتحول مجتمع محافظ إلى براغماتي نفعي تسيره المصالح، وتعجب أكثر حين تجد مسلمين رجالاً ونساء عرفوا بالطيبة وحب الناس، يحبذون الحياة بهذا الشكل، ويعجبون بأمثال محبي الرقم 1 «هؤلاء الذين يرون في النفعيين والانتهازيين أناساً واقعيين، هم يبررون لهم تعاطيهم مع الناس بلغة الأرقام، وليس من منطلق كونهم من لحم ودم، وعليهم واجب تجاه أناس يعيشون معهم».وتؤكد علوية أن أبناء المجتمع البحريني المتحاب، يتحركون وفق طبيعتهم الأصيلة الطيبة «محبو 1 لا يمثلون سوى أنفسهم»، وتدلل على ذلك أن الناس اليوم لا يحبذون صحبة سوى الإنسان الطيب. ويشير ياسر محسن إلى تأثير وسائل الإعلام على عقلية الناس في هذا الجانب «هي تنسخ عقول الناس حتى من نشؤوا وترعرعوا وسط عوائل محافظة». ويبدي ياسر دهشته من عدم اهتمام أولياء الأمور بهذا الموضوع «بالأمس كنت أشاهد فيلماً سينمائياً، في أحد المشاهد يسأل رجل متقدم بالسن شاباً إن كان يحتاج المساعدة، فيجيبه الشاب بغرور لم أحتج مساعدة أحد يوماً».ويسأل ياسر «بالله عليكم كيف سيفكر أطفالنا عندما يشاهدون مواقف مماثلة لا تتناسب أبداً مع تعاليم ديننا ولا مع أعرافنا وتقاليدنا الأصيلة؟!».