يرعى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى اليوم، في موقع باب البحرين وعند الخامسة مساءً، مهرجان التراث بدورته الحادية والعشرين تحت عنوان «مقاهي شعبية». في اشتغال على الإرث الإنساني، والموروثات غير المادية التي انسجمت بتقاليدها وتكويناتها مع الإنسان البحريني، يستحضر هذا الموسم الثقافي التراثي رائحة البن الأولى، ويصنع من التأريخ الحقيقي والحياة الإنسانية القديمة مجاز رحلة موازية، تستعيد المفاصل التاريخية والحضارية. هذه المرة الذاكرة الزمنية العتيقة تستلهم حكايا المكان، وتجيء بإرث الهوية والعادات المجتمعية عبر «المقاهي الشعبية» من قلب باب البحرين في إطار فعلي لضمان استمرارية التقاليد، واستعادة التوقيت ولكن بنتاج معاصر وتعامل مغاير يتفحص الأحداث بعين المتأمل والمراقب. الجميل في الموسم الحالي، أن القهوة تستعيد عاداتها وأصالتها، تتخذ ذات كراسيها، تعود إلى بيئتها وتتربص بأيد ترفع الأكواب وتحطها على الطاولات.. هذا الانتقاء يسترد الحياة بأجسادٍ أخرى، خاصة أنه لا يبني أو يستنبط بيئة جديدة أو شبيهة، بل يعود إلى ذات المدارج، حيث الأبواب القديمة، الجلسات الشعبية، الملامح بملحها الأبدي الأليف والأروقة المتعرجة، بخطوط تشير إلى قدر المدينة لتكون نقية وعتيقة. هذه التوليفة ما بين قلب المكان ونشاطه الحياتي المعتاد، تستلهم مكونات الثقافة والمعيشة والنمط الإنساني الذي كان يؤرخ لحياته من قلب المقاهي، حيث اللقاءات اليومية العفوية، النقاشات السياسية والمعيشية، مراحل الاكتشافات والدهشة، والتجريد التام للتراث غير المادي.. من هذا المكان، يستدرج مهرجان التراث التشكيلات الثقافية والحضارية المتنوعة ويتقاطع مع فكرة أن المقاهي سير حياتية بقيت هنا، وحان وقت إيقاظها. وبالتوازي مع المهرجان، تدشن وزارة الثقافة تطبيقاً إلكترونياً للهواتف الذكية، يتضمن خارطة الموقع باب البحرين وتعريفاً بالمكونات المكانية والعمرانية للمنطقة.يستمر المهرجان حتى مطلع مايو المقبل، في استعادة مكانية لمقاهٍ شعبية طالما ميزت المكان وغزت أزقته ودواعيسه برائحة البن والقهوة.