ميونيخ- (رويترز): يحدث شيئان لا ثالث لهما في كل مرة يتولى فيها لويس فان غال تدريب أحد الفرق حيث يدخل المدرب الهولندي في خلافات شخصية مع مجلس الإدارة ويكتشف أيضاً مواهب واعدة قد تخطئها أعين مدربين آخرين. ولم تشذ فترة العامين اللذين أمضاهما مع بايرن ميونيخ عن هذه القاعدة. وغادر فان غال من الباب الخلفي حينما أقيل من منصبه في 2011 بعد سلسلة من الخلافات مع مسؤولي النادي البارزين حتى أن أولي هونيس رئيس بايرن قال مؤخراً إن المدرب الهولندي كان يعتقد نفسه «فوق النقد». لكن فان جال الذي يتولى حالياً تدريب منتخب هولندا ترك إرثاً عظيماً من المواهب الرائعة مثل الجناح فرانك ريبيري وارين روبن وحول بايرن إلى تشكيلة مقاتلة تغلب عليها العقلية الهجومية. لكن أفضل إنجازاته بلا منازع هي اكتشاف قدرات المهاجم توماس مولر الذي قاد انتصار فريقه الساحق يوم الثلاثاء على العملاق الإسباني برشلونة وبأربعة أهداف دون رد في ذهاب الدور قبل النهائي لدوري أبطال أوروبا. وسجل مولر هدفين وساعد فريقه على إحراز الهدفين الآخرين في مرمى الفريق الكتالوني الذي ظهر بلا حول ولا قوة. وكان مولر على وشك الرحيل عن بايرن على سبيل الإعارة لكن فان جال وثق فيه وجعله من اللاعبين الذين يشاركون بانتظام مع الفريق الأول في موسم 2009-2010. ووصف مولر فان جال في وقت لاحق بأنه الشخص صاحب الفضل عليه ورد لمدربه الجميل بتسجيل 13 هدفاً في أول موسم يلعبه بشكل كامل مع الفريق من بينها ثلاثية في مرمى بوخوم حسمت لبايرن فعلياً لقب الدوري الألماني. ومن وقتها لم يتراجع مستوى مولر. وسجل أربعة أهداف في كأس العالم 2010 من بينها هدفان في مباراة انتهت بالفوز 4-1 على إنجلترا في دور الستة عشر وأصبح واحداً من أبرز اللاعبين المؤثرين في بايرن. لكنه ليس خبيراً في اجتذاب الأضواء. فشكله ليس كلاعبي كرة القدم وأسلوبه في اللعب داخل الملعب لا يرهب المنافسين مثلما تفعل مراوغات ريبري وروبين كما إنه لا يسجل الأهداف بنفس المعدل والكيفية مثل ماريو جوميز وماريو ماندزوكيتش. لكن مولر أثبت أن موهبته تتمحور في قدرته على التحرك بدون كرة واستغلال المساحات. ولقد أظهر ذلك بجلاء أمام برشلونة حيث كنت تراه يساراً ويميناً وفي منطقة الجزاء بعيداً عن الرقابة ليبث الرعب في دفاع الفريق الكتالوني. فقد سجل الهدف الأول لفريقه بضربة رأس بعدما وقف في مكان مناسب ليقابل تمريرة بالرأس أيضاً من دانتي. وفي الهدف الثاني ارتقى فوق الجميع ليضرب الكرة برأسه لتصل إلى جوميز الذي سددها في المرمى من مسافة قريبة. وأثار اشتراكه في الهدف الثالث جدلاً كبيراً لأنه بدا أنه أعاق خوردي البا قبل أن يسجل زميله روبن في المرمى. وفي الهدف الرابع وضع مولر نفسه في مكان سليم وفي توقيت رائع مرة أخرى ليحول تمريرة ديفيد الابا في شباك برشلونة من مسافة قريبة. وقال مولر يوماً في مقابلة «يمكنك الاستعداد للمباراة بأفضل صورة ممكنة قبل انطلاقها لكن في الملعب يتعين عليك أن تعتمد كلية على غريزتك». وأضاف «هناك بعض المنطق في اتجاه الكرة ويبدو أن الله منحني القدرة على قراءة التحركات بشكل سليم». وتابع «بالطبع أرغب في اللعب مثل ليونيل ميسي لكني لا أستطيع». واستطرد «ولذلك يتعين علي أن أبحث عن سبل مختلفة للنجاح. بعض الأشياء يمكن أن تتعلمها من خلال التدريبات لكن في بعض الأحيان يكون لديك إحساسك الخاص وشعورك بالمساحات وأنا سعيد بامتلاك هذه القدرات». ووصفت وسائل إعلام ألمانية مولر بأنه «ملك استغلال المساحات» وهو مصطلح يستخدم عادة في فن الديكور. وخسر بايرن بأربعة أهداف دون رد في آخر زيارة له إلى ملعب نو كامب قبل أربع سنوات حينما كان مولر لايزال يلعب في قطاع الشباب في بايرن، لكن اللاعب البالغ من العمر 23 عاماً يؤكد أن هذا الأمر لن يتكرر ثانية.