بغداد - (وكالات): تجر أعمال العنف الأخيرة في العراق بين القوات الأمنية ومجموعات من المتظاهرين والمسلحين المناهضين لرئيس الوزراء نوري المالكي، البلاد نحو أحد أعمق وأخطر أزماتها، وتهدد بدفعها نحو اقتتال طائفي أكثر شراسة، وفقاً لمحللين ومراقبين. من جهته، حذر المالكي من محاولات إعادة البلاد إلى «الحرب الأهلية الطائفية»، في وقت أمهل الجيش المسلحين الذين يسيطرون على ناحية سليمان بيك في صلاح الدين 48 ساعة قبل بدء «تطهير» المنطقة. ويشهد العراق موجة عنف دام ضد قوات الأمن حصدت أرواح العشرات، اندلعت عقب اقتحام اعتصام سني مناهض لرئيس الوزراء الشيعي في الحويجة شمال بغداد وقتل فيه 50 مدنياً و3 عسكريين. وفي 3 أيام من العنف المتواصل، قتل 176 شخصاً في العراق وأصيب 282. ومع سقوط ضحايا الأيام الثلاثة الأخيرة، ارتفع عدد قتلى شهر أبريل في العراق إلى 391 شخصاً، وأعداد المصابين إلى 981. وقال المالكي في كلمة بثتها قناة «العراقية» الحكومية «نعم، إنها فتنة والفتنة كالنار تأكل الحطب والهشيم، والفتنة عمياء لا تميز بين المجرم والبريء، وأقول لكم اتقوها فإنها نتنة». ودعا رئيس الوزراء الذي يحكم البلاد منذ 2006 العراقيين من رجال عشائر وإعلاميين ورجال دين وآخرين إلى «أن يبادروا وألا يسكتوا على الذين يريدون إعادة البلد إلى ما كان عليه في الحرب الأهلية والطائفية».في الوقت ذاته، أمهل الجيش العراقي مجموعات من المسلحين تسيطر على ناحية سليمان بيك في محافظة صلاح الدين 48 ساعة قبل بدء «تطهير» المنطقة، بحسب ما أفاد مسؤول عسكري رفيع المستوى. وقال قائد القوات البرية الفريق الأول الركن إن اجتماعاً أمنياً عقد في محافظة ديالى ضم قادة أمنيين وعسكريين مسؤولين في المنطقة». وأضاف «تقرر منح مهلة 48 ساعة للمسلحين للمغادرة وبعدها سيتدخل الجيش لتطهير المنطقة من المسلحين». وتابع المسؤول العسكري «هناك معلومات استخباراتية تقول إن هناك فصيلين يقاتلان ويسيطران على المنطقة وهم 25 شخصاً من القاعدة و150 شخصاً من النقشبندية»، مشيراً إلى أن الأهالي نزحوا بشكل كامل من الناحية إلى مناطق قريبة». وفي وقت سابق، قال ضابط في الجيش رفيع المستوى «نحن انسحبنا تكتيكياً كي نعمل على تطهير المنطقة بشكل كامل بعدما عرفنا أن السكان خرجوا منها»، مضيفاً «سنطهر المنطقة زاوية زاوية ولن نسمح بالاعتداء على أمن المواطنين». وتمكن مسلحون مساء أمس الأول من السيطرة «بالكامل» على ناحية سليمان بيك شمال بغداد على الطريق بين العاصمة وإقليم كردستان العراق إثر معارك مع الجيش العراقي فيها. وقتل وأصيب العشرات من أفراد الجيش والمسلحين في معارك الناحية التي تشمل 28 قرية وتسكنها 30 ألف نسمة معظمهم من التركمان السنة. إلى ذلك، أعلن ضابط رفيع المستوى في الفرقة 12 في الجيش العراقي أن حظر التجول المفروض على الحويجة رفع مؤقتاً. وأكد مصدر في الشرطة الإفراج عن 93 شخصاً من معتقلي الحويجة. في موازاة ذلك، قال المتحدث باسم متظاهري الحويجة حامد الجبوري «نحن في انتفاضة أحرار العراق أعلنا مبايعتنا الكاملة لجيش الطريقة النقشبندية»، الجماعة المتشددة الموالية للرجل الثاني إبان نظام حكم صدام حسين، عزة إبراهيم الدوري. وأضاف «سنكون جناحاً مسلحاً تابعاً له لنعمل على تطهير العراق من الميليشيات الصفوية وسننتقم من المجزرة في الحويجة». وفي أعمال عنف جديدة أمس، قتل شرطيان وجنديان وعنصران في قوات الصحوة في هجمات متفرقة.وكان أربعة من رجال الشرطة و31 مسلحاً قتلوا في ساعة متأخرة من ليل أمس الأول في الموصل، وفقا لمصادر امنية وطبية، بينما قتل 3 مسلحين في الموصل أمس و4 في ديالى. ويحاول قادة البلاد منذ اندلاع الأزمة السياسية عقد اجتماع وطني من دون أن ينجحوا في ذلك، في ظل الغياب المستمر لرئيس الجمهورية جلال طالباني الذي كان يؤدي دور الوسيط بين الفرقاء السياسيين.