كتب ـ عايدة البلوشي:لعل أقرب توصيف لحال المواطن مع الراتب يفسره المثل القائل «صحيح لا تقسم.. ومقسوم لا تأكل.. وكل حتى تشبع»، بمعنى أن الموازنة بين الراتب الشهري والمصروفات طيلة 30 يوماً مهمة قد تكون مستحيلة لمحدودي الدخل خاصة.بمجرد أن ينزل الراتب بحساب الموظف حتى يتشظى ويسلك مسارب متعددة، فاتورة الكهرباء والهاتف ووسائل الاتصال الأخرى، وأقساط مدارس الأولاد والسيارة، وإيجار البيت، ومستلزمات المنزل واحتياجاته.. كلها على رأس القائمة ولا تقبل التسويف ولا التأجيل.هذا التوصيف يظهر هزالة الراتب أمام كومة المطالب الضخمة، ويجد الموظف نفسه ومنذ الأيام الأولى من الشهر، كمن يسلك طريقاً وفي جيبه المثقوب بضع «روبيات» هي كل ما يملك، وتتسرب على طول الطريق دون أن يشعر.مدهونة بزبدة مع إيذان الشهر عن نهايته تبدأ عمليات الجمع والطرح والضرب والقسمة، 100 دينار للسيارة، 50 للروضة والمدرسة، 200 إيجار بيت، 225 مصروفاً، 50 فواتير كهرباء وهواتف بقلب بعضها... المجموع 625 ديناراً والراتب 600. عبدالله علي يعتقد أن الشباب البحريني لا يملك ثقافة إدارة الراتب وغير مهتم أصلاً بهذا الجانب «يلبي رغباته وحاجاته الأساسية والثانوية من شراء هاتف آخر موديل، آيباد، سيارة فخمة، ويحمل نفسه فوق طاقته من أجل كماليات يراها أساسيات، وقد يقترض لشرائها». هذا في أيام العزوبية «بعد الزواج وتكوين الأسرة يضطر للعناية براتبه حيث يحتاج إلى تلبية احتياجات أسرته ومتطلباتها المعيشية، وبالتالي يقلل من وسائل الترفيه والرفاهية لحساب الأساسيات». ويشاركه خالد يوسف الرأي «للأسف الشباب البحريني لا يملك ثقافة إدارة الراتب، ولا يستطع أن يدير راتبه حتى يكفيه لآخر الشهر، لذا تجد الشاب يصرف في أول الشهر ببذخ وفي آخره لا يجد في جيبه ثمناً لوقود السيارة». هات من يطبق ويعلق الشاب أحمد راشد الموظف بالقطاع الحكومي «ربما يكون لدى الشباب البحريني ثقافة إدارة الراتب، هو يعرف أهمية إدارة الراتب بطريقة صحيحة حتى يستطيع تلبية احتياجاته اليومية والمعيشية حتى آخر الشهر، ولكن المشكلة تكمن في إمكانية تطبيق هذه الثقافة».ويضيف «الحياة اليوم تغيرت واختلفت مفاهيمها، ثانويات الأمس وكمالياته أصبحت اليوم أساسيات لا تقبل التأجيل ولا المناقشة.. من يقول إن الهاتف حاجة ثانوية يمكن الاستغناء عنها؟!» ولا ترى عائشة إسماعيل المشكلة في كيفية إدارة الراتب «المشكلة الأساسية في الراتب نفسه، هو قليل وهزيل مقارنة بمتطلبات الحياة وغلاء المعيشة، من الطبيعي أن يفشل الشاب في إدارة راتبه عندما لا يتجاوز 400 أو 500 دينار وهو يعيل أسرة من خمسة أشخاص ويسكن في بيت مستأجر إلى جانب متطلبات المعيشة الكثيرة ومستلزمات المدرسة».وتقول عائشة إن الشاب اليوم يقف عاجزاً أمام إدارة راتبه «لا توازن بين الراتب ومتطلبات الحياة.. الحل الأمثل هو زيادة الرواتب ومن ثم تثقيف الشباب في كيفية إدارتها». وتجد سارة أحمد «من الصعب على الفتيات التحكم في الراتب أو إدارته، الفتاة بطبيعتها تحب التسوق وشراء الكماليات، تجدها في السوق منذ أول الشهر تشتري ما تحتاجه وما لا تحتاجه، وأيضاً تحب تجربة جميع المطاعم، أين الإدارة في الراتب؟». وتضيف «من العوامل التي لا تساعد الفتاة أو الشاب في كثير من الأحيان على إدارة رواتبهم، هو تلبية أهله وأسرته لكل ما يحتاجه منذ طفولته، لذلك من الصعب عليه تغيير هذا المفهوم بين ليلة وضحاها».