كتبت ـ شيخة العسم: يتذكر صيادو اللؤلؤ رحلات «السنابك» في عرض البحر بكثير من الحنين، يوم كان «السنبوك» يتهادى في الخليج وتهزه الرياح يمنة ويسرة على مواويل «السنغني».قبل الرحلة ينفح «النوخذة» كل غواص مبلغاً من المال يقارب 10 روبيات تسمى «تسقام»، وهي تكفي لسد احتياجات الأسرة طيلة غياب الغواص بعيداً في الخليج. ويرى الباحث في تراث البحرين أحمد الفردان الغوص وصيد اللؤلؤ مهنة أصيلة كان يرتزق بها أبناء البحرين في البحث عن اللؤلؤ الطبيعي بأعماق البحر، ويباع في البحرين أو الهند. ويضيف «كان الغواصون قبل أن يدخلوا الرحلة البحرية يأخذون سلفة من النوخذة وتسمى تسقام، ويعطوها لأهلهم للصرف على أبنائهم طيلة مدة غيابهم ومقدارها 10 روبيات، ومن ثم يتناولون غداءهم قبل ولوج البحر بيوم شرط أن يكون لحماً، ففي البحر لا طعام سوى السمك، ويأكلون على ظهر السفينة وجبتين رئيستين صباحاً ومساءاً بعد صلاة العشاء مباشرة وقوامهما السمك، أما على الغداء فيأكلون التمر فقط حتى يكونون أكثر خفة للغوص في البحر». ويواصل الفردان «النوخذة يطلب فرقة بحرية لإنزال السفينة في البحر وتسمى العملية «باليرار»، ويدعو النوخذة لغناء موال خاص يسمى»السنغني» ويؤديها 40 شخصاً».والسفن في ذاك الوقت أنواع يعددها الفردان «(الجالبوت) و(السنبوك) و(الشوعي) وتسع أكبرها 80 غواصاً، ومن التجار من يملك سفينة خاصة ومن يستأجرها، ويدخل الغواصون البحر بعد اسـتعدادات غالباً ما تكون جماعية». ويتوزع طاقم السفينة على النوخذة والغواص والمحاسب، ويقول الفردان «الأخير يجمع اللؤلؤ ويشرف عليه ويلي النوخذة من حيث الرتبة مباشرة، والنهام وهو شخص مهمته الوحيدة الغناء بهدف تشجيع الغواصين وتسليتهم، وقد يصادف في السفينة الواحدة نهامين أو أكثر، والطباخ يتولى إعداد الأطباق لطاقم الرحلة ولديه مطبخ يسمى «السريدان» ومكانه مقدمة السفينة». ويستدل النوخذة والغواصة بخبرتهم لأماكن وجود المحار بكثرة «يتأكدون منها بإنزال الغواصة ومعرفة كثرة وجودها في مكان رسو السفينة، وتمتد الرحلة تقريباً لثلاثة أشهر حسب اكتفاء النوخذة بكمية اللؤلؤ المصاد، وتقتصر الرحلات على أشهر الصيف فقط». عند الرجوع من رحلة الصيد وقبل الوصول إلى البر، تطلق النساء والأطفال حناجرهم لغناء أغنية الهيرة «توب توب يالبحر.. شهرين والثالث دخل» ويضيف الفردان «عندما يرسون في البر، إذا كان التاجر كبيراً وفير المال يوزع النقود على الغواصة فوراً، أما إذا كان من صغار التجار ينتظر حتى يبيع اللؤلؤ ومن ثم يوزع على الغواصة وباقي طاقم «السنبوك» حصصهم».ويتابع «يحصل كل غواص ما بين 100 إلى 150 روبية، وكان هذا المبلغ البسيط يكفي الغواص وأسرته مدة سنة كاملة، والغواصة لا يجيدون مهنة أخرى، والبعض منهم كانوا يرتادون سفناً كويتية أيضا وكانت أشهرها تمر على شواطئ البحرين وتأخذ الغواصة اسمها المهلب».ويقول الفردان عن أنواع اللؤلؤ «هناك مقولة يرددها التجار وهي الطابق أي قشور اللؤلؤ.. الخامس أفضل من السابع.. وهناك أنواع أفضلها جي ون وهو مصطلح هندي ويبلغ قيمة الوحدة منها حالياً 500 دينار، و»أليكا» وقيمة الوحدة ما بين 300 و400 دينار ثم الغولوا، الشيرين وغيرها الكثير».
رحلة صيد اللؤلؤ على مواويل «السنغني»
07 مايو 2013