كتبت - شيخة العسم: ترقبت وصولي للمكان المقصود بصبر نافد، وأنا أطالع تفاصيل الطريق بدقة، تذكرت يوماً مضى عندما ذهبنا في رحلة مدرسية إلى محمية العرين، كان يوماً حافلاً بصحبة الأصدقاء، في ذاك اليوم احتضنت المحمية عدداً محدوداً من الحيوانات المستأنسة، لا وجود لما يلفت انتباه الزائر، الألعاب «إللي بروبية» وبعض الحيوانات وكراس حجرية ركبت هنا وهناك، وزاوية لبيع البسكويت والمثلجات وانتهى الموضوع.كنت أتصور في رحلة الذهاب للمحمية رؤية بعض التغييرات البسيطة بالمرافق، لكني فوجئت بما رأيت، تغيرت «العرين» مئة وثمانين درجة عما كانت عليه قبل عشرين عاماً تقريباً، وطال التغيير مداخل المحمية ومخارجها و»باركات» السيارات، والمرافق الخدمية والطرقات وأنواع الحيوانات الأليفة والمفترسة والطيور وسواها، أصبحت المحمية بوابة للسياحة البيئية في المملكة بامتياز.صحيح أننا وجدنا صعوبة بالغة لإيجاد الطريق المؤدي للمحمية، إذ لم تكن هناك لافتات واضحة أو خريطة توصلنا إلى هناك، إلا أننا وصلنا بعد أن توقفنا لسؤال أحد المارة، وعند اقترابنا من المحمية، كانت اللوحات الدالة والإشارات ترشدنا للموقع.عندما وصلنا حجزنا التذاكر إلا أن الموظف أخبرنا أننا تأخرنا كثيراً في القدوم، وربما الوقت يداهمنا قبل رؤية جميع زوايا المحمية ومرافقها، كانت الساعة تشير إلى الرابعة والنصف تقريباً، والمحمية تغلق أبوابها في تمام السادسة مساءً، إلا أننا وبعد أن قطعنا كل تلك المسافة أصررنا على الدخول، كانت البداية غير مشجعة بعد قطع التذاكر، وكان الأمر أشبه بمتاهة صغيرة وضيقة عند المدخل، إلا أننا استطعنا الوصول لمرادنا برؤية الشمس وتنسم الهواء العليل.وجدنا المحمية مختلفة حقاً، لم تكن بالوصف الذي سمعته من إحدى قريباتي، بل كانت أفضل وأجمل بكثير، وتذكرت حديقة زرتها في تركيا قبل أربع سنوات تقريباً وكانت «العرين» بنفس المستوى وأجمل بنظري، أحسست أني أجنبية أزور بلداً آخر بقصد السياحة، بعد خطوات وجدنا منطقة لوقوف الباصات لتقلنا إلى عمق الحديقة ورؤية الحيوانات والطيور البرية النادرة والمهددة بالانقراض، إلا أننا فضلنا المشي ورؤية الحيوانات عن قرب أكثر.كان ترتيب الحديقة ونظافتها وحتى الخضرة التي تملأ أنحاء المكان أمراً لافتاً، كانت مليئة بزوايا للحيوانات وزعت بشكل يحاكي غابة حقيقية، وشدني منظر بحيرة البجع وكانت أقرب إلى لوحة رسمها فنان شهير، هناك بالذات تذكرت رائعة تشايكوفسكي «بحيرة البجع»، مشينا ويخالجنا شعور بأننا في بلد أوروبي راقٍ بتفاصيله، وأضفى ديكور الحطب والجسور الصغيرة التي تنقلنا من زاوية لأخرى بعداً إضافياً لجمال المكان وسحره.شوقي لرؤية ركن الحيوانات المفترسة دفعني لقطع المسافات بحركة أشبه بالجري الخفيف، وصلنا مبنى كتب عليه الحيوانات المفترسة، دخلنا إليه وكان بحق أجمل ما في المحمية، حتى أن إحدى قريباتي قالت «كأننا في أوروبا وليس البحرين».. ضحكنا ورأينا مبنى مصمماً بطريقة عصرية تحاكي ألوان الطبيعة الخضراء، ووضعت الحيوانات المفترسة في زوايا خاصة صممت وكأنها في منزلها وليست محتجزة في قفص، وعزلت عن الزوار بزجاج مفرغ عازل للصوت، حتى لا تخاف من الزوار أو يخافون منها خاصة الأطفال منهم.كانت هناك أنواع غريبة جداً من الحيوانات، وأغربها حيوان أسمه «الشفق» على ما أذكر وهو من منشأ أفريقي، يشبه القط أو الثعلب لكنه أكثر هيبة وأشد فتكاً كما يبدو، ورأيت النمر والدب، والأخير حظي باهتمام الكبار قبل الصغار، وكان وحشياً نوعاً ما ووحيداً، تمنيت لو أحضروا له من يسليه للتخفيف من عدوانيته، والتقط الجميع هناك الصور التذكارية، وكان للدب النصيب الأكبر من الصور ومقاطع الفيديو.حل الظلام وأوشكت المحمية على إغلاق أبوابها، نشدنا الاستراحة في أحد الأركان وطلب الطعام إلا أن المكان كان ضيقاً جداً ولا يكاد يتسع ربع زوار المحمية، كما لا توجد مأكولات سوى ما نجده في البرادات، تمنيت لو أن هذا المكان الجميل اكتمل بوجود مطعم يليق بمستواه يطل على الحديقة مباشرة، رجعت إلى المنزل وأنا أمني النفس بزيارة أخرى للمحمية تمتد اليوم بطوله.
بوابة السياحة البيئية
08 مايو 2013