كتب - محرر الشؤون السياسية:لم تنقضِ تداعيات تقرير الخارجية الأمريكية السنوي بشأن أوضاع حقوق الإنسان في العالم للعام الماضي، لما احتواه من معلومات غير موضوعية ومغلوطة، بحسب ما أكدته الحكومة البحرينية وأعضاء السلطة التشريعية وحقوقيون، حتى أطل وزير التجارة الخارجية ووزير العمل الأمريكيين، وأعلنوا عن رغبتهم بإجراء مشاورات مع المملكة، حول ما أسموه بـ»انتهاكات حقوق العمال في البحرين».المواقف الأمريكية السلبية اتجاه المملكة، ليست وليدة اليوم، إذ تزايدت بشكل جلي منذ الأحداث التي مرت بها البحرين في 2011، ولم تنكفئ الإدارة الأمريكية عن مواقفها رغم رد الجهات الحكومية ومؤسسات من المجتمع المدني على كل المزاعم والمغالطات التي تحاول تشويه صورة المملكة، وتشديدها على اتخاذها لخطوات إصلاحية، أشادت بها الإدارة الأمريكية نفسها.تقرير الخارجية الأمريكية الأخير، ادعى وجود «توقيف واعتقال المحتجين، على أساس تهم غير واضحة، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى تعذيب خلال الاعتقال، وأشار إلى «انتهاكات أخرى كبيرة لحقوق الإنسان في البحرين، من بينها الحرمان التعسفي من الحياة، واعتقال الأفراد بتهم تتعلق بحرية التعبير، والقيود المفروضة على الحريات المدنية، بما في ذلك حرية التعبير والصحافة والتجمع وتشكيل الجمعيات، وبعض الممارسات الدينية»، ما أثار ردود فعل حكومية ونيابية وحقوقية وجمعيات سياسية واسعة، إذ شددوا على عدم موضوعية المعلومات الواردة في التقرير، ووصفوه بالسياسي والمنحاز ضد المملكة. الرد الحكومي الأول جاء في بيان لوزارة الخارجية، إذ أعربت عن استيائها حيال التقرير الأمريكي، وأشارت إلى أنه عديم الاعتبار ويفتقر للموضوعية والحيادية، ويغفل ما حققته المملكة من تقدم في مجال صون وتعزيز حقوق الإنسان. وذكرت الخارجية أن «التقرير لم يلقِ الضوء على أبرز ما اتخذته المملكة من خطوات تجاه تعزيز ثوابت ومكتسبات حقوق الإنسان، وينتقص من استقلالية القضاء ويتغاضى عن حقائق وأرقام أوردتها وحدة متابعة تنفيذ توصيات تقصي الحقائق، إضافة إلى عدم التطرق إلى ما تم إنجازه منذ ذلك الحين خصوصاً بالقطاع الأمني»، كما بحث وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة مع السفير الأمريكي ما ورد من مغالطات في التقرير. ولم تكتف الحكومة بذلك، إذ أعلنت مطلع الشهر الجاري، وفي سياق تعاملها مع التقرير المذكور، أن وزير الخارجية أجرى زيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التقى في واشنطن بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونقل له حقيقة الوضع في البحرين. بدورها، أكدت المتحدث الرسمي باسم الحكومة، وزيرة الدولة لشؤون الإعلام سميرة رجب، أن حكومة البحرين اطلعت بكل استياء على تقرير الخارجية الأمريكية، لما يحتويه من نصوص بعيدة عن الحقيقة، وما اتبعه من صيغة تعزز دور الإرهاب المستهدفين للأمن القومي البحريني، إضافة لما اتسم به التقرير من عدم الموضوعية والانحياز الكامل للفوضى التي يهدف لها الإرهابيون في المنطقة.وعبرت رجب، عن أسف الحكومة، لموقف الخارجية الأمريكية، الذي يسمح بجميع الإجراءات الأمنية والأحكام الحاسمة من أجل حماية الأمن القومي الأمريكي، في حين يرفضها لبلدان أخرى، ومنها مملكة البحرين التي تعاني منذ سنتين من عمليات إرهابية منظمة وممنهجة تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة. واستنكر النواب في جلستهم الأخيرة الثلاثاء الماضي، ما ورد من معلومات غير موضوعية في تقرير الخارجية الأمريكية، والموقف المنحاز لسفيرها في المملكة، وتحفظوا في مداخلاتهم بشدة على التقرير الذي وصفه النواب بالسياسي والمنحاز ضد المملكة، مؤكدين أن المجلس لن يصمت عن سياسة الابتزاز التي تحاول بعض الأطراف إقحام المملكة فيها، عبر إصدار تقارير مستقاة من جهات تحمل توجهات وأهداف جهات تقف ضد مصالح المملكة وأمنها واستقرارها.كما وأعدت كتلة المستقلين، اقتراحاً برغبة بصفة الاستعجال، يتضمن رفع رسالة للكونغرس الأمريكي حول المغالطات التي ذكرت بتقرير الخارجية الأمريكية، والحث على تعديل المعلومات، التي استقت من السفير الأمريكي بالمملكة. ومن الجانب الحقوقي، قال الأمين العام للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان د.أحمد فرحان، إن: « تقرير الخارجية الأمريكية، الذي ادعى وجود خلل في مجال حقوق الإنسان في البحرين، سياسي وليس حقوقياً. وذكر «إذا كان التقرير يمثل وجهة نظر الحكومة الأمريكية تجاه الوضع الحقوقي بالبحرين، فلن تخالفه التصاريح الأخرى، إذ استقبلت البحرين الشهر الماضي نائب وزير الخارجية الأمريكية، الذي أشاد بالوضع الحقوقي بالمملكة»، متسائلاً «ما الذي جرى خلال الأسبوعين ليتغير التقرير؟ هل قتل أحد؟». وزادت التصريحات الأمريكية بعد الأزمة، التي احتوت على معلومات مغلوطة وغير دقيقة، إذ شهدت تصريحات سلبية متوالية من مسؤولين أمريكيين، وتزايدت التحركات المشبوهة لسفير الدولة ذاتها في المملكة ومواقفه المثيرة للجدل، كما شهدت الفترة الأخيرة، تدخلات متواصلة، منها تحقيق السفارة الأمريكية في حادثة إطلاق مجهولين النار على مركز رياضي يملكه أحد النواب، في تدخل واضح في الشؤون الداخلية، وانتقاصاً من سيادة المملكة على أراضيها، وانتهاكاً لاتفاقية فيينا الدبلوماسية.