كتبت ـ عايدة البلوشي: يردد علي ابن الثلاثين ربيعاً أغنية صلاح الزدجالي «سمعنا بقصة الرجال.. هذاك اللي رفضه الحال.. نوى يخطب هوى قلبه.. تقدم صوب أبوها وقال: ياعم جيتك.. لحد بيتك.. ليد بنتك أنا أتقدم.. على الله.. بشرع الله.. ونص الدين أبا أتمم.. هي مرادي.. غلا فؤادي.. طلبتك قولي تم». قبل ست سنوات عندما كان علي طالباً وموظفاً على «قد حاله»، اختار شريكة حياته دون عناء وطول تفكير، زميلة الجامعة وبنت الفريج، كانا على علاقة طيبة، والأسرتين أكثر من أهل، وهو ينتظره مستقبل عريض من الأحلام، فما المانع؟!أحب علي ابنة الجيران وبادلته الشعور ذاته، ووالدها صديق الوالد وهما بمثابة أخين، عندما تقدم للخطبة ولم يكن قبلاً فكر بعواقبها، تردد والدها وقدم رجلاً وأخر أخرى، وفي نفس الوقت تقدم لخطبتها ابن خالها، شاب رفيع المنصب في شركة محترمة، ولديه من المال الكثير الكثير، وألف بنت تتمناه، «أين أنا من هذه المنافسة غير المتكافئة» حدث علي نفسه. يصمت علي قليلاً ويردد كلمات أغنيته المفضلة «فقير الحال.. ماعندي مال.. غني المبدأ خالي الهم.. أعف النفس.. وأصلي الخمس وأراعي ربي الأعظم..»، هي زاده من القيم والمبادئ والمثل بمواجهة حياة لم تعد تعترف سوى بالجيوب المنتفخة ورنين الذهب وحديث الأعمال.الفتاة فضلت أخلاق علي ورقته وعذوبته على مال ابن خالها، لكن المحيط الاجتماعي والأسري له رأي آخر، وأهلها يرددون «حنا أدرى بمصلحتج» ودون عناء تفكير حسم والدها قراره، ابن الخال هو زوج المستقبل لا علي المنتوف. نقطة الخلاف الأساسية التي أخرجت علي من دائرة المنافسة هي المهر، حيث طلب والدها مهراً خيالياً بالقياس لحاله 4 آلاف دينار، عدا الشبكة والصالة وتكاليف العرس وشهر العرس، ورأى علي في هذه الطلبات تعجيزاً وتطفيشاً لشاب «يادوب» يخطو الخطوات الأولى في طريق تكوين الأسرة وبناء المستقبل. لم يستمع أحد لتبريرات علي، ورأي الفتاة آخر ما يلقى له بال، جرت الاستعدادات بسرعة البرق وتزوجت الفتاة ابن خالها وانتهت القصة، ولكن الزواج لم يدم طويلاً، إذ ما لبثت المشاكل أن أطلت برأسها وحشرت أنفها بين الزوجين، حتى وجدا الحل في الانفصال وتم ذلك.ويغني علي مع الزدجالي «بعد بنتك أنا أحلف لك.. علي تحرم بنات آدم..»، رفض علي أن يقترن بأخرى، هو لا يريد أن يظلم بنت الحلال، ويتزوج من فتاة لا يبادلها حباً بحب ووفاءً بوفاء، طالما أن هواه مازال معلقاً هناك بين الأرض والسماء.قبل ثلاث سنوات وبعد أن لوع الحب قلبه، عاد علي يدق باباً أوصد بوجهه قبل 6 سنوات، كان الأب بانتظاره مجدداً والمهر نفسه لا يتزحزح 4 آلاف دينار لا أكثر ولا أقل.يختلف علي مع من يقولون «الحياة ما تتوقف عند بنت»، ولكن ما يقض مضجعه إصرار والدته على أن تراه عريساً، وهو بالمقابل لا يريد الارتباط بفتاة بينما يحب أخرى. الباحثة الاجتماعية أمينة السندي ترى أن غلاء المهور بات هماً يؤرق حياة الشباب، حيث أن الجهات الاجتماعية والمختصة مقصرة في توعية المجتمع في أن «القيمة الأساسية للزواج هي التوافق والتفاهم بين إثنين وليس في المهر العالي، علينا اليوم أن نصلح الوضع ونهتم بالقضايا الاجتماعية بشكل أكبر تفادياً لمشكلة العنوسة بين الشباب والشابات».
ياعم «جيتك»!
16 مايو 2013