اجتاح عدد من الفضائح البيت الأبيض الأسبوع الماضي ما جعل الرئيس باراك أوباما يعمل جاهداً للتصدي لها لأنها تهدد أجندته خلال ولايته الثانية في الرئاسة. فبعد أن تمكن أوباما خلال الولاية الأولى من تجنب الخلافات والفضائح السياسية التي عادة ما يعاني منها الرؤساء الأمريكيون، إلا أنه يواجه الآن هجمات على عدة جبهات. فالجمهوريون يطالبون بأجوبة على الادعاءات بأن جهاز الضرائب استهدف مجموعات دعم المحافظين. كما يطالبون بالتحقيق في الطريقة التي تعامل بها أوباما مع الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي، رافضين تصريحات الرئيس من أن الجدل حول هذه المسألة دوافعه حزبية. كما أدى الكشف المثير عن أن وزارة العدل صادرت سراً سجلات لمكالمات هاتفية أجراها مراسلو وكالة «اسوشيتد برس»، إلى تحريك الأجواء المحمومة التي تجتاح البيت الأبيض عند تكشف فضيحة. وما زاد من الطين بلة إعلان روسيا احتجاز أمريكي للاشتباه بأنه جاسوس يعمل لحساب وكالة الاستخبارات الأمريكية «سي آي ايه» ما يعيد إلى الذاكرة أجواء الحرب الباردة. وحاول أوباما الذي يشعر بالإحباط من ألاعيب واشنطن التي توعد بإنهائها عندما تولى الرئاسة، إلى الحد من الأضرار التي يمكن أن تتسبب بها هذه الفضائح الثلاث. ووصف أوباما هجمات الجمهوريين على طريقة تعامل إدارته مع مقتل 4 أمريكيين في بنغازي العام الماضي بأنها مهزلة. وانضم إلى الهجوم على جهاز الضرائب الذي يعد أكثر الأجهزة الحكومية المعرضة للانتقاد في الولايات المتحدة. وقال «لقد نفد صبري عليه، لن أحتمله»، متعهداً بالتحقيق في أي مزاعم ضد هذا الجهاز. وقال المتحدث باسمه جاي كارني إن البيت الأبيض ليس له علاقة بقضية سجلات الهاتف الخاصة بوكالة اسوشيتد برس، في إطار قضية تستهدف تسريبات أمنية وطنية. وأضاف كارني «نحن لا علاقة لنا بالقرارات التي تتخذ بشأن التحقيقات الجنائية، لأن هذه القضايا تتعامل معها وزارة العدل بشكل مستقل». واستغل الجمهوريون الدراما المتعلقة بجهاز الضرائب بشكل خاص، بكل سرور حيث أحسوا بأنها يمكن أن تتضمن فضائح ستشوه صورة أوباما، رغم أن الجهاز مستقل. وقال زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل «ما لا نعلمه في هذه المرحلة هو ما إذا كانت هذه القضية قد تخطت حدود جهاز الضرائب لتصل إلى البيت الأبيض». وأضاف «من الواضح أننا بدأنا في الكشف عن وجه هذه الفضيحة»، مطالباً أوباما بتحديد مسؤول في جهاز الضرائب يمكن أن يكشف عما يجري في ذلك الجهاز. وبالنسبة للجمهوريين، فإن التكتيك واضح ويتلخص في الربط ما بين أوباما وأي طيف لفضيحة سواء كان مسؤولاً عنها أم لا. وقال عضو الكونغرس الجمهوري داريل عيسى لشبكة «سي بي اس» التلفزيونية «كيف تجرؤ الإدارة على التلميح بأنها ستحقق في هذه المسألة؟». وحتى الآن لا توجد مؤشرات على أي نشاط جنائي، رغم أن الجمهوريين يزعمون أن الأمور هي أسوأ من فضيحة «ووترغيت» التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس السابق ريتشارد نيكسون في السبعينيات. لكن الخطر المحدق بأوباما هو أن التأثيرات السياسية للفضيحة ستعقد البداية المهتزة لولايته الثانية التي شهدت فشل مساعيه لفرض حظر على الأسلحة وتعثر خطته الاقتصادية الطموحة. وحتى بالنسبة لإصلاحاته المتعلقة بالهجرة التي وضعها في المرتبة الثانية من أولوياته خلال ولايته الثانية، والتي تحظى بفرص جيدة لتتحول إلى قانون، فإن أفضل تكتيك يمكن أن يستخدمه أوباما هو أن يبقى صامتاً لتجنب إغضاب الجمهوريين الذين يحتاجهم لتمرير القانون. ومع زيادة التأزم في الأجواء، فقد امتلأ الإعلام الإمريكي بالتقارير التي تشير إلى أن أوباما يواجه ما يسمى بـ»لعنة الولاية الثانية» التي أصابت العديد من الرؤساء. لكن ورغم مشاكله السياسية، فإن قاعدته السياسية تظل قوية. إلا أن هناك خطراً بأن أشهراً من التغطية للفضائح يمكن أن تزعزع معنويات الديمقراطيين، وتعزز معنويات الجمهوريين قبل الانتخابات النصفية في 2014. وحتى لو ثبت أن مسؤولي البيت الأبيض لم يخطئوا، فإن الفضائح يمكن أن تستمر لأشهر، لتضعف الزخم السياسي وتشتت اهتمام المسؤولين الرئيسين وتجبر مساعدي أوباما على تعيين محامين باهظي التكاليف. ومن المرجح أن تستمر مجموعة جلسات الكونغرس والمعلومات التي ستتكشف لاحقاً والتغطية الإخبارية التي تتحدث عن فضائح، في شغل البيت الأبيض لأشهر مقبلة ما سيتسبب في إبطاء تنفيذ خطط أوباما في ولايته الثانية. ودافع الرئيس الأمريكي عن تحرك حكومته في قضية مصادرة سجلات المكالمات الهاتفية لوكالة «اسوشيتد برس»، معتبراً أن بعض التسريبات الصحافية يمكن أن تعرض حياة أشخاص للخطر.وقال أوباما إن «تسريبات مرتبطة بقضايا أمن قومي يمكن إن تعرض حياة أشخاص للخطر». وتابع أوباما «لذا لن أعتذر، ولا أعتقد أن الأمريكيين كانوا يتوقعون مني الاعتذار». لكنه أقر بوجوب إيجاد توازن بين موجبات الأمن القومي والدفاع عن حرية التعبير، أحد أركان الديمقراطية الأمريكية.وتابع الرئيس «نعيش أيضاً في ديمقراطية حيث حرية الصحافة، حرية التعبير وحرية انتقال المعلومات تساهم في جعلي مسؤولاً وتساهم في جعل الدولة مسؤولة وتساهم في آلية عمل ديمقراطيتنا».واعتبر أن مشاريع قوانين فيدرالية حول حماية مصادر الصحافيين تقدم بها في الكونغرس نواب ديمقراطيون يمكن أن تتيح تأميناً هذا «التوازن».وأكد أوباما ثقته بوزير العدل اريك هولدر الذي انتقده الكونغرس في قضية مصادرة سجلات وكالة «ايه بي».واتهمت وكالة اسوشييتد برس الأمريكية للأنباء وزارة العدل الأمريكية بوضع يدها سراً على شهرين من سجلات اتصالات هاتفية أجرتها في سياق نشاطاتها الصحافية منددة بـ «تدخل مكثف وغير مسبوق» من الإدارة.«فرانس برس - رويترز»
موجة فضائح تلاحق إدارة أوباما
18 مايو 2013