يا أخي! كنت أبي حين هب الرصاص علينامن الشرق، لم تكن هدفاً طيعاًأسعفتنا الجبال وهمنا، وظل الهوى مشرعاًفي البيوتداهمتنا الأعاصير في العريتقنا لرعي النوارس في باحة الشوقسراًأمطرتنا الليالي ببرد النوازل فيجنبات الكهوفيا أخي! كنت أبي حين تعبتُ من الشوقللأم، كان النهار حزيناً، وأغنيتي ضربةفي الهواء.من ترى يزرع الشوق في الروحبعد غياب الحكايات في الصمت،يا لهذا الضباب الذي يلامس وجهالسماء وسطح البيوتيا أخي! كنت أبي حين غابت عن الأفقأرض أبينا، وجعنا ولم تجع الروح، ظل السراجعلى الهم يجلو الدجى، ليرف الحنينإلى الحرف والقمح في جلساتالغناءكنا نطوف القرى،ولسنا نكف عن الصمتوالبرد حارسنا في الظلاموجارت علينا المدائن، والحر يغشىالوجوه، بلا رحمة، والفضاء خيام..يا أخي! كنت أبي حين سال الصقيععلى جبهة الغيموالدار محكمة بالرتاجوصوت المغني نحيب على الدرب«جمال محمله وجراس بترن»ونام على كتف الدرب صوت المسنوتاه الصدى..يا لأغنية تلسع القلب سارحة،حين تهوي المناجلوالزرع طول الرجالفلا الدار دار،ولا هبة الريح صوب الشمالونحن نغذ الخطا،لا إلى الأم، لا إلى عتبات الصبا،بل إلى درجات الغياب..وقال المغني: أتحبس دمعاً جرى في العروقهو الصمت سيج كل القرى وراح مديداً،فلا تخزن الحزن في مقلتيك،وأطلق لروحك أنشودة الخيل،هذي العتابا التي تشلع الهم من طرقات العذابغداً نستفيق على قصة ما روتها الحكايات يوماًوما شهدتها المرايافلا تسرق الوجد من خافقيك ليهربمنتحياً في الزوايا،فهذا أوان نشيد الخيول، فأسرج له البوحلحناً،ورجع حنين الصبايا،فأنت على الدرب تمضي طويلاً على الشوكفي تربة ضاع فيها الصدى،وجف بها العشب فوق قبور الأحبة والأصدقاءوتاهت رفوف الحكاياتراود أحلامها في لقاء..هزمت السنين وأنت تغني لأرض أبيناوما جف في الصوت طعم الغناءوما غاب سرب الصباياعلى العينيسكبن روح الندى في الجراروظل الحنين إلى البحر أيقونة الأمسفي الموسم المستعاروطال الزمان ولم يتراخ زمان الصباوسارت بهم في الصحارى المطايا،وعاشوا مع العري قر البواخر ودارت عليهم ليالي الدوائرولم يغب الحلم يوماًوبيت أبيك المدار..ورف على البعد صوت المغني:«جمال محمله وجراس بترنويام مضت عالبال بتعنحمات جمالي وطلعت أبيعنغريب وما حدا مني اشترى»..***وتاه الصدىوتاه الصدى.