حاوره - هشام فهمي:«سمعنا بكاء البراق المكبل بالقيود، وأنين الإبراهيمي، من تدنيس الاحتلال حرمته، ورأينا فرح الأقصى بصلاتنا فيه».. بهذه الكلمات لخص وكيل وزارة التربية لشؤون التعليم والمناهج رئيس المجلس التنفيذي لمنظمة «الألكسو» د.عبدالله المطوع انطباعه بعد ترؤسه زيارة وفد «الألكسو» مؤخراً إلى الضفة الغربية والقدس الشريف دامت 9 أيام. ودعا المطوع في حوار مع «الوطن»، شعوب الأمتين العربية والإسلامية إلى شد الرحال إلى فلسطين لدعم صمود شعبها والصلاة في المسجد الأقصى. وكشف عن عزم «الألكسو» عقد اجتماع مجلسها التنفيذي في رام الله لاحقاً عقب الاجتماع المقبل المقرر في تونس مايو الحالي، مشيراً إلى أن المنظمة تعمل على تسجيل الموقع التاريخي «بتير» في لائحة اليونسكو للتراث الإنساني.* من صاحب فكرة تنظيم الرحلة إلى الضفة الغربية والقدس ومن شارك فيها؟الزيارة تاريخية كونها الأولى لمنظمة تربوية عربية تحت مظلة جامعة الدول العربية إلى فلسطين، وذهبنا بناءً على دعوة اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم التي عملت طوال 6 أشهر للتحضير للزيارة والتصاريح والإقامة. الزيارة هدفت إلى كسر الحاجز النفسي الذي يقول إن من يزور فلسطين قد طبع مع الصهاينة، فزيارة السجين لا تعني زيارة السجان، ونحن ذهبنا ممثلين للدول العربية وهذا شرف لنا، فضلاً عن كوني بحرينياً حيث ألقيت كلمة باسم الدول العربية في جميع المواقع التي زرناها.هناك أعضاء رسميون في الوفد لم يتمكنوا من الحصول على تصاريح الدخول من الجانب الإسرائيلي، وهم ممثلو العراق والصومال واليمن، واستمرت الزيارة 9 أيام، وشارك فيها وفود من البحرين والإمارات وقطر والأردن ومصر وتونس والمغرب والسودان. * ما هدف الزيارة؟كان هدفنا الاطلاع على أوضاع المؤسسات التربوية والدينية والثقافية الفلسطينية، وزرنا عدداً من المخيمات بينها مخيمي جنين والأمعري، وزرنا قصر هشام بن عبدالملك التاريخي في أريحا وعدداً من الجامعات، واطلعنا على أنين عائلات الأسرى والأيتام هناك.زرنا جميع المناطق التي استطعنا الوصول إليها في القدس والضفة الغربية، وصلينا في المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي في الخليل، وزرنا كنيستي المهد والقيامة، وزرنا الموقع التاريخي «بتير» ونسعى حالياً لتسجيله معلماً تاريخياً في «اليونسكو».* كيف وجدتم أحوال الفلسطينيين من خلال مشاهداتكم ولقاءاتكم؟الضفة الغربية قطعة من الجنة، ومعنويات أهلها مرتفعة ورأينا فيهم الأمل رغم الاحتلال، وجميعهم يتحلى بالصلابة ذكوراً وإناثاً أطفالاً وشيوخاً، ولا مجال لديهم للتنازل عن حبة رمل من أرضهم، وشاهدنا أطفالاً صغاراً يخيفون جنوداً إسرائيليين مدججين بصنوف الأسلحة حتى أنهم كانوا يختبئون من الأطفال وكان المشهد مصداقاً لقوله تعالى «لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر».. لقد وجدنا أن نبض الحياة في فلسطين يفوق سواها من الدول العربية. وجدنا كل الترحاب من الشعب الفلسطيني، بدءاً من وصولنا أريحا وفوجئنا باستقبال مهيب وغير عادي في كل مكان عبر خروج كثيرين منهم من مختلف القرى والمدن وحتى المخيمات احتفاءً وفرحاً بالزيارة، وهو ما يدل على وجود شعور عربي واحد.اجتمعنا مع عائلات فلسطينية، وزرنا مقابر الجيش العراقي وقبور الشهداء، ووضعنا أكاليل الزهور على قبري محمود درويش وياسر عرفات.* كيف تصفون أوضاع الأماكن المقدسة خصوصاً المسجد الأقصى؟الحفريات مستمرة والمعدات تعمل ليل نهار خصوصاً ناحية حائط البراق «المبكى»، وشعرنا برائحة الاستعمار في محيط المسجد الأقصى، وكذلك في الحرم الإبراهيمي الذي تمنع سلطات الاحتلال رفع الآذان فيه معظم الأوقات، ويسمح للسياح بالدخول بمظهر لا يراعي قدسية وحرمة المكان، إضافة إلى أن آلية دخول المسجد معقدة وتنطوي على تشدد بالغ.وشاهدنا هناك اعتقال شابين فلسطينيين، ورغم ما شعرنا به من قلق وخوف إلا أن هذه المعاناة رصدناها في 9 أيام فقط فما بال أهل فلسطين الذين يضيق عليهم الصهاينة حتى في المياه حيث يعملون على تقليلها للفلسطينيين، رغم توفرها في المستوطنات.لم أتمالك نفسي من البكاء في جميع المواقع التي زرناها، لكنه لم يكن بكاء المنهزمين إنما هو بكاء الفاتحين والمنتصرين.قد لا أكون مبالغاً إذا قلت إننا سمعنا حائط البراق يبكي من تدنيس الصهاينة للأقصى، وسمعنا أنين الحرم الإبراهيمي الذي شطره الاحتلال نصفين تحت السيطرة الصهيونية، كما سمعنا فرح المسجد الأقصى وابتهاجه عندما صلينا فيه، واستمتعنا برؤية قبة الصخرة والحديث مع المصلين.ولابد أن نبشر الأمة هنا أنه للمرة الأولى رفع الأذان في المسجد الأقصى من مؤذن خارج الضفة الغربية وهو أحد أعضاء الوفد من السودان، تأكيداً على اللحمة العربية والإسلامية وأن المسجد الأقصى ليس ملكاً للفلسطينيين وحدهم.* البعض يرى أن مثل هذه الزيارات تفتح المجال أمام التطبيع، ما تعليقك؟الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول في حديثه الشريف «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى»، نحن نطلب من إخواننا العرب كسر الحاجز النفسي ليعم الخير جميع الأراضي الفلسطينية دون استثناء، ولكي لا يترك المجال للأيدي الصهيونية تعيث فساداً في الأراضي المحتلة، وهذه الزيارات تبعث برسالة تؤكد أن وراء الفلسطينيين عرب ومسلمون يهتمون بقضيتهم.ويجب إشعار العدو أن هذه الأراضي ليست ملكاً لهم، إضافة إلى أن الزيارات تساهم في فتح المجال أمام الاستثمار في مختلف المناطق الفلسطينية دون تمييز.واجتياز الحدود أمر بالغ الصعوبة حتى بالنسبة للوفود الرسمية، إضافة إلى أننا لاحظنا وجود كثير من الحجاج المسيحيين العرب والغربيين، وحتى هؤلاء يتعرضون لأشكال من التضييق.* هل تعرضتم لمضايقات من قبل قوات الاحتلال؟ما تعرضنا له لا يذكر مقارنة بما يقاسيه الفلسطينيون كل يوم، وتعد المستوطنات واحدة من أهم أوجه معاناة الفلسطينيين حيث تتداخل هي وجدار الفصل مع مناطقهم عشوائياً حتى إنه قد يقسم بعض البيوت إلى نصفين.الفلسطينيون يتعرضون لإساءات متنوعة واعتداءات متكررة، وفي سوق مدينة الخليل مثلاً غطى الأهالي ممراته لتجنب إيذاء المستوطنين المحتلين الذين يتعمدون إلقاء القاذورات ومضايقة الفلسطينيين.* ماذا قدمت «الألكسو» للفلسطينيين؟نخطط في المنظمة لدعم المؤسسات التربوية الفلسطينية، وندعو جميع العرب إلى تقديم مزيد من الدعم على المستويين التربوي والثقافي، ونحن ندعو أهل الخير إلى الاهتمام بإنشاء المدارس ودور الأيتام ودعم المخيمات.التقينا ممثل الرئيس الفلسطيني ووزراء فلسطينيين ومحافظين، وألقيت كلمة بحضورهم أشدنا فيها بصمود الشعب الفلسطيني، وحسن الضيافة والكرم الذي حظينا به خلال الزيارة.سوف توجه الدعوة رسمياً خلال اجتماع المجلس التنفيذي للألكسو في تونس خلال الفترة من 21 - 24 مايو الجاري لعقد اجتماعه التالي في رام الله، وهذا الأمر يساعد في حماية فلسطين من العزلة وألا تكون محصورة في زاوية تلقي المساعدات وحسب.*هل من الممكن أن تلعب المنظمة دوراً في جسر الخلاف بين الفلسطينيين؟المنظمة ليس لها دخل بالشأن السياسي، ونحن لم نشعر بوجود انقسام بين الفلسطينيين لأن كل ما يشغل بال الناس هناك هو حماية الأرض الفلسطينية، ونحن ليست لدينا مشكلة مع أي طرف فلسطيني في الضفة أو غزة وكنا استقبلنا إسماعيل هنية حين زار البحرين، والانقسام في حقيقته أمر مصطنع.*ما أكبر انطباع خرجتم به بعد الرحلة؟أدعو العرب والمسلمين إلى شد الرحال إلى فلسطين، والصلاة في المسجد الأقصى لما يمثله ذلك من دافع لإخوانهم الفلسطينيين للصمود.