تحرص ست عائلات من سكان قصبات قرية تمكروت أقصى جنوب شرق المغرب، منذ أكثر من أربعة قرون على تصنيع فخار أخضر فريد من نوعه، يشكل فخراً لأهل المنطقة ورمزاً لثقافتهم. على بعد 18 كيلومتراً من مدينة زاكورة ، تقع قرية تمكروت معقل الزاوية الناصرية إحدى أكبر زوايا المغرب التاريخية. واشتقت لفظة «تمكروت» الأمازيغية من كلمة «أمكاورو» أي الأخير ومقابلها «أمزوارو» أي الأول، إذ تقول الروايات الشفهية إنها آخر مناطق وادي درعة دخولا في الإسلام حيث كانت بها مملكة لليهود. وينحدر هؤلاء الحرفيون الذين يكونون اليوم حسب أهل المنطقة ست عائلات تواظب على العمل في الأفران التقليدية للقرية، من عائلتين استقرتا في قصبات المنطقة مع ازدهار التجارة في القرن السابع عشر. ويقول حميد آيت داني، وهو أحد الحرفيين في هذه الأفران ومجاز في الكيمياء المعدنية ان «صناعة فخار تمكروت تمر بثلاث مراحل رئيسة هي مرحلة تهييء الطين، ومرحلة التصنيع ثم مرحلة الطلاء والطهي (...) وكلها تعتمد المواد الطبيعية للمنطقة». فالتراب والماء المستعملان لتحضير الطين مأخوذان من جنبات وادي درعة، أطول واد في المغرب تمتد على ضفتيه أطول وأكبر واحات المملكة. أما حطب الأفران التقليدية فهو من بقايا جذوع النخيل وسعفه، ويعتمد الحرفيون على الحمار في نقل مختلف مواد التصنيع من الواحات إلى الأفران. هذه الطريقة الطبيعية في تصنيع الفخار شبيهة بطريقة بناء قصبات وقصور المنطقة الجنوبية الشرقية للمغرب بأكملها، حيث أدرجت اليونسكو الكثير من البنايات العتيقة في قائمتها للتراث البشري ، باعتبارها نموذجاً لتدوير الخامات البيئية من أحجار وطين وأسقف خشبية وسعف نخيل، دون اعتماد مواد ملوثة أو ضارة. وان كانت كل المواد وطرق التصنيع طبيعية، يبقى اللون الأخضر اللامع هو ميزة فخار تمكروت الرئيسة، حيث ينتج كما يشرح حميد «عن الخلطة المستعملة في الصباغة والمكونة من أكسيد النحاس وكحل العينين (المنغنيز) والحجر الميت إضافة إلى مسحوق الدقيق المسوس (المصاب بالسوس)».