كتب ـ جعفر الديري:تنتج الشركات الفنية في هوليوود، أعداداً ضخمة من أفلام الكرتون الموجهة للأطفال، وتقدم كل يوم جديداً، يستهوي الأطفال بجميل ما يعرض من شخصيات ورسوم مدهشة، تسمر الأطفال أمام شاشات التلفزيون، بل تستهوي حتى كبار السن.الحديث هنا لا يتعلق بمزايا هذه الأفلام، ولا بسر انجذاب الأطفال نحوها، بل بمادتها الخام، بالسيناريو القادر على تحفيز الطفل للابتكار والخلق.معظم الأفلام الكارتونية تنتجها شركات إنتاج همها الربح، تضع في اعتبارها عين الطفل لا عقله! ما يطرح سؤالاً عن مدى استفادة أبنائنا من هذه الإنتاجات، ومدى وعي الآباء والأمهات بالفارق بين ما يستهوي الطفل وما يفيده!.الطفل يحكمتحيل فاطمة محسن الحكم على نوعية الأفلام الكارتونية إلى الطفل نفسه! «هو من يحكم على الأفلام إيجاباً أو سلباً»، وبحسب ما تشاهده فإن أطفالها يرغبون بها بصورة غير طبيعية، ويتابعون كل جديد على شاشة الفضائيات، ويعيدون مشاهدة الفيلم مرات ومرات دون كلل أو ملل.وتجد فاطمة بوناً شاسعاً بين عناصر هذه الأفلام «الرسوم مدهشة، لكن الفكرة والسيناريو مكررين بشكل مزعج». ويرى محمد حسن أن آكبر آفة تواجه شركات الإنتاج هي اهتمامها بالفنيين على حساب الكتاب، مبدياً دهشته من أن كتاب السيناريو يعانون الأمرين طلباً لمن يقدر إبداعاتهم، بينما تتهافت الشركات والمؤسسات على فنيين، لا طاقة لهم على الخلق والإبداع.محمد يشاهد الكثير من أفلام الكارتون، يتأمل فيها كثيراً، لا يجد سوى أفكار معادة وسيناريو ممل، «القصة هي نفسها في جميع ما تنتجه الشركات، وسواء كانت تدور حول طرزان، فئر، قطة، نحلة، فيل» تبدأ وتنتهي بالخاتمة نفسها، «أي زاد فكري يستفيد منها أطفالنا؟!».خيار وفقوسسعيد سيد علي له رأي مغاير «صحيح أن الشركات تنتج الكثير من الغث دون السمين، وصحيح أن معظم هذه الأفلام مكررة ومعادة، لكن ذلك لا يخولنا إلغاء مجموعة أخرى ممتازة من الأفلام الكارتونية».ويضيف سعيد «شاهدت قبل مدة فيلماً كارتونياً مميزاً، يقوم على قصة لشيخ الكتاب الإنجليز تشارلز ديكنز، وهي رائعته ليلة عيد الميلاد، وكان بحق سيناريو رائع مليء بالمعاني والعبر، اجتهدت فيه الشركة لإدراكها معنى أن يخرج فيلم مقتبس عن رواية لكاتب عظيم مثل ديكنز».ويعتقد أن إحدى حسنات شركات الإنتاج أنها أخرجت تراثاً إنسانياً غنياً من رفوف الكتب، وجعلته في متناول أطفال هم اليوم أحوج ما يكونون لمثل هذه الأعمال التي تزرع بدواخلهم حب الناس.الانتقاء يحتاج للخبرةبدورها لا تجد نسرين أحمد أثراً طيباً لأفلام الكارتون «اللهم إلا أن نجد في سيناريو رجل يتشاجر مع نحلة لاستئثارها بقلب امرأة يحبّا، أثراً طيباً يلهم الأطفال ويحفز مواهبهم».لكنها أيضاً لا تلقي باللوم على شركات الإنتاج «فهي في الأخير أنشأت من أجل المال، وعليها التزامات شتى ورواتب موظفين، لكن اللوم يقع على المشرفين على الإنتاج في الفضائيات الخاصة الذين لا يراعون طبيعة الطفل، ولا ما يناسبه من أفلام»!.