يجلس أرتيميو مارتينيز البالغ من العمر 42 عاماً في أحد منتزهات العاصمة المكسيكية ويكمل فطيرة التاكو قبل أن يطلب زجاجة المشروب الغازي الأخيرة، ثم يتوجه هذا المحاسب الذي يزن 140 كيلوغراماً إلى كشك الوجبات السريعة المجاور، ويقول للبائع «أعطني مشروباً غازياً آخر لأسهل مرور فطيرة التاكو الخامسة، والحساب أيضاً من فضلك».وأتت الفاتورة منخفضة نسبياً، مع 40 بيزو (2,5 يورو) لخمس فطائر تاكو باللحم و18 بيزو (1,10 يورو) لزجاجتين من المشروبات الغازية. لكن المكسيك تدفع ثمن هذا النظام الغذائي غير السليم غالياً، وهي أكثر البلدان استهلاكاً للمشروبات المحلاة في العالم مع 163 ليتراً من المشروبات الغازية للفرد في السنة الواحدة، وهي أيضاً ثاني أكثر بلد تنتشر فيه مشكلة البدانة بعد الولايات المتحدة.وجاء في دراسة صادرة عن جامعة هارفرد الأمريكية أن 22 ألف حالة من حالات الوفاة المرتبطة باستهلاك المشروبات المحلاة في العالم والبالغ عددها الإجمالي 180 ألف حالة تحدث في المكسيك.وكانت الأطباق التقليدية في المكسيك مؤلفة عادة من الذرة والفواكه والخضار والأعشاب، لكن يكفي التجول في شوارع العاصمة المكسيكية لملاحظة التغير في العادات الغذائية الناجم عن الانفتاح الاقتصادي في البلاد. ففي أكشاك الوجبات السريعة المنتشرة في مكسيكو، تباع فطائر التاكو وسندويشات لحم الخنزير أو البقر والبيض والأجبان وتشكيلة واسعة من المقالي، فضلاً عن المشروبات الغازية على أنواعها. وأوضح أليخاندرو كالفييو مدير المنظمة غير الحكومية «سلطة المستهلك» التي تطالب السلطات بوضع معايير خاصة بالمنتجات المضرة بالصحة «تغيرت العادات الغذائية تغيراً كبيراً خلال السنوات العشرين الماضية، في ظل ازدياد شديد في الأغذية الصناعية».وصرح لوكالة فرانس برس بأن المكسيك «امتثلت لمعايير السوق المرتكزة على الأرباح، فتغيرت عادات سكانها الغذائية»، إثر إبرام البلاد اتفاقات التجارة الحرة. وتعزى البدانة إلى عدة أسباب، أبرزها عوامل وراثية، لكن ديفيد غارنر مؤسس مركز «ريفر سنتر» المتخصص في الاضطرابات الغذائية في ولاية أوهايو الأمريكية أكد أن السبب الرئيس للبدانة هو العادات الغذائية السيئة في أنماط العيش المعاصرة. وقال إن «المشروبات الغازية التقليدية أو المخففة تزيد من البدانة وتفاقم مشاكل القلب»، ولا تأخذ أي تدابير على الصعيد التشريعي، مندداً بـ»مجموعات الضغط القوية جداً» في قطاع صناعة المشروبات. وازدادت مشكلة البدانة ازدياداً شديداً في المكسيك، فارتفعت نسبة السكان المصابين بها من 9,5% عام 1988 إلى 32% فعام 2012، كما إن 70% من المكسيكيين البالغ عددهم 115 مليون نسمة يعانون وزناً زائداً. وقدرت التكاليف المباشرة وغير المباشرة التي يتكبدها نظام الصحة العامة في المكسيك إثر هذه المشكلة بحوالي 10 مليارات يورو، ومن أبرز تداعياتها مرض السكري الذي يطال 14% من السكان ويتسبب بـ80 ألف حالة وفاة سنوياً.وفي ظل تنامي هذه المشكلة، بدأت عدة مستشفيات تقدم عمليات جراحية لمكافحة البدانة بالمجان أو بأسعار مخفضة جداً.
البدانة تدق ناقوس الخطر في المكسيك
30 مايو 2013