يعد الاستجواب أقوى وأمضى وسائل الرقابة البرلمانية وأشدها ضراوة على الحكومة أو أحد أعضائها لأنه يحمل بين طياته اتهاماً للحكومة أو أحد الوزراء بالإهمال والتقصير في أدائه لمهام وزارته من ناحية، فضلاً عما قد يترتب عليه من طرح الثقة بأحد الوزراء من ناحية أخرى.ونظراً لخطورة الاستجواب فإن النظم الدستورية المختلفة تحيطه بجملة ضمانات وإجراءات تحول دون الانحراف به عن غايته المتمثلة في تحقيق رقابة فعالة على أداء الحكومة وأجهزتها المختلفة.وقد عالج الدستور البحريني الاستجواب في المادة (65) والتي كانت محلاً للتعديل ضمن تعديلات 2012 حيث نصت على أنه «يجوز بناءً على طلب موقع من خمسة أعضاء من مجلس النواب على الأقل أن يوجه إلى أي من الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصاته. ويتم إجراء الاستجواب وفقاً للشروط والأوضاع التي تحددها اللائحة الداخلية لمجلس النواب. وتجري مناقشة الاستجواب في المجلس ما لم يقرر أغلبية أعضائه مناقشته في اللجنة المختصة، وذلك بعد ثمانية أيام على الأقل من يوم تقديمه، ما لم يطلب الوزير تعجيل هذه المناقشة. ويجوز أن يؤدي الاستجواب إلى طرح موضوع الثقة بالوزير على مجلس النواب وفقاً لأحكام المادة (66) من هذا الدستور».وقد تكلفت اللائحة الداخلية لمجلس النواب الصادرة بالمرسوم بقانون رقم (54) لسنة 2002 وتعديلاته بتفصيل الأحكام المختلفة للاستجواب في المواد من (144) إلى (151) على ضوء ما ورد بالنص الدستوري والتي تتعلق بشروط صحته، وإجراءات مناقشته، والأثر المترتب عليه وهو ما يمكن إجماله في النقاط التالية:أولاً – شروط صحة الاستجواب:لكي يكون الاستجواب صحيحاً ومقبولاً من الناحية القانونية يجب توافر جملة شروط حتى يمكن السير في إجراءات مناقشته بمجلس النواب بحيث يصل إلى مُنتهاه، وهذه الشروط هي كالتالي:-1 أن يقدم الاستجواب إلى رئيس مجلس النواب بطلب مكتوب وموقع عليه من خمسة أعضاء على الأقل من أعضاء المجلس، وأن تُرفق به مذكرة شارحة بالأمور المستجوب عنها، ووجه المخالفة المسندة للوزير، والأسانيد التي يستند إليها المستجوبون.-2 أن يوجه إلى أحد الوزراء وأن ينصب على موضوع يدخل في اختصاص الوزير المستجوب.-3 ألا ينطوي على أمور مخالفة للدستور والقانون، وألا يتضمن عبارات غير لائقة أو فيها مساس بكرامة الأشخاص أو الهيئات، أو إضرار بالمصالح العليا للبلاد، وألا يكون في تقديمه مصلحة شخصيه لأحد المستجوبين أو أحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة.ثانياً – إجراءات مناقشة الاستجواب:قبل مناقشة الاستجواب يتعين التأكد من توافر شروطه الشكلية من قبلْ مكتب المجلس، فضلاً عن التأكد من جديته عن طريق لجنة مُشكلة من رؤساء ونواب رؤساء اللجان النوعية الخمس المنصوص عليها بالمادة (21) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب. وعقب التحقق من توافر الشروط الشكلية للاستجواب وجديته يتولى رئيس المجلس إبلاغ الوزير المستجوب ومقدمي الاستجواب كتابة بذلك، ويتم إجراء الاستجواب في المجلس ما لم يقرر أغلبية أعضائه مناقشته في اللجنة المختصة. وتبدأ مناقشة الاستجواب سواء أمام المجلس أو اللجنة المختصة في الجلسة المحددة لذلك بأن يشرح المستجوبون استجوابهم أولاً تم يتولى الوزير الموجه إليه الاستجواب الرد على ما ورد به من وقائع وأدلة ثم تُتاح الفرصة لأعضاء المجلس أو اللجنة المختصة -من غير المستجوبين- لإبداء رأيهم في الموضوع. وبعد انتهاء المناقشة تقدم إلى رئيس المجلس الاقتراحات المتعلقة بنتيجة الاستجواب والتي تتمثل إما في الانتقال إلى جدول الأعمال وهو ما يعنى عدم صحة الوقائع والمخالفات المسندة إلى الوزير، أو إدانة الوزير المستجوب وهو ما يعنى صحة ما نسب إلى الوزير من مخالفات. وفي تلك الحالة الأخيرة يتعين إجراء مناقشة بالمجلس قبل التصويت على إدانة الوزير المستجوب.ثالثاً – الأثر المترتب على الاستجواب:يتمثل الأثر المترتب على الاستجواب حال انتهاء المجلس إلى اتخاذ قرار بإدانة الوزير المستجوب في طرح موضوع الثقة بالوزير طبقاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة (65) من الدستور التي تنص على أنه: «... ويجوز أن يؤدي الاستجواب إلى طرح موضوع الثقة بالوزير على مجلس النواب وفقاً لأحكام المادة (66) من هذا الدستور».ويعنى طرح الثقة بالوزير حال موافقة المجلس عليها بأغلبية ثلثي أعضائه استقالة الوزير من منصبه الوزاري . وهو ما يؤكد أهمية وخطورة الاستجواب كوسيلة رقابية فعالة يملكها مجلس النواب في رقابته على أعمال الوزارات المختلفة. د. شعبان رمضان مستشار قانوني بمجلس النواب
الاستجواب البرلماني
03 يونيو 2013