حذر وزير التربية والتعليم د.ماجد النعيمي من تضخم وتفاقم ظاهرة الإرهاب والاعتداء على المدارس والمنشآت التعليمية حال عدم احتواء هذه الظاهرة بصورة سريعة، مؤكداً ضرورة تشديد العقوبات المتعلقة بالعنف ضد المدارس وإعاقة المسيرة التعليمية وحرمان الأطفال من حقوقهم في التعليم والأمن والأمان والعيش المشترك، وأهمية بناء جبهة تربوية وإعلامية قوية لمواجهة العنف المستشري الذي بات يستهدف المؤسسات التعليمية بكافة مراحلها الدراسية، مخالفة لكافة القيم الدينية والأعراف الاجتماعية والقوانين الإنسانية. وقال وزير التربية، خلال أعمال المنتدى الوطني حول دور المؤسسة التربوية في مواجهة العنف والاعتداءات أمس، إن «هناك تقريرين صادرين عن منظمة اليونسكو عالجا مثل هذا الموضوع الذي يعتبر من أهم معوقات تحقيق أهداف اليونسكو في توفير التعليم للجميع الكتاب الأول (التعليم عرضة للاعتداء 2007) وهو عبارة عن دراسة عالمية حول العنف ضد التعليم والمؤسسات التعليمية، والكتاب الثاني بعنوان (التعليم في مرمى النار) صادر عام 2010، وهناك تأكيد في الدراستين على أن العنف ضد المدارس وضد التعليم عامة يهدد كيان المجتمع ويزعزع الاستقرار والأمان المجتمعي، وأنه إذا لم يتم احتواؤه بصورة سريعة سوف يتضخم ويتفاقم وتزداد خطورته، لأن المجتمع يمثل نسقاً مفتوحاً يؤثر ويتأثر بباقي الأنساق الأخرى».وأكد أنه «من هذا المنطلق يقع على الجميع مسؤولية كبيرة في مواجهة العنف ضد المدارس التي تخرج أجيال المستقبل والتي بدورها تحمل راية القيادة والتنمية والتقدم، بدءاً بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، ومروراً بالتوعية الشاملة وتشديد العقوبات».وأضاف النعيمي أن «الاعتداءات المتكررة ضد المدارس والهيئات التعليمية واستباحة هذه المؤسسات الآمنة الكائنة داخل التجمعات السكانية والتي تقدم الخدمات التعليمية للجميع دون تمييز بسبب العرق أو الطائفة أو المنطقة».وتابع: «كنا نتمنى أن يكون هذا المنتدى مخصصاً لمناقشة أوراق عمل حول تطوير التعليم والتعليم العالي وتحسين أداء المدارس وتجويد الخدمة التعليمية، كما كنا نفعل دائماً، ولكن العنف قد بلغ درجة غير مسبوقة ضد مؤسساتنا التعليمية، منذ الأزمة التي عاشتها مملكة البحرين في فبراير 2011، فتم تعريض المؤسسات التعليمية للخطر بأشكال مختلفة وغير مسبوقة في مجتمعنا البحريني المعروف بأنه مجتمع متحضر ومسالم ويجل العلم ويقدره».وساق وزير التربية أمثلة على الاعتداءات على المدارس: «حرمان الطلبة من حقهم في التعليم بامتناع آلاف المعلمين، ولأسباب سياسية خالصة، عن تقديم الخدمة التعليمية التي كرسها دستور مملكة البحرين وبوأها مكانة عالية، الزج بأطفال المدارس في الصراع السياسي والطائفي والدخول في مواجهة مع زملائهم ومعلميهم داخل المدارس، بما أدى إلى تهديد كافة القيم التي عملنا على زرعها وغرسها على مدار السنين، وتهديد التعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد، وتهديد إنسانية الإنسان أصلاً داخل ساحات العلم المقدسة، حتى بلغ الأمر بالبعض إلى درجة الامتناع عن بيع الأطعمة والمياه للطلاب داخل المدرسة لمجرد أنهم من طائفة أخرى أو من أصل أو عرق معين، الاعتداء على المدارس بشتى الأشكال والصور التخريبية أثناء وجود الطلبة فيها أو بعد الدوام المدرسي، من حرق وتخريب وتكسير وسرقة طفايات الحريق من المدارس والمختبرات وترك المدارس بدون أمن أو سلامة، هذا إضافة إلى إلقاء الزجاجات والأجسام الحارقة على المدارس».وأشار إلى أن «الوجه الأخير من هذا العنف المركب، يجد للأسف من يبرره ويتستر عليه أو حتى يشجع عليه، يتمثل في قفل المدارس من الخارج بالسلاسل والأقفال، وغلق الطرق المؤدية إلى المدارس، وسكب الزيوت عند مداخلها، في محاولة يائسة لمنع وصول المعلمين والطلبة إلى مؤسساتهم التعليمية، تنفيذاً لأجندات سياسية وطائفية، ويفتخر هؤلاء في بعض الأحيان بأنهم قد حققوا إنجازاً كبيراً وثورياً بمنع 12 مدرسة من العمل يوم 14 فبراير 2013.واستنكر الوزير الاعتداءات المتكررة على المدارس ومحاولات تعطيل العملية التعليمية متسائلاً «كيف يمكن أن نصف من يحرم الأطفال من حقهم في التعليم؟ ومن يحرم المعلم من أداء رسالته التربوية؟ ومن يغلق الطرقات المؤدية إلى المدارس، فضلاً عمن يواجهها بوابل من الزجاجات الحارقة ؟ ألأنها مؤسسات مدنية مسالمة ؟ ألأنها توفر الخدمة التعليمية المجانية والإلزامية لكافة أبناء البحرين، بل وحتى لغيرهم من أطفال الإخوة الوافدين العرب ؟ أهذا هو جزاؤها؟!!».وأوضح الوزير أن كلمة العنف تعني الانتهاك والإيذاء واستخدام الضغط أو القوة استخداماً غير مشروع أو غير مطابق للقانون من شأنه التأثير على إرادة الأفراد والحد من حقوقهم الطبيعية، مشيراً إلى أن الاعتداء على المدارس في مملكة البحرين من قبل الخارجين عن القانون يجسد كافة الصور التي عبرت عنها هذه المعاني.وأضاف «إن مفهوم العنف يعنى أيضاً إلحاق الضرر الجسدي أو النفسي بالأفراد أو رفض الآخر وإذلاله أو الامتناع عن خدمته، ولقد عانت مدارسنا إبان الأزمة من آثار هذا العنف على الأطفال جسدياً ونفسياً، حيث قامت الوزارة بمتابعة علاج أكثر من 5200 طالب وطالبة عانوا جميعاً من الآثار المقيتة للعنف الجسدي والمعنوي والإيذاء النفسي، ولايزال يعالج بعضهم إلى هذه اللحظة».وأكد وزير التربية والتعليم في كلمته أنه «بحمد الله تعالى ورعايته، ثم بفضل حكمة قيادة بلدنا العزيز ووقفة التربويين الشرفاء والمجتمع البحريني بكافة طوائفه ومكوناته، تمكنت الوزارة من الوقوف في وجه هذا العنف المقيت المعادي للحضارة والإنسانية والقيم، وتمكنت من تشغيل المدارس إبان الأزمة بفضل الهبة الوطنية العظيمة لآلاف المتطوعين من المواطنين والمقيمين الذي أبوا إلا أن تظل أجراس المدارس تدق منادية إلى طلب العلم». وقال النعيمى إن تجربتنا المؤلمة والمشرفة في الوقت نفسه في مواجهة العنف الأسود موثقة في عدد من الكتيبات التي أصدرتها الوزارة.من جهته، قال خبير منظمة الإيسيسكو عبدالعزيز الجبوري إن المؤتمر «يحمل من موضوع غاية بالأهمية حول دور المؤسسات التربوية في مواجهة العنف وبما يحظى به من تحليل ودراسة لكافة جوانبه كالتربوية والاجتماعية والإعلامية والسياسية من أجل الوقوف على مسبباته ووضع التصورات والأفكار الرامية لحماية الشباب من العنف والتعصب عبر نشر ثقافة الحوار والتسامح والسلام والتربية الوطنية في نفوسهم». ومن المقرر أن تنعقد أعمال هذا المنتدى على مدى ثلاثة أيام خلال الفترة من 10-12 يونيو 2013، بمشاركة نحو 300 من الخبراء والمختصين والمهتمين بالشأن التربوي.ويهدف المنتدى إلى تسليط الضوء على دور المؤسسة التربوية وآليات عملها للحد من العنف ومواجهة الاعتداءات بهدف إيجاد إطار للتنسيق والتكامل بين المسؤولين التربويين ومؤسسات المجتمع المدني والإعلاميين حول الجهود المبذولة على هذا الصعيد، ووضع تصور لمشاريع تربوية وثقافية وإعلامية قابلة للتطبيق من أجل توفير مستلزمات الوقاية من هذه الاعتداءات والتصدّي للعنف على المدارس. ويكتسب تنظيم هذا المنتدى الوطني في البحرين في الوقت الراهن أهمية كبيرة في ظلّ الاعتداءات المتكرّرة التي تشهدها مدارس مملكة البحرين والتي وصلت حتى وقت قريب إلى 192 حالة اعتداءً على المدارس بحسب وزارة التربية والتعليم.وينظم المنتدى المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الإيسيسكو» بالتعاون مع لجنة البحرين الوطنية للتربية والعلوم والثقافة.