تتجسد سوريا في صحراء أبوظبي من خلال حمام دمشقي يزدحم بمجموعة من الممثلين يمشون على الأرض الرخامية بقباقيبهم الخشبية ويتحدثون بلهجة شامية أصيلة في موقع تصوير بني بعيداً جداً عن بلدهم.المسلسل السوري «حمام شامي» يعرض في رمضان، وبني موقع تصويره خصيصاً وللمرة الأولى في أبوظبي بسبب النزاع المستمر في سوريا.وقال مهندس الديكور مهند أبوشنب «كنت أتمنى لو بني هذا الحي والحمام في بيئته الطبيعية في دمشق».والمسلسل كوميديا خفيفة تدور أحداثها في خمسينات القرن الماضي، خصوصاً داخل حمام تركي في دمشق القديمة.وتقول الممثلة سحر فوزي، إن الحمام في الثقافة الدمشقية مكان تدور فيه الحياة الاجتماعية، ويعقد فيه الرجال الصفقات التجارية، وتناقش فيه النساء شؤون الحياة، فضلاً عن العثور على عروس لأبنائهن.من جانبها قالت الممثلة واحة الراهب «نزلت دموعي من الحنين، من القهر على ما حل ببلدي بمجرد أن رأيت الحمام، سوريا ككل جاءت وتجسدت لدينا في الغربة.. الديكور بحد ذاته فيه مصداقية لدرجة جعلتنا فجأة نشعر أننا عدنا إلى سوريا وأن كل المشاكل انتهت.. عدنا إلى الوهم الجميل».ويستعيد الديكور أجواء الحمام الشامي بتفاصيله الدقيقة، مع الأواني النحاسية والثريات العثمانية الملونة إلى كراسي الخيزران والأرض المكسوة بالرخام الأبيض والأسود.وقالت الراهب «ظروف التصوير في سوريا فيها تهديد لحياة الناس، وهناك صعوبة كبيرة في إنجاز أي مشهد، أي موقع تصوير ممكن بلحظة أن يكون مهدداً بالقصف».وعن الإصرار على إنتاج عمل كوميدي رغم المآسي التي تشهدها سوريا، قالت الراهب إن «المخرج أراد في هذا الظرف القاسي والقاهر أن يخلق بسمة للناس لعلها تخفف عنهم هذا الضغط».وأضافت «العمل يحمل بسمة لا أكثر وفي نفس الوقت يبقى ليكرس وجود سوريا، هو تعبير عن استمرارية شعبنا واستمرارية حضارتنا واستمرارية فكرنا.. الفن يجب ألا يتوقف».وأقرت الممثلة بعدم وجود أي علاقة بين المسلسل والأحداث في بلادها، وقالت إن ذلك يعود إلى «رفض المنتجين تمويل أي عمل له علاقة بالثورة السورية».ولفتت الراهب التي لا تخفي ميولها للمعارضة إلى أن «معظم المنتجين مرتبطين بأنظمة لا مصلحة لها بانتصار الثورة وتكريس نموذج يقتدي به العالم»، مضيفة «سيأتي الوقت ويكتب عن هذه الثورة الملحمية».وتراجع إنتاج الدراما السورية بشكل كبير منذ بدء الاحتجاجات، وانخفض عددها من أربعين في 2010 إلى أقل من النصف، فيما يتم تصوير عدد من المسلسلات المتبقية خارج سوريا، سيما في لبنان ومصر والإمارات.وغادر عدد كبير من الممثلين سوريا، خصوصاً المعارضين منهم، فيما تم توقيف البعض وقتل البعض أيضاً مثل الممثل الكوميدي الشهير ياسين بقوش الذي أصابت قذيفة سيارته جنوب دمشق فبراير الماضي.