بقلم: مريم الياميأصبحت قضية حقوق الإنسان من القضايا المحورية التي صارت بحق لغة عالمية تتحدث بها كافة الدول والمنظمات، وتعتبرها المحور الذي ينبغي الاصطفاف حوله والدفاع عنه والحؤول دون تعرض هذا الحق لأي انتهاك.وقد كانت مملكة البحرين إحدى الدول من بين كل الدول والمنظمات الدولية والعربية المعنية بحقوق الإنسان في العالم، ولم تكن أبداً استثناء من أي التزام دولي كان أو عربي يهدف إلى الإعلاء من قيمة الإنسان والمحافظة على حقوقه أيا كانت. من هنا كان الاهتمام البحريني بما يُطلق عليه «الشرعة الدولية لحقوق الإنسان» والتي ينظر إليها باعتبارها الرؤية القانونية الحاكمة لوضعية حقوق الإنسان في العالم، ولكن قبل الخوض في تلك الرؤية بأحكامها المختلفة ينبغي علينا أولاً أن نعرف ما المقصود بحقوق الإنسان، فقد عرفتها الأمم المتحدة بأنها «ضمانات قانونية عالمية تحمي الأفراد والجماعات من إجراءات الحكومات التي تتدخل في الحريات الأساسية وتمتهن الكرامة الإنسانية. ويلزم قانون حقوق الإنسان الحكومات بفعل أشياء معينة والنهي عن فعل أشياء أخرى». وبالتالي، فإنه مصطلح يشمل كل الحقوق المعرفة تقليدياً في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وقد توسع ذلك التعريف مؤخراً ليشمل الحقوق التي يضمنها القانون الدولي الإنساني، وهو القانون الذي حفلت العديد من الكتابات بتحديد مصادره، والتي أجملها في الآتي:أولاً: ميثاق الأمم المتحدة:تم توقيع ميثاق الأمم المتحدة في 26 يونيو 1945 في سان فرانسيسكو، حيث كان من أهداف منظمة الأمم المتحدة إقامة نظام دولي يحمي مجمل حقوق الإنسان المدنية والسياسية، وقد وردت الإشارة إلى العديد من النصوص في مواضع مختلفة من الميثاق منها: التزام جميع الدول بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، والربط بين السلم وتشريع القانون الدولي لحقوق الإنسان، وإنشاء المفوضية العليا لحقوق الإنسان.ثانياً: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:وهو يحدد حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي تكفل لجميع الرجال والنساء الحقوق المتساوية دون تمييز.ثالثاً: العهدان الدوليان للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية:وهما عبارة عن معاهدتين دوليتين ملزمتين ترتبان التزامات قانونية على عاتق الدول الأطراف فيهما، كما إن هاتين الاتفاقيتين أنشأتا نظاماً دولياً للرقابة لضمان تطبيق الحقوق والحريات الواردة فيهما.رابعاً: البروتوكولان الاختياران الأول والثاني الملحقان بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.موقف مملكة البحرين من الشرعة الدولية لحقوق الإنسان:صدقت المملكة على العديد من الاتفاقيات والمعاهدات المعنية بحقوق الإنسان كان أهمها: الاتفاقيات الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري العام 1969، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في 26 يونيو 1987، واتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة بتاريخ 20 نوفمبر 1989 وبدء النفاذ في 2 سبتمبر 1990، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان الصادر عن جامعة الدول العربية والذي تم التصديق عليه في 2006، وغيرها من الاتفاقيات الأخرى مثل اتفاقية القضاء على العمل الإجباري العام 1998، واتفاقية منع التمييز في العمل وشغل الوظائف.إن مملكة البحرين تلتزم بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان بالشكل الذي يكفل تساوي الاتفاقيات الدولية مع القوانين الداخلية، كما أن نظامها الدستوري يتميز بأنه يسمح بالأخذ بأسلوب «النفاذ المباشر»، بمعنى أن نصوص الاتفاقية تصبح مباشرة ضمن القوانين الداخلية للدولة وذلك بعد استكمال إجراءات الانضمام أو التصديق عليها. فقد أخذت المملكة على عاتقها أن تكون نموذجاً لدولة تحترم مواثيق وعهود حقوق الإنسان، ومختلف المبادئ والأسس التي يقوم عليها النظام الدولي التي أقرها ميثاق الأمم المتحدة. وتسير المملكة في ذلك الاتجاه العام السائد في العالم نحو توسيع نطاق حقوق الإنسان، وجعله مسألة عالمية وإنسانية، وتهتم بكل إنسان باعتباره محور هذه الحقوق.وما اقتراح حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى بإنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان إلا تناغم دقيق مع هذا الاتجاه الدولي، لكن في إطار عربي، حيث لم تكتف المملكة فقط بدورها على المستوى الدولي، بل تابعت دورها على المستوى العربي لتخلق التزاماً جديداً هدفه ليس حقوق المواطن البحريني فقط، ولكنها تنطلق من ذلك إلى حقوق المواطن العربي في أي مكان من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي.رئيس وحدة شؤون الوزارات والمجتمع المدني