كتب- وليد القاسمي:تشهد العلاقات الخليجية الإيرانية توتراً تزيد فصوله مع استمرار مواقف طهران المتشددة تجاه القضايا والمصالح المشتركة في المنطقتين الخليجية والعربية من جانب، وتجاه السياسات الخارجية لدول الخليج العربي من جانب آخر. وتأتي الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي يتنافس فيها عدد من المرشحين على رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتزيد من حالة التوتر في مستقبل العلاقات الخليجية الإيرانية، حيث إنه بعيداً عن صراع المحافظين والإصلاحيين في الانتخابات الإيرانية، فإن استمرار تأثير المؤسسة الدينية في طهران على مؤسسة الرئاسة لن يغيّر من السياسة الإيرانية تجاه دول الخليج العربية، حيث ستظل العلاقات متوترة وغير قائمة على الثقة المتبادلة وحسن الجوار.وإن الموقف الأخير لدول مجلس التعاون الخليجية ضد تدخلات حزب الله اللبناني في الأزمة السورية ومشاركته إلى جانب النظام السوري في قتل السوريين، قد ساهم في زيادة التوتر في العلاقات الخليجية الإيرانية، حيث إن طهران التي تدعم حزب الله مادياً وعسكرياً أصبحت مشاركة في الحرب ضد الشعب السوري، وإذا كان مجلس التعاون الخليجي قد قرر إتخاذ إجراءات ضد أعضاء حزب الله في دوله تتعلق بإقاماتهم ومعاملاتهم المالية والتجارية، فإنه ليس مستبعداً أن تتكرر هذه الإجراءات ضد طهران نفسها التي تدعم النظام السوري.إما موقف طهران من الأزمة السورية فإنها تكشف فصلاً معقداً من فصول توتر العلاقات الخليجية الإيرانية، فالسياسة الإيرانية الداعمة لنظام الرئيس بشار الأسد تتعارض مع توجهات دول مجلس التعاون الخليجي لنصرة الشعب السوري. فدول الخليج العربية اتخذت مواقف أكثر قوةً وحزماً ضد نظام بشار الأسد، وقدمت الدعم السياسي والمعنوي للشعب السوري. وليس من المتوقع أن تكف طهران عن دعم النظام السوري الذي تعتبره أحد أبرز أنصارها في المنطقة العربية.وتعد الإجراءات الخليجية ضد حزب الله اللبناني والنظام السوري، ضربةً للمؤسسة الدينية المتشددة التي تحكم إيران، وبالتالي تزيد من عزلة إيران على دول الخليج العربي وتقيّد من تأثير نفوذها على المنطقة الخليجية عموماً.ومن أبرز القضايا العالقة التي تزيد من حالة التوتر الأمني في المنطقة، هو تورط طهران في دعم جماعات إرهابية متطرفة في دول مجلس التعاون الخليجي ومنها البحرين والسعودية والكويت، وهو ما يزيد من حجم الصراعات السياسية والأمنية في المنطقة. وتستغل طهران الجانب الطائفي لتعزز من تأثيرها في بلدان الخليج العربي، خاصةً الدول التي تعتبرها طهران أنها تنخرط في تمييز طائفي، حيث إن طهران تتخذ من موقعها الديني كراعية للطائفة الشيعية في مقابل الترويج الكاذب عن الاضطهاد الذي تمارسه دول الخليج العربي ضد مواطنيها من الطائفة الشيعية. وفي مقابل ذلك فإن العلاقات الخليجية الأمريكية تعد أحد محاور الصراع الخليجي الإيراني، فطهران تعارض زيادة النفوذ الأمريكي في المنطقة الخليجية لاعتبارها أن ذلك من شأنه أن يؤثر على قومها الأمني، وتحاول أن تزيد من نفوذها في المنطقة عبر تحالفاتها مع الأنظمة والدول المعارضة للوجود الأمريكي في الخليج العربي. فيما تحتكم الدول الخليجية إلى مصالحها في علاقاتها مع واشنطن، لاسيما فيما يتعلق بأمن الخليج العربي.ويستبعد المراقبون أن تؤثر نتيجة الانتخابات الرئاسية الإيرانية على مستقبل العلاقات الخليجية الإيرانية، فتأثير المؤسسة الدينية على الرئاسة الإيرانية، وضلوعها في رسم السياسة الخارجية الإيرانية لا يبشر بتدني حالة الصراع، إلا أن المراقبين يشيرون إلى تأثير جزئي في التيار الذي سيحكم الرئاسة الإيرانية، ففي حالة فوز أحد المرشحين المحافظين فإن المؤسسة الدينية ستحكم قبضتها على الرئاسة، في حين أن نجاح أحد المرشحين الإصلاحيين أو المؤيدين للتيار الإصلاحي سيحاول أن يقلل من سيطرة الدينيين المتشددين على الرئاسة الإيرانية، إلا أن تأثير ذلك سيكون طفيفاً.