كتب ـ عادل محسن:بطل قصتنا شاب يتيم الأبوين، عانى من زوجة عمه، قبل أن يهجر منزلها ويحتمي بسقف سيارته لأسبوعين ومنها إلى دار الكرامة، هو لا يضع شروطاً تعجيزية لحل مشكلته.. فقط يحلم بسقف يظله والعودة لعمل خسره بدواعي الغياب المتكرر وتردي الحالة النفسية.ورث الشاب من حطام الدنيا منزلاً تشاركه فيه أختان، أجراه لامرأة عربية للانتفاع بقيمته ومواجهة قسوة الحياة، هي لا تلتزم بدفع الإيجار، وأجرته بالباطن لعائلة آسيوية، وعندما طرد القاطنين الجدد وحطم محتويات المنزل من فرط الغضب والانفعال، واجه شكوى مرفوعة ضده، تطالبه بدفع ثمن «قدر طبخ» كسرها 600 دينار! صاحب الشكوى ـ الذي رفض الكشف عن هويته ـ ضحية عنف أسري قاده في نهاية الطريق إلى سيارته الصغيرة، تشارك مقاعدها الضيقة الواطئة مع زوجته الصابرة، بعدها دخل في حالة نفسية سيئة، أوقفته عن عمله، هنا بالذات شعر بالضعف يعتريه من قمة رأسه لأخمص قدميه، توفير حياة كريمة لزوجته هاجسه ولكن ما باليد حيلة. قلب الشاب الموضوع ذات اليمين وذات الشمال، ضرب أخماساً بأسداس والنتيجة واحدة لا تتغير.. صفر، مواصلة العيش في السيارة مهمة مستحيلة، حتى وإن كانت الزوجة صابرة مستكينة ولا تنبس حرفاً، بعد أسبوعين هجر السيارة أيضاً واضطر مكرهاً للجوء إلى دار الكرامة.بعد أن سدت السبل أمامه وغلقت الأبواب وجد باب «الوطن» مفتوحاً على مصراعيه، بثها همومه وأشجانه، بكى كطفل رضيع فقد تواً حنان الأبوين، قال وهو يغالب دموعه «لا أطلب المستحيل.. فقط غرفة تسترنا وأعود لعملي السابق».اليتيم ابن البلد لا يعرف غير وطنه وطناً، هو لا يصدق أن ساقيه ساقتاه للعيش في دار للكرامة، عزيز نفس يشعر بالمهانة، وعائلة عمه لا تعلم بنتيجة أفعالها، هي تخلصت من حمل «ثقيل» وأراحت رأسها وضميرها، لم يراعوا يتيماً فقد أبويه منذ نعومة أظفاره، لم يقتدوا بسنة نبينا الأعظم في وجوب العطف على اليتامى، هم فقط أراحوا واستراحوا.العم رجل طاعن بالسن يكاد لا يعي ما يدور حوله، وما تفعله زوجته، تكره الشاب اليتيم كرهها لـ»دم أسنانها» وهو لا يدري لذلك سبباً، وتعاقبه دوماً وتضربه مذ كان صغيراً وحتى بعد أن شب على الطوق وأصبح رجلاً مفتول الشاربين، وتنعته بالفشل بمناسبة وبدون، وابنها يعنفه ولا يني يضايقه بالجيئة والذهوب، حتى وجبة الغداء مناسبة طيبة للإذلال وكسر النفس وطأطأة الرأس. كانت الأسرة تشعره باستمرار أن رغيف الخبز غالٍ نفيس، ولا بد أن يخوض من أجلها حرباً لا تهدأ ولا تكن يقول «واجهت الكثير من المتاعب وحالتي النفسية تردت إلى الحضيض، قصرت في الحضور إلى العمل وحولوني للطب النفسي وتأكدوا من حالتي وكان قرار الإعفاء بانتظاري».لم يتمالك الشاب نفسه وهو يروي قصته، ترك دموعه تكمل بقية المأساة «أنا رجل والدمعة لا تفارق عيني، فما بالك بزوجة صابرة تحتسب أجرها عند العلي القدير، عائلتها استضافتنا شهوراً وبعدها آثرت الانسحاب بكرامة.. لم أشأ أن أسقط بنظرهم وأنا شاب يتفجر حيوية ونشاطاً». خرج من منزل أهل زوجته وسكن السيارة لأسبوعين «كنت أستحم في المساجد وملابسي المتسخة أضعها بالمقعد الخلفي، وسيارتي سأخسرها بسبب تخلفي عن سداد الأقساط.. قد تسحب مني في أي وقت (..) أنا تائه شارد الذهن دوماً حتى أقرب الناس تخلوا عني».لدى الشاب شقيقتان تعيشان في منزل أقربائه منذ الصغر، ورث الثلاثة من حطام الدنيا منزلاً صغيراً أجراه لامرأة عربية لا تلتزم بدفع الإيجار، وأجرته بالباطن لآسيويين دون علم صاحب الشأن.ثارت ثائرة الشاب عندما علم بالقصة وطرد الآسيويين من المنزل وحطم بعض الأثاث «المقيمة رفعت شكوى ضدي لدى مركز الشركة ووقعت بدوري على تعهد بعدم تكرار الفعلة، وبت صاحب حق لا يملك حقوقاً.. حتى شقيقاتي تأثرن برأي زوجة عمي ولن يقبلن بسكني في المنزل دون دفع إيجار».تقدم الشاب بشكوى لإخراج المقيمة من المنزل بدعوى عدم التزامها بالدفع «هي بدورها تذرعت بالأغراض المحطمة ووضعت لها أسعاراً خيالية.. قدر طبخ بـ600 دينار تصور!».«الوطن» وهي تنشر على الملأ قصة الشاب وزوجته، تستمر معاناتهما في دار الكرامة رغم ما يلاقيانه هناك من طيبة واحترام، ولكن السكن مؤقت ولا يسمح له بالمكــــــوث أكــــثر مــــن 10 أيـــــام والعـــودة لحيــــاة التشرد مجــــدداً!