أثار تأكيد فنزويلا ونيكاراغوا استعدادهما منح اللجوء، أملاً لدى المستشار السابق للاستخبارات الأمريكية ادوارد سنودن الملاحق في بلاده بتهمة التجسس بعدما سرب معلومات سرية للغاية عن برنامج أمريكي سري لمراقبة الاتصالات العالمية. ولا يزال سنودن منذ مغادرته هونغ كونغ قبل 14 يوماً عالقاً في قاعة الترانزيت في مطار شيريميتييفو في موسكو بانتظار حصوله على حق اللجوء في بلد ما. وكان سنودن تقدم منذ 6 أيام بطلبات لجوء إلى 27 بلداً. وأعلنت فرنسا وأيطاليا انهما لن تستقبلانه ومثلهما فعلت ألمانيا والبرازيل والنروج والهند وبولندا وايسلندا والنمسا وفنلندا وهولندا واسبانيا. وعرض الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أمس منحه «حق اللجوء الإنساني»، بينما قال رئيس نيكاراغوا دانيال اورتيغا أنه مستعد لمنح سنودن حق اللجوء «إذا كانت الظروف تسمح بذلك».وقال مادورو خلال حفل بمناسبة عيد الاستقلال «بصفتي رئيساً للدولة ولحكومة جمهورية فنزويلا البوليفارية، قررت أن أعرض حق اللجوء الإنساني على الشاب سنودن لحمايته من اضطهاد أقوى إمبراطورية في العالم». وأضاف «أعلن إلى الحكومات الصديقة في العالم أننا قررنا عرض اللجوء الإنساني الدولي لحماية هذا الشاب».إلا أن وزير الخارجية الفنزويلي قال إن الحكومة بانتظار تسلم طلب للجوء.أما رئيس نيكاراغوا، فقال في خطاب خلال حفل أقيم بمناسبة الذكرى الـ 34 للثورة شارك فيه المئات من أنصار الحركة الساندينية، إن حكومته تلقت طلباً للجوء عبر سفارتها في موسكو.وأضاف اورتيغا «نحن منفتحون ونحترم حق اللجوء، ومن الواضح أنه إذا كانت الظروف تسمح بذلك فسنستقبل سنودن بفرح كبير وسنمنحه اللجوء هنا في نيكاراغوا».وتابع «لدينا رسالة أرسلها سنودن إلى سفارة نيكاراغوا في موسكو يطلب فيها حق اللجوء في نيكاراغوا».وأثار عرضا فنزويلا ونيكاراغوا ارتياح السلطات الروسية أيضاً التي تواجه وضعاً يزداد إرباكاً ولا تريد أن تؤثر هذه القضية على علاقاتها المتوترة أصلاً مع واشنطن.وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الروسي «الدوما» الكسي بوشكوف على حسابه على تويتر ان «منح سنودن اللجوء الى فنزويلا سيكون الحل الأمثل. هذا البلد على خلاف مع الولايات المتحدة ولن يكون الوضع أسوأ».وأشار إلى أنه لا يمكن لسنودن أن «يبقى في قاعة الترانزيت إلى الأبد». من جهتها، قالت ماريا ليبمان من فرع مركز كارنيغي في موسكو إن «روسيا ليست سعيدة بوجوده ولو أرادت منحه اللجوء لفعلت ذلك فوراً».وأضافت أن الرئيس فلاديمير بوتين رجل الاستخبارات السابق لا ينظر إلى هذا الفار بتقدير كبير وإن كان يرفض بشكل قاطع تسليمه إلى الولايات المتحدة.وتابعت أن بوتين «لا يرغب في مساعدة شخص يكشف أسرار دولة». أما الخبير في معهد التقييم الاستراتيجي الكسندر كونوفالوف فقال «لا أهمية له بالنسبة لنا ونأمل في رحيله إلى أي مكان».لكن الطريقة التي يمكن لسنودن أن يغادر فيها روسيا إلى بلد آخر غير واضحة إذ إن الولايات المتحدة ألغت جواز سفره. وكان موقع ويكيليكس الذي ساعد سنودن، نشر لائحة من 21 بلداً طلب سنودن اللجوء إليها، بينها فنزويلا ونيكاراغوا. وكشف الموقع في تغريدات على شبكة تويتر أنه تقدم بطلبات أيضاً إلى 6 دول أخرى «لن تكشف حالياً بسبب محاولات التدخل التي تقوم بها الولايات المتحدة».وفي بداية الأسبوع، كان هذا التقني الشاب الذي كشف عن برنامج أمريكي سري لمراقبة الاتصالات العالمية، مصدر إرباك دبلوماسي.ففي طريق عودته من موسكو الثلاثاء الماضي، أجبرت طائرة الرئيس البوليفي ايفو موراليس الذي أعرب بدوره عن استعداده لمنح سنودن حق اللجوء السياسي، على الهبوط في فيينا والتوقف لمدة 15 ساعة بعدما رفضت دول أوروبية عديدة اشتبهت بأنه يصطحب معه سنودن، السماح له بالمرور في أجوائها.واتهم موراليس واشنطن بالضغط على فرنسا وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال لمنع مرور طائرته وهدد بإغلاق سفارة الولايات المتحدة في لاباز.وطالبت بوليفيا التي لقيت دعم حلفائها التقليديين «الاكوادور وسورينام والارجنتين والاوروغواي وفنزويلا» باعتذارات علنية وبتوضيحات.وقالت هذه البلدان في بيان مشترك في ختام اجتماع لرؤسائها في كوتشابامبا وسط بوليفيا «إننا نطالب حكومات فرنسا واسبانيا والبرتغال وايطاليا بتقديم اعتذارات علنية مناسبة بالنظر إلى الأحداث الخطيرة التي حصلت».ودانت موسكو موقف فرنسا واسبانيا والبرتغال معتبرة انه «لا ينم عن عمل ودي إطلاقاً حيال بوليفيا ولا حيال روسيا».وعبرت باريس عن «الأسف» مؤكدة أنها لم تكن على علم بأن الرئيس موراليس على متن الطائرة بينما دعت إسبانيا إلى تهدئة «الأمور والنفوس واستئناف العلاقات» بين البلدي، على حد قول وزير الخارجية خوسيه مانويل غارسيا مارغايو. وأثارت قضية سنودن توترا بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. فقد سمح سنودن في نهاية الأسبوع الماضي بنشر معلومات جديدة حول تجسس على اتصالات الاتحاد الأوروبي تقوم به واشنطن مما أثار غضب فرنسا والمانيا اللتين هددتا بتأخير المفاوضات حول اتفاق للتبادل الحر مع الولايات المتحدة.وفي نهاية الأمر، أعلن رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو أن المفاوضات ستبدأ في غد الاثنين لكن في الوقت نفسه ستقوم مجموعات عمل بتوضيح حجم التجسس الذي يمارسه الأمريكيون. «فرانس برس»