أكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي د.عبداللطيف الزياني أن الركيزة الأساسية للاستقرار الداخلي والإقليمي هي نبذ العنف بكل أشكاله واعتماد لغة الحوار لحل النزاعات مع الاعتراف بالاختلافات الثقافية والدينية واحترام تباين الأعراف والتقاليد، مشيراً إلى أن دول المجلس تؤمن بحكم الجوار والروابط القومية والدينية بمسؤوليتها تجاه تحقيق أمن المنطقة واستقرارها وحفظ حقوق دولها ودعم تنميتها وتطورها.وقال د.عبداللطيف الزياني، في كلمة له خلال الملتقى الدولي الرابع الذي نظمه «مركز الخليج للأبحاث» بالتعاون مع جامعة «كامبردج» خلال الفترة من 2 - 5 يوليو الحالي، إن مجالات الخلاف مع إيران تتمثل في احتلال الجزر الإماراتية الثلاث، والتدخل في الشؤون الداخلية للبحرين والدول الأخرى في المنطقة، والتهديد المتكرر بإغلاق مضيق هرمز، والتطلعات النووية، مشيراً إلى أن دول المجلس ستفعل كل ما في وسعها من أجل إيجاد حلول لمجالات الخلاف مع إيران والحد من التوتر، مؤكداً أن السياسة الخارجية لدول المجلس تنطلق من مبادئ واضحة وشفافة تصب في صالح حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة، وتعزيز التعاون والتفاهم الإقليمي والدولي.واستعرض الملتقى الدولي الرابع الذي استضافته جامعة «كامبردج» البريطانية أبرز التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي، بمشاركة نخبة من صناع القرار ومديري مراكز الدراسات، إضافة إلى 300 من الباحثين والإعلاميين والمهتمين في الشأن الخليجي.وشهد الملتقى الذي يعد أحد أكبر اللقاءات المتخصصة بدراسة القضايا والتحديات التي تواجه منطقة الخليج العربي مناقشة 11 محوراً متنوعاً على مدار أربعة أيام من أبرزها: العلاقات بين دول مجلس التعاون وكل من تركيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والخيارات الاستراتيجية الوطنية والإقليمية والعالمية، وتحديات التنمية المستدامة في دول الخليج وكذلك التحديات التي تواجه دول المجلس في مجال صناعة النفط والغاز.وتعود أهمية الملتقى السنوي إلى تسليط الضوء على قضايا ذات أبعاد وتأثيرات مستقبلية واستراتيجية على منطقة الخليج, وسط ظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد وفي مقدمتها التهديدات النووية الإيرانية على أمن الخليج، والتحولات التي تشهدها عدة دول عربية، كما إن هناك تحديات أخرى تواجه دول الخليج منها الحديث عن الطاقة الجديدة والنفط الصخري, إضافة إلى تبعات الأزمة المالية العالمية.وأكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أن سياسة دول مجلس التعاون تنطلق من احترام سيادة واستقرار دول الجوار الإقليمي وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، مبيناً أن هذين المبدأين ليسا شيئاً عابراً في تاريخ دول المجلس السياسي أو وليدا ظروف أو تطورات سياسية معينة، بل يمثلان ركائز أساسية تتمسك بها دول المجلس وتحترمها في سلوكها السياسي، كما تدعو الدول الأخرى لاحترامها لما في ذلك من فوائد كبيرة لأمن المنطقة وسلامتها.وقال د.عبد اللطيف الزياني إن «دول مجلس التعاون منفتحة على العالم، ولها علاقات عريقة وشفافة مع مختلف الدول والمنظمات، وإسهامات كبيرة في القضايا العالمية إيماناً منها بأهمية التعاون الإقليمي والدولي لحل المشكلات وبناء عالم أفضل يسوده الأمن والسلام والاستقرار والازدهار».البحرين صنعت ربيعها بالمشروع الإصلاحيومن جهته، ركز الباحث الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة المتخصص في مجال العلاقات الدولية والاستراتيجية والقانون الدولي في كلمته على الأوضاع في البحرين، حيث أشار إلى أن البحرين صنعت ربيعها الخاص منذ أن طرح صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد مشروعه الإصلاحي قبل أكثر من 12 عاماً، وأهم ما يميزه أنه مشروع شامل لكافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما يتسم بالتجديد والتطور والتدرج بما يتناسب مع تطلعات شعب البحرين.وأكد الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة أن أحداث فبراير ومارس 2011 ليس لها علاقة بما يسمي الربيع العربي وما شهده من حركات شعبية واحتجاجية، حيث انتفت الأسباب الداعية لذلك سواء فيما يتعلق بالمطالب الإصلاحية أو المعيشية والتي كانت المحرك الأساسي للتظاهرات العربية بينما في الحالة البحرينية كان التدخل الخارجي عاملاً مؤثرًا في دعم أجندات خاصة لعناصر في الداخل مازالت تسعى إلى خلق حالة من الفوضى وتقويض هيبة الدولة وتوفير الغطاء السياسي والديني للعنف في الشوارع بما يخدم مشروع إقليمي توسعي.وأوضح أن جلالة الملك دعا منذ سنتين إلى حوار وطني لتقييم وتسريع مسيرة الإصلاح بدعوة جميع أطياف المجتمع لمناقشة مجموعة من المحاور السياسية والدستورية والاقتصادية والحقوقية والإعلامية، وقد أثمر هذا الحوار عن تعديلات دستورية شملت منح المجلس المنتخب صلاحيات أكبر في البرلمان وإصلاحات أخرى، كما وجه جلالته إلى استكمال الحوار في الشق السياسي بمشاركة البرلمان والحكومة والجمعيات السياسية، وفي المحصلة النهائية سترفع المرئيات المتوافق عليها لجلالة الملك لإقرارها عبر المؤسسات الدستورية.وقال «نعم ليس هناك توافقات جوهرية حتى الآن في الحوار، لكن هناك طاولة مفتوحة للحوار لكل من رغبته الصادقة هي الإصلاح، ووفق آلية التوافق سيحدد البحرينيون مصالحهم واحتياجاتهم في إطار المشروع الإصلاحي»، وأضاف: الملاحظ أن الحكومة البحرينية أبدت جدية واضحة في تنفيذ التزاماتها وتحقيق التوافق الوطني، وكان تعيين سمو ولي العهد نائباً أول لرئيس مجلس الوزراء خطوة مهمة في هذا الاتجاه من أجل دفع منظومة العمل الوطني.واختتم الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة كلمته بقوله: إن مملكة البحرين تحتاج إلى جهد وتكاتف جميع أبنائها ومشاركتهم بإيجابية بما يعزز الوحدة الوطنية ويدعم الأمن والاستقرار. الخليج ليس بحاجة إلى ثورةورأى مدير برنامج الدراسات في الأمن والإرهاب في مركز الخليج للأبحاث د.مصطفى العاني أن دول الخليج العربي شكلت استثناءات من الربيع العربي الذي اجتاح المنطقة، لسببين رئيسيين:الأول: يعود إلى تاريخ شرعية الأنظمة السياسية في دول الخليج القائمة منذ مئات السنين. الثاني: مرونة وقدرة الأنظمة الحاكمة في دول الخليج على التكيف. وأكد د.مصطفى العاني أن دول مجلس التعاون ليست في حاجة إلى ثورة ولكنها في حاجة إلى التطور حيث لاتزال هناك حاجة أساسية للإصلاح.أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود د.صالح المانع فقد تطرق في كلمته إلى أهمية دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود في ديسمبر 2011 بشأن تأسيس اتحاد خليجي.وذكر المانع أن قادة دول الخليج العربي يدركون أن تاريخ المنافسات والتوترات يقوض التعاون والمصالح الإقليمية لدول المجلس، مشيرًا إلى الحاجة الملحة لقيام بنية إقليمية جديدة أكثر قوة ليس فقط من أجل مواجهة التحديات ولكن أيضاً لاغتنام الفرص، معتبرًا أن وجود هيكل تنظيمي أكثر ديمقراطية سيكون أكثر نجاحاً في تحقيق هدفه في إدماج دول الخليج مستقبلاً وسوف يساعد أيضاً على خلق حقبة جديدة من المشاركة والتعاون بين دول المجلس.