في السابق كان يطلق على بليزه الواقعة في أميركا الوسطى وجارة المكسيك وغواتيمالا اسم هندوراس البريطانية، لاحتلال تاج الملكة لها طوال عقود طويلة جداً، لكن اليوم تعرف بالجنة الطبيعية لما فيها من معالم طبيعية رائعة إما في البحر أو البر. ومساحة بليزه لا تتعدى الـ23 ألف كليومتر مربع، وعدد سكانها 327 ألف نسمة فقط، لكن دخل الفرد فيها أفضل من أي بلد آخر بهذا الحجم، فوضعها الاقتصادي جيد، والفضل في ذلك يعود إلى احتلالها مراتب مهمة من حيث البلدان السياحية في المنطقة، وازدهرت أكثر بعد أن ساد الهدوء مع جارتها غواتيمالا بعد توتر كاد يؤدي إلى نشوب حرب بسبب ترسيم الحدود.وكسبت بليزه الكثير من الجمال الطبيعي لقربها من خليج يوكاتان والحدود الشمالية التي تجمعها مع المكسيك ومن شرق بحر الكاريبي، لكن ما يميزها عن غيرها من بلدان المنطقة وجود جبال تسمى جبال مايا يصل ارتفاعها إلى 1122 متراً، وهي مشكلة من مرتفعات حتى تصل إلى القمة، ما يجعل تسلقها مغامرة بحد ذاتها بالنسبة لمحبي تسلق الجبال ورغم مساحتها الصغيرة إلا أن لديها مناظر طبيعية مختلفة تشد السياح إليها.ومن أهم معالم هذا البلد عدا المعالم الطبيعية الجسر المتحرك الذي يروي حكايات الماضي العميق والاحتلال البريطاني، فهذا الجسر يربط الجزء الشمالي من العاصمة بليزه سيتي بجزئها الجنوبي ويمتد فوق نهر يحمل أيضا اسم بليزه. وهو ليس أقدم جسر متحرك في أميركا الجنوبية فقط، بل الوحيد في العالم الذي مازال يشرف على تحريكه عمال متخصصون. والملفت أن البريطانيين لم يبنوه في بليزه، بل في ليفربول، ونقلوه بسفينة تابعة لشركة أميركية مقرها في نيو أوليز وتم تركيبه عام 1922، وهو اليوم معلم سياحي ومحور التجارة البحرية في البلد.وفيما يتعلق بالسياحة الأثرية فإن الطريق الآتي من غواتيمالا يغص بآثار حضارة شعب المايا ومعابده فينقل السائح إلى قلب حضارة عمرها أكثر من ثلاثة آلاف سنة، منها مدن صغيرة مثل سان أغناسيو، حيث كانت مدينة قبائل كسونانتونشين ومن هناك إلى مدينة أكثر عراقة وهي لامانيا في الشمال، والرحلة لا تخلو من المغامرة فالسائح يقطع مسافات على الأقدام بعدها بواسطة زوق عبر الغابات المطيرة، مجتازاً أماكن تعج بالطيور والنباتات التي لا توجد إلا هناك وحيوانات نادرة مثل النمر المرقط والتابير وهو حيوان شبيه بالخنزير.ولا داعي للتفكير طويلاً بوسيلة للوصول إلى الشاطئ، فمن مرفأ بليزه يمكن ركوب قوارب سياحية وهي وفيرة إلى مناطق على الشاطئ الكاريبي الرائع، وبعد ساعة سفر بالإمكان التمتع بالمياه الكريستالية والنزول فوق جزيرة النخيل كاي كولكر. لكن هناك يقع السائح في حيرة في أي مكان يريد الجلوس أو تحت أي نخلة وفي أي مكان يسبح أو يمارس رياضة الغطس بسبب جمال الطبيعة. وفي المساء تسمع موسيقى الريغي آتية من كل مكان. ومن يأتي في الصيف يمكنه مشاهدة أجمل استعراضات الحيتان والجرأة على الغوض بالقرب من هذا الحيوان العملاق الأليف. والسباحة ليلاً مسموح بها، فالكثير من السياح يسعون لمشاهدة الشعاب المرجانية تحت انعكاس ضوء القمر، فبليزه تملك ثاني أكبر حقل شعاب مرجانية في العالم متنوعة الألوان والأشكال.ومن يريد مشاهدة جمال الطبيعة بإمكانه التمتع بأجمل منظر في العالم، وهو المساحات الواسعة التي ينمو فيها أكثر من 200 نوع من أزهار الأركيديا، لذا يمكن القول بأن بليزه هي المكان المثالي لمن يريد قضاء رحلة استجمام حقيقية.
بليزه.. قبلة السياحة البحرية بين أحضان حضارة المايا
09 يوليو 2013