كتبت - نور القاسمي:لا يمر مساء منتصف رمضان كسابقه في دول الخليج العربي، يحتفل الأهالي وأطفالهم في ليلة 15 رمضان بالـ«قرقاعون» وينطلق الأطفال حول المنازل يجمعون الحلويات من ربات البيوت، ولهذه المناسبة يخيط ويشتري الأهالي الملابس الشعبية التراثية المتداولة قديماً فالـ«ثوب نشل» والـ«بخنق» للبنات والثوب والـ«دقلة» للأبناء احتفالاً وفرحة بهذا اليوم.وقال مواطنون لـ»الوطن» إنهم يُفصلون أفضل أنواع الملابس التراثية الشعبية لأبنائهم بمناسبة القرقاعون، لإحياء العادات والتقاليد والتراث البحريني ولإدخال البهجة والسرور في قلوب الصغار ولترسيخ هذه العادة في قلوب الأبناء.وأشاروا إلى أن «القرقاعون» يولّد تنافساً شديداً حول من يرتدي أفضل لبس شعبي؟، داعين إلى عدم المبالغة في أسعار الملابس الشعبية التراثية لأنه لا يتم ارتداؤها إلا مرة واحدة خلال السنة.عادة متوارثةمن عادة عائلة محمد سالم الحفاظ على الطابع التراثي لهذه العادة سنوياً فتفصل والدة جاسم محمد الـ»ثوب نشل» والـ»بخنق» لبناتها والثوب والـ«دقلة» لأبنائها: «اعتدنا كل عام على تفصيل أفضل أنواع الملابس التراثية لأبنائنا بمناسبة القرقاعون، أولاً لإحياء عاداتنا وتقاليدنا وتراثنا البحريني وثانياً لإدخال البهجة والسرور في قلوب الصغار قبل الكبار وأخيراً لترسيخ هذه العادة في قلوب أبنائنا لكي يتوارثوها بعدنا وجعلها عادة لا تنقطع في بيتوهم».القرقاعون في القلبويفضل عبدالله فيصل الاحتفال بالقرقاعون قلباً وليس بالضرورة قالباً: «الاحتفال بالقرقاعون عادة لابد منها، ولكننا في السنوات الأخيرة ابتعدنا عن اللبس الشعبي المبالغ فيه، فيرتدي أبنائي «الجينز» وفتياتي «الفستان» ولكننا بالرغم من ذلك نحضر احتفالات هذه الليلة، أحياناً في ضواحي مدينة المحرق، وأحياناً أخرى في المجمعات التجارية» ويضيف: «أبنائي يستشعرون فرحة القرقاعون كاملة وهم بملابسهم، فهم أطفال والملابس الشعبية لا تريحهم وتعيق لعبهم وسيرهم».«النشل» و«المرتعشة»تتحدث فاطمة حسين عن القرقاعون في منزلهم وتقول: «عندما كنت صغيرة، أهدتني جدتي ثوب نشل و«مرتعشة» -عقداً كبيراً من الذهب- ارتدته هي في عرسها من 30 عاماً، وكانت قد ارتدته عمتي أيضاً في حنتها، فرحت به كثيراً ليس فقط بسبب حسن خياطته أو لأنه يعبر عن اللبس الشعبي تماماً بل لأنه عادة متوارثة كما كان أجدادنا يفعلون في هذا اليوم تماماً، وهذا الثوب أرتديه أنا في كل عام كما اعتدت».عادة متجددةتروي سارة عبدالله شغفها في القرقاعون بالتزامها باللبس التراثي: «عند حلول هلال رمضان، أودع الملابس التي اعتدت عليها طيلة العام، وأبدأ بلبس الجلابيات، ومنتصف الشهر عادة مميزة لدي، فأختار أفضل التصاميم المتوفرة من الجلابيات الشعبية لأفصلها وأرتديها ليلة القرقاعون، ليس إلزاماً ولكنني أستشعر وأسترجع ذكرياتي بهذا اليوم، ومن شدة تعلقي به آخذ بيد صغارنا في المنزل لكي أجوب «الفرجان» بهم كما كنا نحن نفعل! وهذا في سبيل عدم انقراض هذه العادة كغيرها من العادات التي انتهت من قاموس حياتنا».غبقة القرقاعونحرصت والدة نورة سلمان على اجتماع أبنائها حولها يوم القرقاعون والسبب: «تحتم علينا «غبقة القرقاعون» التي تشجعها والدتي بأنفسنا ارتداء الملابس الشعبية التي نحضر لها كما نحضر للبس العيد، فنتسابق على شرائها من أفضل المحلات وبأجمل التصاميم لما يولده هذا اليوم من تنافس شديد على «من يرتدي أفضل لبس شعبي؟»، في بداية الأمر واجهنا صعوبة في شراء ملابس القرقاعون لما يأخذه من جهد ووقت، ولكن بعد فترة أصبحنا نعشق فترة البحث عن هذه الملابس لحجم الفرح في قلوبنا وقلوب أطفالنا بها ليلة 15 رمضان».بلا تكلفتحتفل عائلة خالد سلمان بالقرقاعون بلا تكلف أو مبالغة: «نحفز أبناءنا على لبس اللبس الشعبي في يوم القرقاعون، ونأخذهم معنا عندما نبتاع الملابس لهم، فيعتاد أبناؤنا على اختيار ملابسهم بأنفسهم لكي يتعرفوا عليها وعلى أنواعها عن كثب» ويضيف: «لا نشتري الأزياء باهظة الثمن، لأننا جميعاً لا نرتدي هذه الملابس إلا يوم القرقاعون ونادراً ما نرتديها لاحتفالات ومناسبات أخرى، فلا داعٍ للمبالغة فيها أو في أسعارها، فنحن نفرح بالبسيط كما المبالغ فيه، فلم المبالغة؟».الطلب في تزايدأما ما تشهده صاحبة محل «Elian Design» من طلبات على الجلابيات هذه الفترة من السنة مبهر، فتتحدث المالكة سوسن جناحي عن إقبال النساء في هذه الفترة: تحرص العائلات البحرينية على اشتراء الملابس الشعبية كل عام لأبنائها -فتيات وصبيان- ولهذا نلقى إقبالاً شديداً على الجلابيات بشكل عام في رمضان، وعلى أجودها بشكل خاص للقرقاعون».ويتحدث عامل «غرناطة للخياطة والتطريز» محمد نور الدين عن فترة ما قبل رمضان: «نبدأ بالخياطة لجلابيات رمضان من شهر أبريل، فربات البيوت يطلبن أكثر من جلابية لرمضان وأكثر من تطريز وموديل مختلف، أما للقرقاعون فالأمر يختلف، نبدأ خياطة وتطريز الملابس الشعبية من شهر مايو حسب إقبال النساء» ويضيف: «طلبات ملابس القرقاعون لم ننتهِ منها بعد، فمن شدة الإقبال عليها ننتهي منها جميعاً في يوم الثلاثاء قبل الفطور!».حسب الموضةيؤكد جمال محمد عامل في محل للخياطة والتطريز حجم الإقبال لملابس القرقاعون ولكن: «كل عام تختلف الأزياء عن بعضها البعض، فسابقاً كنا نخيط الجلابيات الشعبية أو «الثوب نشل» أما الآن اختلفت الأزياء لدخول الموضة فيها، فأصبحن النساء يطلبن منا زياً للقرقاعون بشكل عصري، ومعظم الناس اليوم استغنوا عن الأكياس التقليدية القديمة بأكياس ذات ألوان زاهية مزينة بصور بعض شخصيات الرسوم المتحركة. إضافة إلى بعض الممثلين الذين يعشقهم الصغار» ويضيف: «صحيح أن الموضة دخلت في هذه الأزياء ولكن جوهرها واحد، فالفتيات يلبسن «الثوب النشل» مع الحلي والمجوهرات والفتيان يرتدون «الدقلة» أو السديري على الثوب».
«النشل» و«الدقلة» تراث يفرض نفسه في احتفالات «القرقاعون»
24 يوليو 2013