أحمد رشيد خطابي: بين المغرب والبحرين علاقـات تاريخيــــة قويـــة ووثيقـــة، فمنــــذ إعلان استقــلال البحريـــــن في بداية سبعينيات القرن الماضي، كان المغرب في طليعة البلدان التي بادرت للاعتراف بها دولة مستقلة كاملة السيادة وعضواً في المجموعة الدولية. ومنذ تلك اللحظة عملا بإرادة ثابتة على تنمية الصلات الحضارية والثقافية التاريخية العريقة بينهما وبناء أسس تعاون ثنائي طموح. فمنذ بدء العلاقات الدبلوماسية في 1973 وتعيين أول سفير مقيم للمملكة المغربية في 1988 بالمنامة، اتسمت هذه العلاقات دائماً بالتقدير الكبير والاحترام المتبادل والثقة والتضامن المطلق.وفي هذا الصدد، أبرمت أكثر من 30 اتفاقية في مجالات قطاعية متعددة فسحت المجال لتبادل الخبرات وتقاسم التجارب الوطنية، بما في ذلك مؤخراً قطاعات حيوية تكرس المصالح المشتركة برؤية استراتيجية موجهة نحو المستقبل في سياق إعطاء هذا التعاون بصورة مستمرة مضموناً ملموساً وغنياً ومتنوعاً وترسيخ طابعه الفريد.وفي ظل التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس وأخيه المبجل صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظهما الله، تميزت هذه العلاقات على الصعيد الخارجي بالتطابق الواضح في المواقف ووجهات النظر والتشاور الدائم والتنسيق المحكم وتأييد قضاياهما العادلة وخاصة ما يتعلق بحماية سيادتهما الوطنية والمحافظة على وحدتهما الترابية وسلامتهما الإقليمية، وإيمانهما بالدفاع عن الشرعية الدولية والتضامن الإنساني، ومناصرة قيم السلم والحوار والتسامح والتعايش، ومبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، فضلاً عن دورهما الفعال في محاربة الإرهاب والجرائم العابرة للحدود، ودعم القضايا العربية والإسلامية وانخراطهما في مسارات التعاون جنوب - جنوب.وبمناسبة الذكرى الرابعة عشر لاعتلاء مولاي صاحب الجلالة عرش أسلافه المكرمين، نستحضر باعتزاز هذا الرصيد الهام متطلعين إلى تحقيق أفضل المستويات والأشكال المتقدمة من التعاون والشراكة البناءة وفق رؤية شمولية ومنسجمة مع التحديات التنموية والمبادرات والمخططات الإصلاحية الوطنية، واثقين أن عمق وحيوية ومتانة هذه العلاقات تتعزز دائماً عبر الزيارات الرفيعة المستوى ولقاءات النخب البرلمانية والاقتصادية والجامعية والثقافية والإعلامية. فلا شراكة حقيقية دون بعد إنساني ودون مساهمة فعلية للقوى المنتجة.ذلكم الرصيد الذي بقدر ما حقق مكاسب وقدم تجربة نموذجية جديرة بالتنويه، فإنه يعد رافداً هاماً في نفس الوقت للشراكة المغربية-الخليجية التي رسمت ملامحها خطة العمل 2012-2017 بمحاورها السياسية والاقتصادية والقانونية والثقافية والإعلامية والاجتماعية، كما اعتمدت من وزراء خارجية الدول الخليجية الست والمغرب بالمنامة في نوفمبر الماضي.وبهذه المناسبة أحيي بتقدير خاص مملكة البحرين الرئاسة الدورية لدول مجلس التعاون الخليجي، على جهودها المخلصة ورعايتها الكريمة لتطوير وإثراء هذه الشراكة بما عرفت به الدبلوماسية البحرينية من حكمة وفاعلية وواقعية والتزام.ولا بد من التذكير بأهمية القطاع الخاص لا في مصاحبة هذه الديناميكية التشاركية فقط وإنما أيضاً في الدفع بها إلى آفاق أرحب، علماً أن المنتدى الاستثماري المنعقد في مايو الماضي بطنجة دعا لتعزيز هذا الدور الأساسي وفق أولويات محددة كالفلاحة والأمن الغذائي والطاقة والسياحة.. منوهاً بالمشاركة اللامعة للبحرين في المنتدى المذكور انطلاقاً من المكانة الاستثمارية الجاذبة لهذا البلد الشقيق.إن المغرب باستقراره السياسي المشهود به وموقعه الجغرافي كملتقى للقارات الثلاث وموارده الطبيعية ومؤهلاته البشرية وبنياته التحتية في ضوء سياسة الأوراش الكبرى التي أطلقها العاهل الكريم في كافة ربوع البلاد، وتحسينه لمناخ الأعمال، وشبكة اتفاقياته التفضيلية المتنوعة على المستويين الجهوي والدولي، أصبح بامتياز شريكاً واثقاً وفاعلاً ومتفتحاً على الدول والتكتلات الوازنة ولا سيما دول مجلس التعاون الخليجي التي تجمعنا بها روابط متجذرة ورؤى متقاربة ورهانات مشتركة. وبهذه المناسبة الوطنية، أتشرف بتقديم أحر الشكر وأسمى مشاعر الامتنان لمملكة البحرين قيادة وشعباً، على مشاركتها احتفالاتنا هذا الحدث المجيد الذي يرمز لأجل دلالات التلاحم التاريخي بين الشعب المغربي والعرش. ذلكم التلاحم المتجدد الذي يتجسد اليوم في ملكية دستورية ديمقراطية برلمانية واجتماعية، ملكية مواطنة تضع المواطنين وصون كرامتهم وحقوقهم بروح المواطنة المسؤولة في صلب الإصلاحات المؤسساتية والخطط التنموية البشرية وفي نهج سياسة القرب والحكم الرشيد، والمقاربة التشاركية في تدبير الشأن العام في إطار سيادة القانون ومبادئ العدل والإنصاف والمساواة وتقوية دعامات مجتمع متضامن.سفير صاحب الجلالة ملك المغرب بمملكة البحرين