كتب – أحمد الجناحي«عملية الضبط في شهر رمضان هي مرحلة لاستشعار معنى الضبط وقدرة الإنسان على التحكم في نزعاته الفطرية كاستجابة آلية تعكس مستوى القدرة الشخصية»، يقول البروفيسور طارق الحبيب استشاري الطب النفسي في كلية الطب والمستشفيات الجامعية بجامعة الملك سعود بالرياض. البروفيسور المتخصص في الطب النفسي في حوار مع «الوطن» عن معادلة التغيير الإيجابي في رمضان وسبل الاستفادة من الرحلة الرمضانية المتميزة في خصوصيتها وطبيعتها الروحانية، والفرصة في رمضان للتغيير تأتي من هيكل هذه الرحلة التي تتسم بإحلال الضبط مقابل الرغبات وإدارة الذات مقابل الانفعالات، أي أن التغيير في رمضان هو امتداد لتغيير شكل الحياة عموماً والذي يتبعه مرونة عفوية في محاولة التوافق مع الجو الاجتماعي العام». وحول عودة الكثير من الناس إلى عاداتهم السابقة لرمضان بعد أن تغيرت حياتهم في الشهر الفضيل بشكل إيجابي، قال إن «هذه المعادلة الصعبة التي أربكت الكثير ولم يجد لها تفسيراً يرضي الفضول، مشيراً إلى أن سبل الثبات على الإيجابيات هي الإيمان بأن «التغيير ليس مجرد قرار عشوائي أو سطحي يتبع لحظة انفعال أو مسايرة غير مدروسة ولعل ذلك مايفسر التغيير المؤقت لدى البعض وسرعان فقد المكتسبات الإيجابية، إن الثبات على الإيجابية يعني :الإرادة الذاتية الداخلية التي تنمو وتنشأ من داخل الفرد بناء على القناعة الحقيقية، والقدرة على الاستمرار بالرغم من العقبات، بالإضافة إلى التعامل مع العقبات على أنها مواقف تصقل المهارات ومحفزة للنشاط، إلى جانب التحفيز الذاتي للنفس من خلال تعزيز الإيجابيات داخل النفس مع غض النظر عن هفواتها وزلاتها».وفي سؤاله عن ماهية العوامل النفسية التي يجب على الوالدين التنبه لها في حال رغبتهم بتعويد أطفالهم على الصلاة والصيام ،أشار البروفيسور إلى أن مراعاة مستوى نضج الأطفال وتفهم طبيعتهم الشخصية وربط العبادات كالصيام والصلاة بمحبوبات الطفل، علماً بأن اكتساب الطفل لهذا السلوك يعتمد أساساً على بناء القيم الأخلاقية في ذاته أولاً لتتحول إلى سلوكيات ثابتة بمفاهيم معرفية واضحة فيما بعد.وفي سياق آخر، قال البروفسور الحبيب إن أهم المشاكل التي يشتكي منها الزوجان عادة «انعدام لغة للتواصل بين الزوجين، وانعدام لغة العطاء والتمركز حول الذات في طلب الاحتياجات، إضافة إلى الغيرة المرضية من قبل أحد الزوجين، وعدم تقبل الغيرة الطبيعية ورفضها والإخفاق في التعامل معها، وعدم تفهم طبيعة كل طرف للطرف الآخر يعد من أبرز مشاكل الأزواج». وعن أهم أسباب كثرة الطلاق في مجتمعاتنا وخصوصاً بين حديثي الزواج أشار البروفيسور إلى أن التسرع في اتخاذ قرار الزواج دون تفهم طبيعة شريك الحياة، بجانب افتقاد الرؤيا السليمة عن الحياة الزوجية ومتطلباتها مع فقدان روح العاطفة عامل مهم في خلق فجوة بين الزوجين، والنظر للحياة الزوجية على أنها ساحة للمنافسة والعراك، يساهم في تصعيد المواقف للحد الذي يصل للطلاق دون دراسة البدائل الأخرى.