كتبت ـ شيخة العسم: تبدل الزمان وتغيرت معالم المكان، ورغم ذلك مازالت ذكريات «الكشتات» القديمة محفورة بذاكرة جيل الآباء والأجداد، وهم في تعبيرهم عن رحلات الأمس واليوم يقولون «كشتات لول غير».جدة جاسم علي كانت تحكي له دوماً عن «روحاتها ويياتها مع صديقاتها وجيرانها» وتقول «ماخلينا مكان في البحرين مارحنا وكشتنا فيه» كانت تحب التنزه والرحلات، وكل يومين أو ثلاثة يخططون لترتيب رحلة، ويتذكر جاسم أنه رافق جدته في بعض رحلاتها عندما كان صغيراً يافعاً لم يتجاوز السابعة. وتحكي أم هاشم سيرة أول حديقة عرفتها البحرين «حديقة الكازينو بالمحرق»، وتقول «فرحنا بافتتاحها كثيراً، كانت بعيدة عن منزلنا لكننا نأخذ معداتنا ونذهب إليها مشياً على الأقدام مع الأولاد، تمتلأ عن آخرها في ساعات المساء، فهي الوجهة المفضلة والمثلى للعوائل البحرينية».بلاج الجزائر كان ملاذاً آخر للهرب من صيف البحرين القائض «كثيراً ما نذهب إليها للاستجمام، نحجز عريش ونبيت هناك ونشوي اللحم والدجاج.. أيام جميلة لا تنسى».وتذكر أم هاشم حادثة واجهتهم في بلاج الجزائر «كان والدي يشوي اللحم عندما احترق إزاره، تجمع الناس وأطفأوا النار قبل أن تشتعل بجسده، الحمدلله أنه لم يصب بمكروه». زمان مضىبوعجلان يتذكر أيام الشباب و»كشتات لول» ويقول «عند شباب البحرين كانت الكشتات خلال الصيف في البساتين المنتشرة بأرجاء البحرين، كانت ملجأهم لتمضية الصيف في البرك والمياه العذبة، نتجمع نحن صبية الفريج ونذهب سوياً بمجموعات لا تقل عن 15 نفراً».لا ينسى بو عجلان تلك الأيام الخوالي ولا تغيب عن ذاكرته أبداً «كنا نلعب ونتسلق النخيل ونستمتع بالهواء العليل، كانت رائحة المياة العذبة والنخيل ما يميز أجواء البحرين، وأكثر تفاصيل الرحلة إمتاعاً الغطس في مياه عين عذاري». وتتذكر أم ثاجبة «كشتات لول» كلما شمت رائحة التينة والبمبرة «كنا نذهب في فصل الصيف عشان نقيض، ونأجر شخصين أو أكثر لبناء عريش من سعف النخيل، تضم غرف نوم وحمام ومطبخ، نجلس 3 أشهر حتى يدخل علينا البرد ونرجع لبيوتنا، كانت ذكريات لا تنسى، حينها تعرفنا على أهل زوجي، وبدأ تعلق أم زوجي بي، وخطبتني لابنها الذي أصبح اليوم بو ثاجبة».«مقايض» البحرين وتقول أم علي إن مقايض البحرين ثلاث يقصدها الناس لبرودتها صيفاً «البدعة في منطقة السار وعراد وأم الحصم، كانت ملجأنا للهرب من الحر الشديد، ففي ذلك الوقت لا وجود للمكيفات أو الثلاجات أو سواها من وسائل التبريد».وتضيف أم علي «كان والدي وجدي يذهبون للمحرق وغيرها للكشتات عن طريق بانوش قبل بناء جسر المحرق، وينقلون أغراضهم للكشتة من طعام ومفارش». في حين تتذكر أم حسن جولاتها وصولاتها في سن المراهقة «كنا نتجمع مع أهالي الفريج كبيرهم وصغيرهم، ونخطط للذهاب لكشتة أسبوعية تقريباً، نجمع مبلغاً من المال لزوم الرحلة من أجرة الباص والأكل، وكان الباص من خشب وتتوسطه جلسة وليس كراسٍ حال باصات اليوم». وتتابع أم حسن «أحياناً كنا نجهز الطعام من المنزل وأحياناً أخرى نطبخ هناك، وشتاءً نذهب للبر ولكن دون مخيمات وإنما نضع بسطة على الأرض نقضي يومنا هناك ونعود مساء ذات اليوم». ويتحدث خليل مرزوق عن كشتات الشتاء ومناطقها «كان أبي ينظم رحلات على باصه ويأخذني معه مذ كنت صغيراً، فأصبحت خبيراً في المناطق لكثرة ذهابي إليها، في الشتاء كنا ننظم الرحلات البرية إلى الصخير والممطلة ورميثة ورأس البر وجو وعسكر وسافرة وغيرها من مناطق يكثر فيها العشب نظراً لكثرة هطول الأمطار، حيث يكتسي البر بالعشب الأخضر الجميل مثل الحوة والفقع واليعد والأخير عشب عطري ذا رائحة عطرة زكية ويستخدم دواءً لآلام المعدة».ويقول «كان البر ملاذاً للرحالة أيام الشتاء، أما صيفاً فنقضي أوقاتنا في البساتين والعيون مثل عين الرحة والنبيه صالح وعذاري وحمام الكرش وأم شعوم وعين مهزة وسفالة في سترة ومسجد الرفيع بالبلاد القديم».