كتب - البسام علي:المسرح عرفناه بأبو الفنون، فهو من أبرز المجالات على المستوى العالمي، فالدول التي يكون فيها مسرح قوي دائماً ما تكون منبعاً للثقافة والفنون، ومن خلال ذلك يتم تطوير الذات الإنسانية التي يتم الرقي بها من على خشبة المسرح.في الوقت الحاضر أصبح المسرح الخليجي في نزول من مستواه المعهود الذي كان يقارع المسارح العربية من خلال فنانين كبار لهم باع طويل على خشبة المسرح، مما أنتج لنا أعمالاً رائعة وإلى يومنا هذا نذكرها ونذكر ما يدور حولها، فكانت تنبع بأفكار ومواضيع قريبة للإنسان، وحتى إن كانت من وحي الخيال فهي تجذب الجماهير من خلال طريقة عرضها ببساطة تامة. لا يختلف اثنان بأن تطور واستخدام التقنيات في المسرح هو إضافة مميزة لكل عمل تقوم به أي فرقة مسرحية، من خلاله تستطيع بأن تغطي على أخطاء الممثلين وضعف أداءهم الفني، فقد أصبح التركيز على التقنيات في الآونة الأخيرة كثيراً وخصوصاً في الخليج، ربما بغرض الإبهار المسرحي الذي طغى على النص المسرحي وأداء الممثلين.شخصياً قمت بتجربة ومقارنة بين دولتين لهما تاريخ فني مسرحي كبير، وهما الكويت والبحرين، فقررت أن أركز على المسرح الجماهيري الذي يطرح في عيد الفطر دائماً وهو موسم الأعمال. في البحرين كانت هناك مسرحيتان فقط وهما مسرحية مواطن قليل الدسم ومسرحية المشكلجي، حضرت الأولى فرأيت أن التركيز في هذه المسرحية على الضحك دون مضمون، ورأيت أحد الجماهير حزيناً بعد المسرحية فسألته لماذا أنت حزين؟ فقال تاريخ المسرح في البحرين ليس هكذا، بل إن من المتوقع أن يتم اختيار الممثلين عن طريق الأكثر متابعين في الإنستغرام!.. تعجبت ولكنني اقتنعت بعض الشيء بكلامه، فعلاً وكأننا رأينا سكجاً وليس مسرحية جماهيرية قوية، فخرجت من الصالة منزعجاً لما رأيت فإن كل فنان شاب دخل وشاهد العمل لم يستفد بأي شي يذكر، وعندما ذهبت لمسرحية المشكلجي التي كان لها صدى كبير قبل بدئها وبمشاركة نجوم من الكويت، رأينا ما يرضي الجمهور من كوميديا، ولكن كمسرح وفن لم نر ما يرضي المسرحيين، ولكن المشكلجي كانت تقدم أفكاراً ومواضيع رائعة بشكل فني جميل وتبين هناك لمسات للإخراج.. فهذا ما رأيته في البحرين في عيد الفطر. وعندما ذهبت لمشاهدة الأعمال الكويتية تفاجأت بالكم الكبير من المسرحيات الكويتية، حتى وصل عدد المسرحيات في عيد الفطر ما يقارب 17 مسرحية، وكل مسرحية بها فنانان كبيران وليس هناك حكر لفنانين متجمعين في عمل واحد، فالمنتج هناك لا يسعى للمادة فقط، بل لكسب الفنانين الشباب مع الكبار ومزجهم مع الخبرة. في الكويت حضرت وشاهدت 4 مسرحيات جماهيرية، وفي كل عرض كانت الصالة ممتلئة عن بكرة أبيها من الجماهير، فإن دل على شيء دل عن ثقافة الجمهور الكويتي، مسرحية الفنان عبدالعزيز المسلم (فن رن) ومسرحية الفنان عادل المسلم (عاشقة الجن) ومسرحية الفنان حسن البلام (مصاصي الدماء) وختمت بمسرحية الفنان محمد الحملي (سوبر آر)، باختصار رأيت العجب، رأيت الإبهار، رأيت فن الإخراج المسرحي، ورأيت نصوصاً ممتعة وطرح بشكل رائع، رأيت تميزاً في اختيار الممثلين، ورأيت إعطاء فرصة لشباب وأطفال لديهم الموهبة فأعطيت الثقة لهم.ليس هذا فقط، بل رأيت الابتسامة والراحة من بداية المسرحية إلى نهايتها، فهنيئاً للكويت أبناءها المسرحيين الذين يبدعون في كل موسم مسرحي، لست مستغرباً فمن لديه معهد للفنون المسرحية يجب بأن يفتخر بذلك. تعلمت من مشاهدتي للمسرحيات الست خلال العيد أن المسرح فن راقٍ واحترام للجمهور، وليس إسفافاً وشتائم، وليس فقط لقمة عيش بل ما يقدمه كل شخص من فن هو أمانة سوف يحاسب عليها يوماً من الأيام، تعلمت بأن المسرح هو الإبداع والتميز والخروج عن المألوف بالمنطق، وتعلمت بأننا في تراجع في الفن بسبب عدم دعم المسؤولين وعدم اهتمام الأخصائيين، فأصبح كل شخص يطور ويجتهد بنفسه، في الكويت المؤسسات تدعم الشباب والمسرح، وفي البحرين المؤسسات تدعم نفسها فقط. ختاماً، كانت هذه الأعمال درساً لي ولكل من حضرها، فإني أيقنت بأننا يجب أن نحترم الجماهير ونحترم خشبة المسرح ولا نقدم شيئاً باهتاً، فالمسرح كما بدأت هو أبو الفنون.