منذ اعتلائه العرش، جعل صاحب الجلالة الملك محمد السادس من تحديث ودمقرطة المغرب، ركيزتين أساسيتين لتحقيق الرؤية الملكية لمشروع تنموي قوامه النمو الاقتصادي المستمر والتنمية المستدامة والتضامن الاجتماعي. فخلال أربعة عشر سنة، تواصلت، بإيقاع كبير، الإصلاحات تحت قيادة الملك محمد السادس، لدعم مسيرة الشعب المغربي «على درب الديمقراطية والتنمية من أجل مغرب موحد، قوي، متقدم ومزدهر»، كما يرغب جلالته. وقد شملت هذه الإصلاحات السياسية والمؤسساتية، مدونة الأسرة، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتأمين الصحي الإجباري (أمو)، ونظام المساعدة الطبية (راميد)، والاستراتيجيات القطاعية للتنمية الاقتصادية (المخطط السياحي، رؤية 2020، ومخطط المغرب الأخضر للفلاحة) والتجهيزات الأساسية الكبرى (ميناء طنجة المتوسطي، والقطار فائق السرعة تي جي في، والترامواي ...) وينبغي القول إن النتائج كانت تبعث على الارتياح بشكل كبير. كما همت النتائج الإيجابية جداً لهذه المسيرة الإصلاحية، مجال ترسيخ حقوق الإنسان والنهوض بأوضاع المرأة والأطفال، وتطوير البنيات التحتية الأساسية (من طرق وسكك حديدية وموانئ ومطارات)، والنهوض بالاقتصاد الوطني وكذا تحسين دخل الفقراء. وهو ما أكده جلالة الملك في خطاب العرش الأخير في 30 يوليو الماضي «لقد عملنا منذ اعتلائنا العرش على إطلاق العديد من الأوراش الاقتصادية والاجتماعية في موازاة مع الإصلاحات السياسية، في تجاوب مع تطلعاتك»، مضيفاً جلالته «وقد جعلنا كرامة المواطن المغربي في صلب اهتمامنا. إنها مسيرة متواصلة، قوامها مبادرات جريئة، وأعمال حازمة، ومقاربات تشاركية، مع الاستغلال الأنجع لكل الإمكانات المتاحة». وتتويجاً لهذا المسلسل الإصلاحي، فإن التعديل الدستوري لسنة 2011، والذي قاد للمرة الأولى، إلى تشكيل حكومة ينتمي رئيسها للحزب الفائز في الانتخابات، منح المملكة «الاستثناء المغربي» في عالم عربي مليء بالأزمات، على خلفية ما عرف بـ «الربيع العربي». كما إن مبادرات جلالة الملك الفورية للاستجابة لتطلعات شعبه، والتي لقيت ترحيباً من قبل المجتمع الدولي، جعلت المغرب، بخلاف دول أخرى بالمنطقة، يخرج من هذه التجربة بشكل قوي ويعزز المكاسب الديمقراطية ويدعم جهود البلاد الرامية إلى الحداثة. إن حركة الإصلاح» المتسارعة بشكل ملحوظ»، منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس العرش في يوليو 1999، هي التي ستسمح بـ «استباق الأزمة في اتجاهين متكاملين، اتجاه يرسخ لحقوق الإنسان، وآخر لتحديث الهياكل»، حسب ما ورد في مقدمة كتاب جماعي نشر مؤخراً بباريس تحت إشراف الجامعيين الفرنسيين فريديريك روفيلوا وشارل سانت برو، يحمل عنوان «الاستثناء المغربي». ويرى مؤلفو الكتاب، وهم مجموعة من القانونيين والمؤرخين والاقتصاديين وعلماء الاجتماع فرنسيين ومغاربة، أن مرور سنتين على بداية «الربيع العربي»، والوضع غالباً مايزال فوضوياً في البلدان المعنية، ومازالت الجزائر عالقة في ركود مقلق، فإن فكرة «الاستثناء المغربي» تظهر أنها «واضحة».ويرى هؤلاء المحللون والخبراء أن المغرب تمكن من النجاة من أوهام العنف التي هزت المنطقة، واعتمد دستوراً جديداً وقام بتفعيله بطريقة مرضية، مع انتخابات تشريعية في نوفمبر 2011، وتشكيل حكومة جديدة، والحفاظ على مسار التنمية الشاملة التي وضع أسسها جلالة الملك محمد السادس.
الحداثة والديمقراطية ركيزتان أساسيتان في عهد محمد السادس
21 أغسطس 2013