عواصم - (وكالات): تحبس مصر أنفاسها بانتظار بدء محاكمة قادة جماعة الإخوان المسلمين اليوم بتهم التحريض على قتل متظاهرين، في يوم قضائي بامتياز يشهد استكمال محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك بتهمة التواطؤ في قتل متظاهرين أيضاً.في الوقت ذاته، وصف عدد من علماء الأزهر وهيئة كبار العلماء، فرار قادة الإخوان بأنه دليل على المتاجرة بالدين، بينما أشار عدد من العلماء إلى أن فرار قادة جماعة الإخوان دليل على أنهم ليسوا على قاعدة صلبة.وقد أكد البعض الآخر أن مواقف بعض قادة الإخوان الذين ألقي القبض عليهم، وإلقاءهم الاتهامات على بعضهم البعض، أكبر دليل على أنهم غير صادقين في كل ما كانوا يحشدون الشباب لأجله، وأن كل ما كان يمارس على الشباب يمكن وصفه بغسل الأفكار.ومنذ فض الاعتصامين المناهضين للرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي في 14 أغسطس الجاري، في عملية قتل فيها المئات، تكثفت الملاحقة الأمنية لقيادات جماعة الإخوان المسلمين من الصفين الأول والثاني خصوصاً، والتي أفضت إلى اعتقال أبرز قادة الجماعة.وعلى رأس هؤلاء المرشد العام محمد بديع الذي ألقي القبض عليه فجر الثلاثاء الماضي في شقة في رابعة العدوية في القاهرة، حيث اعتصم مؤيدو الإسلاميين لأسابيع، قبل أن تأمر النيابة العامة بحسبه 15 يوماً بتهمة التحريض على العنف وقتل المتظاهرين.وقد أحيل بديع ونائباه خيرت الشاطر ورشاد البيومي على محكمة الجنايات بتهمة التحريض على قتل 8 متظاهرين سلميين مع سبق الإصرار أمام مقر مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين نهاية يونيو الماضي.وسيحاكم بديع والشاطر والبيومي و3 أعضاء آخرين بتهمة التحريض على القتل التي تصل عقوبتها إلى الإعدام، في دار القضاء العالي وسط القاهرة، بحسب ما أفاد مصدر قضائي.كما ستنظر الجلسة ذاتها في محاكمة 29 شخصاً من بينهم 28 مسجوناً وآخر هارب بتهمة «استعمال القوة والتهديد في ضاحية المقطم أمام مقر مكتب الإرشاد». ويعد مثول المرشد العام ونائبيه للمحاكمة، الأول لقادة الإخوان المسلمين منذ عزل مرسي المنتمي للجماعة مطلع يوليو الماضي. واصدر القضاء الشهر الماضي عقب عزل الجيش لمرسي، نحو 300 مذكرة اعتقال ومنع من السفر شملت قيادات وأعضاء في جماعة الإخوان، بينما أكدت مصادر أمنية أن «عدد المقبوض عليهم من جماعة الإخوان المسلمين يتجاوز الألفي معتقل».وقبيل القبض على بديع الذي انكر التهم الموجهة إليه، وجهت النيابة العامة اتهامات إلى محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في البلاد والذي تسلم الحكم عقب الإطاحة بمبارك، بالاشتراك أيضاً في «قتل والشروع في قتل» متظاهرين أمام القصر الرئاسي نهاية العام الماضي.ووجهت هذه التوقيفات ضربة قوية إلى جماعة الإخوان المسلمين التي باتت تواجه مشاكل تنظيمية تضعف قدرتها على حشد المتظاهرين في الشوارع، كما حدث أمس الأول مع مشاركة بضعة آلاف للتظاهر ضد السلطة الموقتة، في مقابل إعداد اكبر بكثير من المتظاهرين كانت الجماعة قادرة على تحريكها بشكل شبه يومي قبل فض الاعتصامين.ورغم التراجع الكبير في إعداد المتظاهرين المؤيدين للجماعة، قال «التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب» المؤيد للإسلاميين والذي دعا إلى التظاهر أمس الأول، أن «جماهير الشعب المصري انتفضت الجمعة وخرجت الملايين وشهدت كل شوارع مصر مسيرات غير مسبوقة جابت جميع أنحاء المدن».وجرت التظاهرات في وقت تسيطر الخشية على ملايين المصريين من تكرار المواجهات الدامية بين المتظاهرين وقوات الأمن والتي قتل فيها أكثر من 170 شخصاً الجمعة قبل الماضي، علماً أن 1015 شخصاً بينهم 102 من عناصر الأمن قتلوا منذ فض اعتصامي الإسلاميين في القاهرة.وقد أدت المواجهات إلى إعلان حالة الطوارىء منذ الأسبوع الماضي عقب فض الاعتصامين لمدة شهر وفرض حظر التجول في 14 محافظة.وفي موازاة بدء محاكمة قادة جماعة الإخوان، تشهد أكاديمية الشرطة في القاهرة استكمال محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك في قضية التواطؤ في قتل متظاهرين قبل أن تطيح به ثورة شعبية في فبراير 2011.ويحاكم مبارك هذه المرة وهو خارج السجن بعدما غادره الخميس الماضي على متن مروحية أقلته إلى مستشفى عسكري في المعادي في القاهرة، حيث يخضع للإقامة الجبرية، إثر قرار إخلاء سبيله في آخر قضية كان موقوفاً على ذمتها، والتي تعرف بقضية «هدايا الإهرام».وأكد رئيس حكومة السلطة الموقتة حازم الببلاوي في تصريحات للصحافيين إن قرار إطلاق سراح مبارك «لا علاقة له بالمسار الديمقراطي الذي أعلنت عنه الحكومة ولا يعني ان الحكومة تعيد إنتاج نظام ما قبل ثورة 25 يناير».ولا يزال مبارك الذي لم يتأكد حضوره جلسة الغد من عدمه، يحاكم في 3 قضايا من بينها قضية التواطؤ في مقتل المتظاهرين وهي قضية سبق أن تقرر إخلاء سبيله فيها بسبب انقضاء المدة القانونية لحبسه احتياطياً.في الوقت ذاته، أعادت مصر فتح معبرها الحدودي مع قطاع غزة بعد 4 أيام من إغلاقه مما سمح لمسافرين تقطعت بهم السبل بدخول أو مغادرة الأراضي الفلسطينية التي تسيطر عليها حركة المقاومة الإسلامية «حماس».من جهته، رد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على ردود الأفعال الأمريكية لانتقاده إسرائيل التي اتهمها بأنها لعبت دوراً في عزل مرسي.وصرح أردوغان في برنامج تلفزيوني «لماذا تدلي الولايات المتحدة بتصريحات حول هذا الموضوع؟ لم يكن يفترض أن يتحدث البيت الأبيض في هذا الموضوع. لو كان على أحد التحدث فيه فهي إسرائيل».وقال أردوغان خلال تجمع لحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه «ماذا يقولون بشأن مصر، إن الديمقراطية لا تتماشى مع صناديق الاقتراع. من يقف وراء ذلك؟ إسرائيل».من جانبها، أعلنت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد أن الظروف في مصر «لم تجتمع بعد» لاستئناف المفاوضات حول خطة المساعدة التي يعتزم الصندوق تقديمها للقاهرة، وذلك بسبب أعمال العنف التي تعصف بالبلاد.