دعا علماء وشيوخ دين «المسلمين إلى الإكثار من الطاعات وترك المنكرات في الأشهر الحرم»، مشيرين إلى أن ارتكاب المعاصي في تلك الأشهر أعظم خطيئة ووزراً». وأضافوا أن «الأشهر الحرم هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، كما جاء في الصحيحين من حديث أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب، شهر مضر، الذي بين جمادى وشعبان» . وقوله: «ورجب شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان»، لأن ربيعة كانوا يحرمون شهر رمضان ويسمونه رجباً، وكانت مضر تحرم رجباً نفسه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الذي بين جمادى وشعبان» تأكيداً وبياناً لصحة ما سارت عليه مضر».وأوضح العلماء أن «الأشهر الحرم ذكرت في القرآن الكريم في قوله تعالى «إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعةٌ حرمٌ ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافةً كما يقاتلونكم كافةً واعلموا أن الله مع المتقين»».وتابعوا «جاء في كتب التفسير عند الآية «فلا تظلموا فيهن أنفسكم» قال قتادة: «إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم فيما سواها وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء». وقال: «إن الله اصطفى صفايا من خلقه، اصطفى من الملائكة رسلاً ومن الناس رسلاً، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر فعظموا ما عظم الله»».ولفت العلماء إلى أن «مضاعفة الثواب والعقاب في هذه الأشهر، صرح بها بعض أهل العلم استناداً لقوله تعالى: «إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعةٌ حرمٌ ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم».وذكر العلماء أن «هذه الأشهر الحرم يوضع فيها القتال -إلا رداً للعدوان- وتضاعف فيه الحسنة كما تضاعف السيئة. وذهب الشافعي وكثير من العلماء إلى تغليظ دية القتيل في الأشهر الحرم. وكان الهدف من هذا التقليد عندهم هو تمكين الحجاج والتجار والراغبين في الشراء من الوصول آمنين إلى أماكن العبادة والأسواق والعودة بسلام».وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: «فلا تظلموا فيهن أنفسكم» أي في هذه الأشهر المحرمة، لأنها آكد، وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف، لقوله تعالى: «ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم».وقال العلماء «كذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام، ولهذا تغلظ فيه الدية في مذهب الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وكذا في حق من قتل في الحرم أو قتل ذا محرم، ثم نقل عن قتادة قوله: إن «الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم في سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يعظم في أمره ما يشاء». وقال الإمام القرطبي رحمه الله: «لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب، لأن الله سبحانه إذا عظم شيئاً من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيئ، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال»، وقد أشار الله إلى هذا بقوله: «يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيراً».الأشهر الحرم قبل الإسلامكانت الأشهر الحرم معظمة في شريعة إبراهيم، واستمر ذلك باقياً، فكان العرب قبل الإسلام يعظمونها ويحرمون القتال فيها، حتى بدأ العرب باستخدام النسيء في تقويمهم، مما أدى إلى تأجيل الأشهر الحرام في بعض السنوات أو تعجيلها. وقد ذكر هذا التقويم في القرآن بصيغة الإنكار: «إنما النسيء زيادةٌ في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين».والتزم العرب في الجزيرة بعدم القتال في الأشهر الحرم وشذت عن ذلك قبائل بنو خثعم وبنو طي إذ كانوا يستحلون في تلك الشهور الحروب. وجاء الإسلام فحفظ لهذه الأشهر حرمتها ونهي المسلمين عن انتهاكها.
علماء: ارتكاب المعاصي في الأشهر الحرم أعظم وزراً
06 سبتمبر 2013