عجيبة هي السياسة تجعلك تحتار في معرفة ما هي حقيقة وما هو خيال حتى تراه رؤي العين وتتيقن من الخبر بنفسك، دولة مثل «أمريكا» تمتاز بالخبث والدهاء تتلون كالأفعى التي تغير جلدها بما تتطلبه الحاجة، فكثير من الحلفاء قد تجدهم معك في مكان معين لكنهم ضدك في مكان آخر وبنفس الزمان، هذا هو ما سارت عليه «دولة الديمقراطية وحقوق الإنسان» لأن الإنسان هنا هو الأمريكي والصهيوني فقط، بينما يعتبر كل ما دون ذلك وسواه مجرد أرقام وأوراق يلعبون بها متى شاؤوا بحسب الظروف.ها هي «أمريكا» تتحدث عن ضربة موجهة للنظام السوري اليوم أو بعد أسبوع أو بعد شهر، فإذا كان ما يقوله الرئيس الأمريكي «أوباما» بأنه حتماً ستكون هناك ضربة... فمتى ستكون؟!، نعرف أنها لن تكون لأنهم لا يريدون أن يخسروا حليفهم الاستراتيجي والعميل الأكبر المدافع عن دولة الكيان الصهيوني وصديق مصالح «إيران»، وما هي إلا تمثيلية من أجل الضحك على عقول الناس وصرفهم عن مجريات الأحداث على الأرض السورية، ومحاولة في كبح جماح التقدم الملحوظ للجيش السوري الحر في معظم مدن وأرياف سوريا الحرة.فما الفرق بين أن يقتل الإنسان البريء بالكيماوي أو بالذبح أو بالقصف وغيره من الأساليب التي برع فيها نظام بشار الأسد ضد معارضيه من المجاهدين والثوار السوريين، وما الفرق بين الفتاة السورية التي تتعرض للاغتصاب أمام أهلها في سوريا وبين المرأة العراقية أيام الاحتلال الأمريكي للعراق، مع أن أمريكا دائماً ما تدخل وتغير على الدول دون أي أخذ بقرار دولي من مجلس الأمن، لكن القارئ للتاريخ يعرف جيداً بأن أمريكا لم ولن تضرب أي جهة أو حليف تابع للدولة الصفوية وهذا ما جرت عليه العادة على مر الزمن.تؤكد المعطيات بأن النظام السوري لن يدوم وقد أضاع الكثير من أوراقه وبات قاب قوسين أو أدنى من السقوط، بل أنه لم يعد يملك زمام الأمور في سوريا وإن من يقوم عن الدفاع عنه «حزب اللات» وروسيا والصين، فهو يقوم بالمجازر ومحاولة الترهيب دون جدوى فلا خط للعودة وقربت شمس الحرية من الشروق، وسيطر الجيش السوري الحر على معظم المدن والمراكز المهمة ويمكن القول بأنه لم يتبق للنظام سوى دمشق، وأربك ذلك «أمريكا» التي لا تريد سيطرة الإسلاميين على دولة قريبة من «إسرائيل».وقد برعت «أمريكا» في وصف كل تحرك ذي طابع ثوري أو إسلامي مطالب بالحرية والحقوق بمسمى «الإرهاب»، وحرصت على إقناع الناس بأن وراء كل تحركات من هذا النوع بأن لمسة لـ»تنظيم القاعدة»، وأباحت لنفسها أن تنتهك كل القوانين والأعراف دون وجه حق وكأنها متوكلة عن العالم، ولا يعتقد بأن هناك ضربة وإن كانت فإنها سوف تكون مجرد عدد من الصواريخ على منطقة صحراوية، حيث قالوها بأسلوب آخر وبعبارة «ضربة تأديبية» لا تستهدف إسقاط النظام، لكنها واقعاً ضربة ضد الثورة السورية ودخول لقوات أجنبية تحارب ما يسمونه «الإرهاب».بلغ عدد الشهداء في سوريا أكثر من «110» ألف سوري منذ أن بدأت ثورة الكرامة، فما الذي جعل أمريكا تنتظر كل هذه الفترة وما تم خسارته من الأرواح غير خوفها من تقدم الجيش الحر، فمن واجبنا نحن أن ندعم الإخوة في سوريا بكل ما نستطيع وأن نحذر من المخاطر التي تدور حول مملكة البحرين، كما ندعو الجميع للمساهمة بحملة «جهادنا خبز» التي تقوم عليها رابطة بحرينيون مع الثورة السورية من أجل إنقاذ البشر من الموت من الجوع.عبدالله الشاووش
عجيبة هي السياسة
07 سبتمبر 2013