عواصم - (وكالات): طالب مجلس التعاون الخليجي المجتمع الدولي بـ «تدخل فوري» في سوريا بهدف «إنقاذ» الشعب السوري من «بطش» النظام. وقال الأمين العام لمجلس التعاون عبد اللطيف الزياني إن «الأوضاع الإنسانية المأسوية التي يعيشها الشعب السوري الشقيق في الداخل والخارج، وما يتعرض له من إبادة جماعية وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان تحتم على المجتمع الدولي التدخل الفوري لإنقاذ الشعب السوري الشقيق من بطش النظام ووضع نهاية لمعاناته ومأساته المؤلمة».وأضاف الزياني أن «النظام السوري يتحمل كامل المسؤولية لما يجري في سوريا، لرفضه كل المبادرات العربية وغير العربية لتسوية هذه الأزمة واستمراره في ممارسة كل أساليب القتل والتدمير بما فيها استخدام الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً التي راح ضحيتها مئات من المدنيين الأبرياء».وأكد أن «دول مجلس التعاون تؤيد الإجراءات الدولية التي تتخذ لردع النظام السوري عن ارتكاب هذه الممارسات اللاإنسانية».وتأتي هذه المطالبة فيما يأمل الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن يؤيد الكونغرس تدخلاً عسكرياً في سوريا رداً على هجوم كيميائي مفترض اتهمت المعارضة القوات النظامية بشنه في 21 أغسطس الماضي قرب دمشق. في غضون ذلك، تمكنت دول الاتحاد الأوروبي من تجاوز خلافاتها حول سوريا عبر الاتفاق على ضرورة تقديم رد دولي «قوي» لكن بدون الذهاب إلى حد دعم مشروع الضربات العسكرية الذي يطالب به وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وفرنسا.وغداة قمة مجموعة العشرين في سان بطرسبورغ حيث لم يتمكن من الحصول على دعم كبير لمشروع توجيه ضربة لسوريا، دعا أوباما أعضاء الكونغرس الأمريكي إلى الموافقة على مبدأ شن عملية عسكرية معتبراً أنه لا يمكن التغاضي عما حصل في سوريا.وقال أوباما في كلمته الإذاعية الأسبوعية «أدعو أعضاء الكونغرس والحزبين إلى الاتحاد والتحرك من أجل النهوض بالعالم الذي نريد العيش فيه، العالم الذي نريد تركه لأولادنا وللأجيال المستقبلية»، موضحاً أن «التدخل في سوريا ليس العراق أو أفغانستان أخرى».وذكر أوباما بأنه بصفته قائداً للقوات المسلحة هو يريد ضرب سوريا ومعاقبة النظام.وبحسب استطلاع للرأي أجرته صحيفة واشنطن بوست فإن 224 من أعضاء مجلس النواب الـ 433 اتخذوا موقفاً ضد التدخل أو يميلون إلى هذا الموقف. وهناك عدد كبير منهم، 184 نائباً، لا يزالون مترددين فيما يدعم 25 فقط توجيه ضربة لسوريا. كما إن هذه الشكوك سائدة أيضاً لدى المواطنين الأمريكيين. وأفاد استطلاع أجراه معهد غالوب ونشرت نتائجه أن 51 % من الأمريكيين يعارضون ضربات في سوريا مقابل 36 % يؤيدونها. ويتوقع أن يصوت مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل على السماح بضربة محدودة فيما ينتظر أن يصوت مجلس النواب خلال الأسبوعين المقبلين بحسب ما أعلن زعيم الغالبية في مجلس النواب اريك كانتور.في غضون ذلك، قال مصدر في لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية «إيباك» المؤيدة لإسرائيل إن اللجنة ستوفد مئات النشطاء لكسب تأييد الكونغرس لتحرك عسكري في سوريا. وأثار انضمام ألمانيا إلى النداء الذي أطلقته 11 دولة خلال قمة العشرين من أجل «رد دولي قوي» ذي طبيعة غير محددة على الهجمات الكيميائية قرب دمشق، ارتياحاً لدى الولايات المتحدة.لكن بدون استخدام التعابير نفسها الواردة في هذا النداء، اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في ختام اجتماعهم في فيلنيوس في ليتوانيا على ضرورة تقديم «رد واضح وقوي».وهذه الصيغة تبقى مبهمة بشكل أنها ترضي الدول العديدة التي لاتزال مترددة إزاء تدخل عسكري بدون تفويض من الأمم المتحدة.وتوافق الأوروبيون أيضاً على وجود «قرائن قوية» حول مسؤولية النظام السوري عن الهجوم الكيميائي في 21 أغسطس والذي خلف مئات القتلى، وعلى ضرورة إحالة منفذيه على المحكمة الجنائية الدولية.ورحبت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل بالموقف الأوروبي معتبرة أنه يرتدي «أهمية كبرى». كما رحب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي حضر إلى فيلنيوس لشرح موقف واشنطن، بهذا «البيان القوي حول مبدأ المسؤولية» قبل أن يغادر ليتوانيا إلى باريس.ووصل كيري إلى العاصمة الفرنسية على أن يجري محادثات مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس «لبحث الأزمة السورية بعد قمة مجموعة العشرين واجتماع فيلنيوس» وفق ما أعلنت الخارجية الفرنسية.وأبدت الدول الأوروبية المترددة رضاها عن التزام الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بانتظار صدور تقرير الأمم المتحدة قبل البدء بأي تحرك عسكري.وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون إثر الاجتماع «نرحب بقوة بتصريحات هولاند»، فيما اعتبر دبلوماسي إن «هذا الأمر أتاح حلحلة في المشاورات» في فيلنيوس.في المقابل أعلن كيري لشركائه الأوروبيين أن واشنطن لا تقطع التعهد نفسه. وأعلن مسؤول أمريكي «لقد قال بوضوح إن الولايات المتحدة لم تقرر انتظار» تقرير مفتشي الأمم المتحدة من أجل التحرك المحتمل.وقال كيري إن أوباما لم يتخذ بعد قراراً بشأن انتظار تقرير محققي الأمم المتحدة وإنه يبقى جميع خياراته مفتوحة.من جهته، قال وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسلبورن الذي تتولى بلاده حالياً مقعداً في مجلس الأمن الدولي، أن تحضير تقرير الأمم المتحدة «يمكن أن يستغرق أسبوعاً ونصف الأسبوع». لكنه أضاف نقلاً عن معلومات لدى الأمم المتحدة أنه من الممكن أن «تنقل عناصر مهمة من هذا التقرير إلى مجلس الأمن» قبل نشره رسمياً.وبالنسبة لغالبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فإن هذا التقرير يشكل مرحلة أساسية من شأنها تأكيد الاتهامات للنظام السوري بالمسؤولية عن الهجوم الكيميائي، من مصدر مستقل. وغداً الاثنين يجتمع الكونغرس الأمريكي بعد الإجازة البرلمانية، وسيتوجه الرئيس أوباما بعد غد الثلاثاء بكلمة إلى الأمريكيين بعدما قرر السبت الماضي مبدأ توجيه ضربات «محددة الهدف ومحدودة» على سوريا طالباً موافقة الكونغرس على ذلك.وفي اليوم نفسه، يصل وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى موسكو حليفة دمشق.وأبرزت قمة مجموعة العشرين في سان بطرسبورغ الانقسام الدولي العميق حيال الملف السوري، وخصوصاً بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن دولاً عدة بينها الصين والهند والبرازيل تتقاسم موسكو وجهة نظرها.وستبقى الاتصالات الدبلوماسية مكثفة في عطلة نهاية الأسبوع وخصوصاً في فرنسا حيث يلتقي هولاند الرئيس اللبناني ميشال سليمان في نيس بينما يتوجه كيري إلى لندن.من جانب آخر، حض البابا فرنسيس المتدينين وغير المتدينين في العالم أجمع على المشاركة في يوم صوم وصلاة من أجل السلام في سوريا والشرق الأوسط.وفي إيران، نفى الرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني تصريحات نسبت إليه انتقد فيها النظام السوري حليف بلاده واتهمه باستخدام أسلحة كيميائية ضد مدنيين. وفي دمشق، أعلنت قيادة حزب البعث السوري أنها ستكون اعتباراً من اليوم في حالة انعقاد دائم، «في ضوء التهديدات بشن عدوان مباشر على سوريا»، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا».ميدانياً تجددت الاشتباكات بين مقاتلين سوريين معارضين والقوات النظامية عند أطراف بلدة معلولا ذات الغالبية المسيحية في ريف دمشق، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، وذلك بعد يومين من انسحاب مقاتلي المعارضة من البلدة.كذلك، قتل 14 مقاتلاً معارضاً وفتى ورجل في قصف للقوات النظامية على بلدتي الكسوة والمقيلبية في ريف دمشق جنوب العاصمة، بحسب ما ذكر المرصد الذي أشار أيضاً إلى اشتباكات في المنطقة ومحاولة من القوات النظامية للتقدم نحو البلدتين الواقعتين تحت سيطرة مقاتلي المعارضة. كما أشار المرصد إلى قصف على بلدات زملكا شرق دمشق وداريا ومعضمية الشام جنوب العاصمة.