كتب - أحمد الجناحي:يبدو أن الجماهيرية التي حصدها مسلسل «يوميات بوجليع» الكارتوني لم تكن كافية لتجنيبه نقداً لاذعاً من البعض جراء «عدم تقبل الكوميديا السوداء، بحسب الإعلامي عماد عبدالله، إذ إن المسلسل دأب على تقديم الموقف الكوميدي الهادف وطرح قضايا اجتماعية بصور متحركة تحمل الطابع المحلي.ويقول عبدالله إن «المشاهد الخليجي غير متعود على هذا النوع من البرامج المعروفة بمدرسة الكوميديا السوداء التي تركز على آلام الناس وجروحهم دون إسفاف أو تجريح لهدف التخفيف على الناس، ويضيف «هناك شرحية من الناس لم تتقبل الفكرة حتى الآن، وهذا سبب النقد اللاذع الذي وجه للمسلسل الكرتوني».ولأن «السخرية من الألم تعطي المشكلة نوعاً من اللطف وتخفف من حدة الألم»، بحسب عبدالله، «نجح المسلسل في لفت نظر بعض المسؤولين إلى أمور تغافلوا عنها قبلاً، ولكن المجتمع اليوم متفتح ومتحضر وتدور في خاطره كل الأفكار، مؤكداً أن «هذا هو السبب الأول وراء الشائعات والظنون لعدم توضيح الأسباب المقنعة من الجهات المعنية».وأشـــار إلـــى أن المسلســـل «لفـت نظر المسؤولين على أمور معينة تلامس الناس في المجتمع، لم يكن بطريقة جارحة أو مباشرة تسبب غماً وهماً للمشكلات، ولكن تم معالجة القضايا بالسخرية بقصد التلطيف والحد من حدة القضية».ويذهب الإعلامي عبدالله إلى أن «أغلبية المشاهدين أبدوا إعجابهم ورضاهم عن البرنامج، في حين كانت هناك انتقادات لاذعة يندرج بعضها في خانة تصفية الحسابات».وقال «هناك انتقادات لتصفية الحسابات، وهناك انتقادات بناءة استفدت منها كثيراً، أن تشعر أن هناك خللاً ما في البرنامج وفي ناحية معينة، ويأتيك النقد بنفس الموضع هناك يتثبت شعورك وشكك وتبدأ بالعلاج والعمل على التطوير، وعن تكرار بعض المقاطع في رسم الكاريكاتير يوضح عماد أن هذا هو خطأ الإعلام في التكليف المتأخر بالمهام «الرسام المحرك (الانميشن) كلف في وقت متأخر وسعى جاهداً لإكمال الـ30 حلقة، غير أنه وصل لـ15 حلقة ولم يتمكن من الإكمال لبعض الظروف الصحية، إلى جانب ظروف مخرج العمل غير المتوقعة واللاإرادية خالد المرباطي، ولم نستطع تكليف شركة أخرى بالمهمة لأنها بحاجة لميزانية كبيرة، والجميع يعلم ميزانية الإعلام الضعيفة».الناقد الفني يوسف الحمدان أشاد بتحول «بوجليع» من مسلسل إذاعي، إلى مسلسل تلفزيوني، إذ قال إن «تحول بوجليع مــن مسلسل إذاعي إلى مسلسل تلفزيوني هو إنجاز يحسب ويضع بعين الاعتبار»، لافتاً إلى أن الأعمال الكرتونية صعبة من ناحية «الانميشن» وبحاجة لعناية وإخراج وتقطع وهندسة صوت بتقنيات متطورة وبجودة عالية.وأكد ضرورة توفير مساحات أوسع وأكبر لمثل هذه الأعمال النادرة في البحرين، موضحــاً أن «المخرج التلفزيونـــي يوســـف القصير يحمل الحس الساخر الكرتوني ويجب أن يحظى بفرصة أكبر للعطاء، لأن العاملين بهذا المجال نادرون بعدمــا توقــف أحمد غلوم وعلي محمد أصبحنا نفتقد مثل هذه الأعمـال»، مضيفـــاً أن «الميـــزة الجميلـــة والحلوة في «بوجليع» أنه سلط الضوء على قضايا ملحة ومن الحياة اليومية للمشاهدين بحس وبطريقة كرتونية ساخرة وهادفة بالوقت نفسه».ويرى الحمدان أنه «يحب أن تكثف وتعمق الكتابات الكارتونية لتكون النتيجة، مسلسلاً لا يتجاوز الـ5 والـ6 دقائق، لأن الكارتون الساخر مثل الريشة السريعــة التـــي تخـــط خطها الواضح والمفهوم وتمضي»، مشيراً إلى الجهد الكبير الذي يبذله القائمون على البرنامج وأهمية هذا العمل الذي سيحسب تاريخياً لهم.وذهب الحمدان إلى أن «تشكيل إيقــاع متناغم من ممثلين وإعلاميين في تقديم البرنامج خطوة مهمة وناجحة، واعتبر «بوجليع» شخصية كرتونية ثابتة مثل شخصية «أم خماس» لدى محمد الحربي، مؤكداً أهمية تسويق هذا العمل وأن يعاد بثه في التلفزيون ويوزع على القنوات الأخرى، مؤكداً على ضرورة استمرار مثل هذه الأعمال على مدار السنة.ووعد الحمدان بعمل ندوات في منتصف سبتمبر تخص الدراما التلفزيونية في البحرين منها «برايحنا»، «خف علينــا»، «بوجليع»، بدعوة القائمين على هذه الأعمال احتفاءً بالأعمال ورغبةً في التطوير، «بعد الخطوة التي بدأناها بعد 13 عاماً، يجب أن نجلس في ندوات ونقيم انفسنا ونتساءل عن الخطوات القادمة لاستعادة المجد الجميل الذي حققه تلفزيون البحرين في فترات سابقة».الإعلامية سيما العريفي تفتخر بـ«بوجليع» وتعده تجربة كشفت قدراتها التمثيلية، وتقول «أفتخر بالتجربة التي أكشفت بها قدراتي على التمثيل الإذاعي، والتجربة لم تكن سهلة، وكانت تحدياً بيني وبين نفسي في إمكانية خوض التجربة والنجاح». وتضيف «بفضل الله وتوجيهات الإعلامي عماد عبدالله والمخرج والزملاء بالعمل تمكنت من أداء أدواري بإتقان».وتؤكد أن «النجاح الذي حققه البرنامج جاء بفضل ملامسته للمتناقضات والنواقص في المجتمع إلى جانب احتياجات المواطــن وكل ما يعرقل سير حياته، بأسلوب كوميدي ساخر وسلس قريب للواقع، وتأمل أن يكون هناك دعم فعلي أكبر وتشجيع أكثر خصوصاً وأن البرنامج اعتبره الكثيرون صوتاً للشارع وتنفساً لهم».وعـــن عـــدم إدراك بعـــض المشاهديـــن لمضمون بعض الحلقات تقول سيما «ربما عدم توظيف الكاريكاتير بشكل سليم وعدم سلامة بعض التعابير والرسومات، بسبب ضيق الوقت بالنسبة للرسام، سبب هذه الفجوة، أما النص الحواري فكان واضحاً لنا وللمشاهدين، ونعمل على تفادي مثل هذه المشكلات الفنية».وتعتبر سيما «بوجليع» نقلة نوعية سواء في الإذاعة أو التلفزيون، وتدعو المسؤولين في الوزارة لاحتضان هذا الفن النادر وعدم التفريط به، لملامسته للناس بشكل مباشر «بوجليع قيمة فنية كبيرة، يا ريت يحافظون عليها وما يخسرونها».الفنان أحمد بوريان الذي جسد بعض أدوار «المطوع» يقول «هذه المشاركة الثانية لي بالبرنامج، ولتناولنا لأمور واقعية بالوطن بطريقة كوميدية حصدنا أصداء إيجابية بغض النظر عن التوجيهات والانتقادات الفنية»، ويضيف «جمهور البحرين لماح يبحث عن الفائدة بجانب الكوميديا، البعض فهم الفكرة والهدف، والبعض الآخر واجه صعوبـــة في ذلك، ومنهم من لم يتقبـــل بعض الحلقات وفضل بعضها على بعض في مقارنة ذهنية لم يشعر بها».ويشير بوريان إلى أن بعض الأفكار التي عاشها المواطن يمكنه فهمها من بداية الحلقة، والبعض الآخر يستصعبها لأنه لم يخض التجربة، وعن تجسيد لدور «المطوع» يقـــول «الشخصيـــة ليست قريبة منـــي، وابتعدنا عن الاختصاص في الحلقات ولم نكتفِ بشريحة معينة «عالجنا جميع الشرائح بمختلف توجهاتهم وأساليبهم وطبائعهم».