شهدت البحرين مؤخراً طفرة إسكانية ظهرت دلائلها في توزيع مئات الوحدات على مستحقيها، وآخرها توزيع 1675 وحدة بمشروع شمال شرق المحرق، وتسريع العمل في المشروعات المباشر بها، وتقليص مدد الانتظار إلى 5 سنوات فقط. وتوقعت «بنا» في تقرير نشرته أمس، أن تتعزز الطفرة الإسكانية بخطوات اتخذتها «الإسكان» بهذا الجانب، باعتبارها مؤسسة خدمية معنية بتنفيذ رؤية البحرين 2030 ورفع مستوى الرفاه الاجتماعي للمواطن.وباشرت الوزارة قبل أيام بتسليم 1675 وحدة بمشاريع شمال شرق المحرق والمالكية وجد حفص والبسيتين، ضمن خطة إسكانية خمسية بدأتها الوزارة العام الماضي، بهدف خفض الطلبات الإسكانية المدرجة على قوائم الانتظار مع نهاية 2016.عند التدقيق في إنجازات البحرين في مجال الخدمات الإسكانية، نخلص إلى عدة أركان رئيسة تمثل في ذاتها مقومات النجاح المطلوبة للطفرة الإسكانية المنتظر تحقيقها خلال الفترة المقبلة، ووعد بها الوزير باسم الحمر، وتكشف عن حجم ما يبذل من جانب الحكومة لتلبية واحدة من أهم الخدمات المعيشية للمواطنين.وتتمثل مقومات النجاح بالإرادة السياسية الكبيرة المحركة للملف الإسكاني، ودفع الوزارة للعمل بوتيرة متسارعة لتحقيق مستوى عال من الإنجاز، خاصة خلال العامين الماضيين.وهذه الإرادة جاءت بتكليفات سامية من العاهل المفدى وبتوجيهات سمو رئيس الوزراء وبدعم من مؤسسات الدولة المختلفة وبمقدمتها وزارة المالية والسلطة التشريعية.وكان لهذه الإرادة السياسية دورها الفاعل والمحرك في حلحلة الملف الإسكاني وتحريك قوائمه من جهة، وإزالة عقبات كانت تعترض سبيل معالجته من جهة ثانية، وأدت في أوقات سابقة إلى تراكم الطلبات الإسكانية دون مبرر، وتوفير 50 مليون دولار سنوياً تقدمها الدولة كعلاوة سكن للمواطنين.وللتدليل على الإرادة السامية يشار إلى تسارع وتيرة العمل داخل أبنية الوزارة في الفترة الأخيرة، وارتفاع نسب الإنجاز في العديد من المشروعات القائمة، والمدرجة ضمن تنفيذ نحو 33500 وحدة سكنية خصصت بالأراضي المناسبة وزودت بالمرافق الأساسية وتأهيل الشركات القائمة على تنفيذها «4500 وحدة شرق الحد، 5 آلاف شرق سترة، 15 ألف بالمدينة الشمالية، 11 ألف في مشاريع أخرى».يضاف إلى هذه الإنجازات مشاريع استراتيجية أخرى تتعامل مع الطلبات المتراكمة منذ عام 1999 وتمثل 45% من حجم الطلبات المدرجة على قوائم الانتظار بحسب تصريحات وزير الإسكان، الذي أكد أن 55% من الطلبات لم يتجاوز أكثر من 5 سنوات.وتتمثل أبرز هذه المشاريع الاستراتيجية في 4 آلاف وحدة سكنية في الجنوبية و1800 في وادي البحير و3200 في سلماباد و830 في اللوزي، وهي مشروعات تستهدف جميعها القضاء ولو نسبياً على قوائم الانتظار، وتلبية احتياجات المواطنين من الخدمات الإسكانية.ويرجع تاريخ سعي الدولة لتلبية الخدمات الإسكانية إلى ستينات القرن الماضي، وتأطيره وتنظيمه مؤسسياً بعد إنشاء وزارة الإسكان عام 1975، وهو مستمر حتى الآن في أطول تجربة وطنية في هذا المضمار.وتمثل التجربة البحرينية في هذا الجانب، نموذجاً مهماً استفادت منه دول خليجية وكان لتوفر الموارد فيها باعثاً للتحرك والإنجاز، ويظل هذا التاريخ الحافل شاهداً على دور الدولة تجاه مطالب مواطنيها الخدمية. ولعل دراسة تطور إنشاء المدن البحرينية المتنامية تعبير واضح عن التصاعد بتأمين الخدمة الإسكانية، خاصة بعد تأسيس مدينة عيسى التي أصبحت حاضرة المملكة في غضون فترة قصيرة، ولم يكن يزيد عدد وحداتها عن 6 آلاف وحدة، وعقب إنشاء مدينة حمد في الثمانينات المخططة لاستيعاب 12 ألف وحدة فقط، ما يضاف إلى المدن الجديدة في زايد والرفاع والمنتظر إنشائها في المحافظة الشمالية وشرق الحد وشرق سترة.ويشير تاريخ المملكة في المجال الإسكاني، إلى أنها قدمت أكثر من 100 ألف خدمة إسكانية لمواطنيها حتى 2010، استفاد منها أكثر من 80% من محدودي الدخل، وبحجم إنفاق يتراوح بين 2.5 إلى 6 مليار دينار خلال العقد الأخير فقط، مع توقعات بإنفاق 3 مليارات دينار أخرى حتى 2017 بحسب تصريحات أخيرة لوزير الإسكان.واعتمدت وزارة الإسكان مؤخراً آلية جديدة للتعامل مع ملف الإسكان، تقوم على قاعدة بيانات قوية للطلبات الإسكانية ورصد وتحليل اتجاهات رأي مراجعي الوزارة والمستفيدين من خدماتها، ووضع برنامج السحب الإلكتروني لتحقيق المساواة والشفافية في عملية التوزيع، ومعالجة المشكلات المتعلقة بإعادة هيكلة العمل داخل الوزارة.