كتب - محرر الشؤون المحلية:كشفت وثائق وشهادات حصلت عليها «الوطن» عن شبهة فساد بملف علاج البحرينيين بالخارج بين وزارة الصحة وشخص مقيم في ألمانيا، يدعى جمال حجاج، من خلال تعامل غير رسمي امتد 5 سنوات، يحصر مهمة الوساطة للعلاج في ألمانيا بحجاج الذي يتقاضى مبالغ كبيرة من مؤسسات تقبل علاج حالات، بشكل غير ناجع، لتقبض مبالغ ضخمة من البحرين دون أي فائدة للمريض.وتقول الوثائق والشهادات إن الصحة أعطت حجاج صلاحيات واسعة، دون أي ضمانات لسلامة المرضى أو الخدمات المقدمة لهم، قبل أن تتعاقد معه مؤخراً رسمياً في محاولة لشرعنة «صلاحيات حجاج وصفقاته مع الوزارة».وتتحدث الوثائق عن توجه الوزارة لـ»رفع المستوى التعاون مع حجاج باتفاق يمنحه تفويضاً لخمس سنوات إضافية، بدأت سبتمبر 2012، بعد إعلانها عن التعاقد مع شركة متخصصة، إثر ورود عروض إليها والمفاضلة بينها، وموافقة مجلس المناقصات». إلا أن الوثائق أوضحت أن «الوزارة لم تقدم أي معلومة حول ماهية العروض التي وردت، وكيفية موافقة مجلس المناقصات، وخبرات حجاج وإمكاناته لإدارة مثل هذا العمل الذي يمس بشكل مباشر حياة البحرينيين».وتكشف الوثائق معلومات مفادها أن «حجاج تهيأ قبل فترة قصيرة لهذه الصفقة من خلال تأسيس مؤسسة فردية تحت اسم (إم سي سي ميديكال كونسولتنج سنتر) وأصبح له مقر يشغل ثلاثة موظفين، تمهيداً لتوقيع الاتفاقية».وتتلخص الخدمات الحقيقية التي يقدمها حجاج بنقل المرضى المبتعثين من المطار إلى المستشفى أو المركز، إضافة إلى ترجمة ساعة أو اثنتين من لحظة وصول المبتعث ومرافقه، وتأمين الفندق، وتوفير السكن المناسب، فيما ينص العقد المبرم بين الطرفين على واجبات يحتاج إيفاؤها فريق عمل كامل ومتكامل ومقتدر بينها «توفير كل البيانات اللازمة والحديثة الخاصة بتقديم الخدمات الصحية، وسياسات العمل في المؤسسات الصحية بألمانيا، وما يستجد من الأحكام والقوانين المتعلقة بذلك الأمر، تنظيم رحلات الإسعاف الأرضي والجوي، توفير الضمانات اللازمة لإدخال المرضى للمستشفيات الصحية في ألمانيا نيابة عن وزارة الصحة».كشفت وثائق حصلت عليها «الوطن» أن وزارة الصحة تعاملت مع المدعو جمال حجاج لمدة خمس سنوات بشكل «غير رسمي» ليكون متعهداً بالمرضى البحرينيين المبتعثين للعلاج بالخارج، وأعطته في ذلك صلاحيات واسعة وممتدة، دون شكل قانوني محكم، يضمن سلامة المرضى، أو الخدمات المقدمة لهم.وتؤكد الوثائق، أن وزارة الصحة ارتأت في العام الماضي أن ترفع من «مستوى التعاون» مع حجاج، من العمل بـ»صورة غير رسمية» إلى «شكل قانوني»، وأن تتوج العلاقة غير الشرعية بعقد اتفاق رسمي يضفي عليها صبغة قانونية. فوقعت الوزارة ممثلة في الوزير عقد اتفاق يمنح جمال حجاج تفويضاً لخمس سنوات إضافية، بدأت في الأول من سبتمبر 2012.وتقول الوزارة في ذلك إنها «اتخذت الإجراءات القانونية نحو التعاقد مع أحد الشركات المتخصصة في هذا المجال بعد ورود بعض العروض إليها وقيامها بالمفاضلة بينها، وموافقة مجلس المناقصات». في المقابل تأتي تساؤلات أخرى عن ماهية العروض التي وردت للوزارة؟؟ وممن؟؟ وكيف وافق مجلس المناقصات على هذه الاتفاقية؟؟ وما هي خبرات حجاج وإمكاناته لإدارة مثل هذا العمل الذي يمس بشكل مباشر حياة البحرينيين؟يتضح من خلال التفويض والعقد أن البحرين ممثلة في وزارة الصحة، منحت حجاج فرصة عظيمة للعمل في هذا المجال، لإثبات نفسه وتكوين شخصية مهنية، حيث أسس مؤسسته الفردية «إم سي سي ميديكال كونسولتنج سنتر»، في عام 2011، وأصبح له مقر مؤلف من ثلاثة موظفين، تمهيداً لتوقيع الاتفاقية. وتقول «الصحة» إن حجاج موجود منذ خمس سنوات. وأطلقت على مؤسسته الفردية تفخيماً «شركة فردية»، وأشارت إلى أن الشركة «لديها خبرة واسعة في التعاون بين المرضى من جميع الدول العربية، وبين مقدمي خدمات الرعاية الصحية في أوروبا بشكل عام، وفي ألمانيا بشكل خاص».من جانبه لم يكن جمال حجاج، الذي تأبط البحرين، ينظر إلى توقيع الاتفاقية بأنها مكسب في حد ذاتها، بقدر نظرته الطموحة إلى أن توقيع الاتفاقية يعد بوابة الدخول والتسويق المباشر لجميع دول مجلس التعاون الخليجي.تتلخص الخدمات الحقيقية التي يقوم بها جمال حجاج -منذ بدء فترتي عمله «الرسمية وغير الرسمية»- بخدمات نقل المرضى المبتعثين من المطار إلى المستشفى أو المركز، إضافة إلى ترجمة ساعة أو اثنتين من لحظة وصول المبتعث ومرافقه، وتأمين الفندق، وتوفير السكن المناسب. أما العقد المبرم بين الطرفين يحتشد بعدد من الواجبات التي يحتاج إيفائها فريق عمل كامل متكامل ومقتدر، لترجمتها واقعاً عملياً مريحاً للمرضى المبتعثين. إذ إن من بين الالتزامات التي يفترض أن يقوم بها المفوض جمال حجاج -وفقاً للعقد- «توفير كافة البيانات اللازمة والحديثة الخاصة بتقديم الخدمات الصحية، وسياسات العمل في المؤسسات الصحية بألمانيا، وما يستجد من الأحكام والقوانين المتعلقة بذلك الأمر، تنظيم رحلات الإسعاف الأرضي والجوي حال تطلب الأمر ذلك. إضافة إلى توفير الضمانات اللازمة بكافة أنواعها والمطلوبة لإدخال المرضى للمستشفيات الصحية في ألمانيا نيابة عن وزارة الصحة». في المقابل التزمت «الصحة» بمنح حجاج الدعم القانوني أمام المنشآت الصحية الألمانية.تقول الوثائق إن المفوض جمال حجاج يقوم بكل تلك الالتزامات القاسية والثقيلة وغيرها، دون مقابل مادي يترتب على وزارة الصحة. الأمر الذي تحفل به الأخيرة كثيراً، كونها تزعم «عدم الدفع»، للوسيط، في الوقت الذي يقوم فيه الوسيط «حجاج» بتحصيل المقابل المادي لخدماته من المستشفيات والمراكز الصحية الألمانية، وفقاً للعقد الموقع بين الطرفين، الذي أعطته فيه «الصحة» حق اقتراح الأنسب بينها.فتحت «الصحة» باباً قانونياً واسعاً للمفوض، ليعيش إتجاراً غير متناه بصحة البحرينيين المبتعثين للعلاج بالخارج، والبحث عن «الأرخص معالجة» و«الأكثر دفعاً للعمولات» من بين المستشفيات والمراكز الصحية الألمانية، من خلال مفاوضات ثنائية لا يعلو فيها صوت عن هامش الربح والعمولة. «إن إطلاق العنان للمفوض بصلاحيات واسعة وممتدة، تجعله يجهد نفسه في إقناع تلك المستشفيات أو المراكز الصحية المحترمة التي ترفض بعض حالات المرضى، في القبول بها.. وفقاً لأحد مرافقي المرضى إلى ألمانيا».ويضيف «لا قنوط من رحمة الله، ولا حياة بلا أمل، ولكن العلم والطب الحديثين يدركان كنه بعض الحالات التي فقط تنتظر معجزة الخالق الشافي، مثل المراحل المتقدمة من تفشي السرطانات بشكل عام». وأكد أن «حالة المريض لم تكن متأخرة فقط وإنما متأخرة جداً. غير أن الوسيط الساعي لتحقيق مبالغ مالية وعمولة، اجتهد في توفير مستشفى آخر غير ذاك الذي رفض استقبال الحالة، مستشفى لا يقل مستوى مبادئ العمل فيه عن ممارسة العمل، وافق بمعالجة الحالة بكل إحاطاتها، وسرعان ما انطفأ نور الأمل الذي أشرق على الأبناء والبنات». وتساءل «لماذا حرم المرحوم من إلقاء النظرة الأخيرة لأبنائه وبناته؟ هل كل ذلك مقابل خدمات المطار وترجمة التقرير المعد أساساً باللغة الإنجليزية أم ماذا؟».أكــدت مصادر لـ«الوطـن»، أن «اتفاقيــة التعاقــد مـــع جمال حجاج، لم تكن مهضومة أو سهلة البلع لبعض المسؤولين»، مضيفة أن من عرفوا باللعبة لم يوافقوا على توقيع الاتفاقية، وحتى لا يكون هناك حرج عليهم، قدموا إجازات عزوفاً عن توقيع غير مقتنعين به، غير أن المتحمسين دفعوا باتجاه توقيع الاتفاقية». وأوضحت المصادر، أن «مزاعم «الصحة» بأنها لا تتكبد أي مقابل لهذه الخدمات التي يقوم بها الوسيط تبدو مثيرة للضحك والسخرية، سيما وأن تلك المؤسسات العلاجية، ستضمن للوسيط كافة أتعابه من خلال رفعها لقيمة العلاج الذي تدفعه وزارة الصحة من ميزانيتها». علماً أن جمال حجاج مفوض في التعامل مع أي مستشفى أو مركز آخر خارج نطاق المستشفيات والمراكز المتفق عليها في الاتفاقية الموقعة معه، وذلك في حالة ما إذا تم تغيير أو نقل المرضى لهذه المستشفيات أو المراكز، بشرط أن يتم التغيير أو التبديل أو النقل بموافقة وزارة الصحة، وحينئذ تتحمل الوزارة تكاليف الخدمات المقدمة من شركة حجاج بناء على ما يتم الاتفاق عليه بينهما.وكان وزير الصحة قال في أبريل 2012، أي قبل خمسة أشهر من توقيع الاتفاقية، إن: «الميزانية المرصودة المعتمدة مازالت خمسة ملايين دينار، وأضاف رداً على سؤال نيابي «سيتم الطلب من وزارة المالية زيادتها لتتناسب مع المصروفات الفعلية المتوقعة»، مشيراً إلى أن المصروف الفعلي لهذا البند حتى نهاية شهر فبراير 2012 بلغ 839.200 دينار».وذكر من جانب آخر، أنه «تم وضع خطة لزيارة المستشفيات، والمراكز الصحية التي يتم إرسال المرضى لها لتقييمها والتأكد من مستوى العلاج فيها».